في جهاد الصحابة.. الحلقة الرابعة والثلاثون.. الزبير بن العوام – 2
في جهاد الصحابة..
الحلقة الرابعة والثلاثون.. الزبير بن العوام – 2
بقلم المهندس مجدي سالم
خامسًا.. في فضل الزبير.. آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين طلحة بن عبيد الله قبل الهجرة.. وآخى بعدها بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش.. والزبير أحد العشرة المبشرين بالجنة.. وأحد ستة مات الرسول وهو عنهم راض.. لذلك اختاره عمر بن الخطاب في الستة الذين يصلحون بعده للخلافة..
1-5 وكان الزبير ذا كرم فياض لصدق إيمانه.. وقد ورث اليسار والغنى والمتاجر.. وقيل: أنه كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج.. فلا يدخل بيت ماله منهم درهم واحد فكان ينفقه كله في سبيل الله حتى مات مديناً.. فأوصى ابنه عبد الله أن يقضي عنه دينه قائلاً له: “إذا أعجزك دين فاستعن بمولاي”.. فسأله عنه فقال: “الله.. نعم المولى ونعم النصير”.. فيقول ابنه: ” فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلاّ قلت: يا مولى الزبير.. أقض دينه فيقضيه الله”..
2-5 الزبير بن العوام ركن قوي في بناء دعائم الإسلام.. وفيٌّ أبيٌّ كريمٌ.. فارس شجاع قوي لا يهاب الموت.. فهو كما تقدم.. شهد بدراً.. وشهد أحداً وفيها ندبه الرسول مع أبي بكر لتعقب جيش قريش الراجع إلى مكة.. ولما رأت قريش ذلك ظنت أنه طلائع للمسلمين.. وأنها أساءت تقدير خسائرهم.. فأسرعت نحو مكة..
3-5 وثبت عن الزبير أنه قال: جمع لي رسول الله أبويه مرتين.. يوم أحد ويوم قريظة.. فقال: ارم!! فداك أبي وأمي!! وروت صفية أن قوله تعالى: ” الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح” (آل عمران) إنما نزل فيه وفي أبي بكر..
4-5 وشهد الخندق والحديبية وخيبر والفتح وحنيناً والطائف.. وفتح الشام فكان على الكراديس في معركة …. وذكر أيضاً أنه شهد فتح مصر.. وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر وقد ساعد ذلك المسلمين كثيراً لما في شخصيته من الشجاعة والحزم.. ولما مات عمر بن الخطاب كان الزبير من الستة أصحاب الشورى الذين عهد عمر إلى أحدهم بشؤون الخلافة من بعده.. وشهد الجابية مع أمير المؤمنين عمر.. فلا عجب بعد هذا أن يضرب به المثل.. فيقال: أفرس من الزبير بن العوام..
5-5 ومن مواقفه العظيمة ما رواه البخاري في صحيحه من حديث هشام بن عروة عن أبيه.. قال: قال الزُّبير: لقيتُ يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص.. وهو مدجَّج لا يُرى منه إلاَّ عيناه.. وهو يكنى أبا ذات الكرش.. فقال: أنا أبو ذات الكرش.. فحملت عليْه بالعنزة(الحربة) فطعنْتُه في عينه فمات.. قال هشام: فأخبرتُ أنَّ الزُّبير قال: لقد وضعتُ رجْلي عليه.. ثمَّ تمطَّأت.. فكان الجهد أن نزعْتُها وقد انثنى طرفاها.. قال عرْوة: فسأله إيَّاها رسولُ الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – فأعطاه.. فلمَّا قُبض رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – أخذها.. ثمَّ طلَبها أبو بكر فأعطاه.. فلمَّا قُبض أبو بكر سألها إيَّاه عمر فأعطاه إيَّاها.. فلمَّا قُبض عمر أخذها.. ثمَّ طلبها عثمانُ منْه فأعطاه إيَّاها.. فلمَّا قتل عثمان وقعتْ عند آل عليّ.. فطلبها عبدالله بن الزبير فكانتْ عنده حتَّى قُتل..
6-5 فمِن مواقفه العظيمة ما رواه البخاريُّ ومسلم من حديث جابر – رضِي الله عنْه – أنَّ النَّبيَّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال يوم الأحزاب: ((مَن يأتينا بخبر القوم؟)).. فقال الزبير: أنا.. ثمَّ قال: ((مَن يأتينا بخبر القوم؟)).. فقال الزبير: أنا.. ثمَّ قال: ((مَن يأتينا بخبر القوْم؟)).. فقال الزبير: أنا
سادسا.. في روايته للحديث.. كان حريصًا على ملازمة رسول الله.. إلا أنه لم يروِ الكثير من الأحاديث.. فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.. عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ : مَا لِي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا؟! قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.. وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً “مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ”.. (منقول)..
سابعا.. في موقعة الجمل ومقتل الزبير.. فلعل من أهم ما يثبت رجاحة عقل الزبير وتبصره بالأمور موقفه في يوم الجمل.. وكان قد قدم البصرة من المدينة مع أم المؤمنين عائشة وطلحة بن عبيد الله مناوئاً الإمام علياً ومخالفاٍ إياه.. وكان من قبل قد بايعه بالخلافة.. ومن بعد دارت رحى الخيل ولقي علي بن أبي طالب الزبير بن العوام في ساحة القتال فذكّره علي بحديث رسول الله من أنه سيقاتله وهو ظالم له.. فنفض يديه من القتال.. ثم اعتزل الحرب.. وقفل راجعاً إلى المدينة.. فتبعه نفر من تميم أرادوا دوام الفتنة.. واشتعال القتال بين المسلمين.. فقد قتله عمرو بن جرموز غدراً وخلسة.. حين كمن له بوادي السباع من نواحي الكوفة.. وأعانه فضالة بن حابس.. ثم سلب سيف الزبير.. ومضى به إلى الإمام علي.. ووقف بالباب يستأذن.. فصاح الإمام «بشر قاتل ابن صفية النار». وحين أدخل سيف الزبير عليه.. قبله وبكى قائلاً: «سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله»..
أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.