في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة السادسة عشر بعد المائة.. سليط بن عمرو العامرى.. “سفير فوق العادة”
أولا.. مقدمة.. ليس لدينا تفاصيل كثيرة عن حياه سليط بن عمرو رضي الله عنه.. لكنه يتبوأ هذا المركز في التقديم لإنه سبق العديد من مشاهير الصحابة بالسبق إلى الإسلام.. فقد أسلم قبل عمرو بن الخطاب رضي الله عنه.. وقبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم.. ويأتي هو وشقيقه السكران بن عمرو ضمن قائمة السابقين إلى الإسلام في معظم التراجم..
وهو.. من حيث النسب.. سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب العامري.. اخو سهيل والسكران ابني عمرو..
- وقد أعقب من الولد الصحابي سليط بن سليط بن عمرو.. وأمه هي فاطمة بنت علقمة العامرية..
ثانيا.. في هجرته.. كان سليط بن عمرو من المهاجرين الاولين ممن هاجر الهجرتين.. إلى الحبشة في الهجرة الثانية أولا.. ومعه امرأته فاطمة بنت علقمة في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.. ولم يذكره موسى بن عُقْبة وأبو معشر في الهجرة إلى أرض الحبشة.. ثم الهجرةالثانية.. إلى”المدينة المنورة” والتي كان يطلق عليها “يثرب” قبل أن يسميها رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الإسم..
ثالثا.. في جهاده رضي الله عنه عدة روايات.. - فقد ذكره الواقديّ وأبو معشر في البدريين.. أي ممن شهدوا بدرا.. ولم يذكره موسى بن عقبة في البدريين حسب كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة)..
- وقد شهد موقعة أحد.. وجميع المشاهد بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..
- وذكره ابن إسحاق ذكره فيمن استُشهد باليمامة.. وكذا ذكره ابن الكلبيّ.. حسب “الإصابة في تمييز الصحابة”.. وكذا قال الطبقات الكبير أنه شهد سَليط أحُدًا والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم..
رابعا.. سليط سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم.. - فهو الذي بعثه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى هَوْذَة بن علي الحنفيّ.. وإلى ثمامة بن أثال الحنفيّ.. وهما رئيسا اليمامة.. وذلك في سنة ستّ أو سبعٍ.. وقد ذكر الواقديّ وابن إسحاق إرسالَه إلى هوذة.. وبينما زاده ابنُ هشام وإلى ثمامة أيضا.. فلما قدم سليط على هوذة بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مختوما.. انزله وحياه وقرأ عليه الكتاب. وقد ذكرت السيرة ما كان من الكتاب وعما حدث في تسليمه.. فكانت فحوى الكتاب كما يلي..
“بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد رسول الله الى هوذة بن علي.. سلام على من اتبع الهدى.. واعلم ان ديني سيظهر الى منتهى الخف والحافر.. فأسلم تسلم.. وأجعل لك ما تحت يديك”.. - فلما قرأ سليط عليه الكتاب قال له: يا هوذة انك سودتك اعظم حائلة (أي بالية) وارواح في النار.. وإنما السيد من متع بالايمان ثم زود بالتقوى.. إن قوما سعدوا برأيك فلا يتقون به وإني آمرك بخير مأمور به.. وانهاك عن شيء منهي عنه.. آمرك بعبادة الله وانهاك عن عبادة الشيطان.. فإن في عبادة الله الجنة.. وفي عبادة الشيطان النار.. فإن قبلت نلت ما رجوت وأمنت ما خفت.. وان أبيت فبيننا وبينك كشف الغطاء وهول المطلع..
- فقال هوذة: يا سليط.. سودني من لو سودك شرفت به.. وقد كان لي رأي اختبر به الامور ففقدته.. فموضعه من قلبي هواء.. ماجعل لي فسحة يرجع الى فيها رأيي فأجيبك به ان شاء الله..
- ثم كتب هوذة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال.. “ما أحن ما تدعو إليه وأجمله.. وأنا شاعر قومي وخطيبهم.. والعرب تهاب مكاني فاجعل لي بعض الامر اتبعك”..
- ثم أجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر.. فقدم سليط بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك.. ودفع اليه كتابه.. فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه قال:
- ” لو سألني شبابة من الارض (أي حجر) ما فعلت.. باد وباد ما في يده”..
- ثم حدث بعد فتح مكة.. أن جاء جبريل عليه السلام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. مات هوذة..
فأخبر صلى الله عليه وسلم صحابته وقال: ” أما أن اليمامة سيخرج بها كذاب يدعي النبوة.. يقتل بها بعدي”.. فقال قائل: يا رسول الله من يقتله.؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “انت وأصحابك”.. فحدث ما ذكره صلى الله عليه وسلم من ارتداد بعضهم.. ثم حرب المؤمنين معهم في اليمامة.. واليمامة من قرى نجد.. وتقع جنوب بادية الشام.. وتشتمل على وسط جزيرة العرب بين الحجاز والأحساء.. وهى بلاد كثيرة النخل.. - وهوذة الحنفي.. هو هوذة بن علي بن ثمامة وينتسب إلى مرة ابن الدول الحنفي.. وكان له تاج عظيم فلقب بذي التاج صاحب اليمامة.. وهو خطيب بني حنيفة قبيل الإسلام وفي العهد النبوي.. كان ذا قدر عال في قومه.. فأشترط أن يكون له إمارة عندما يسود الإسلام.. فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كما تقدم..
خامسا.. في استشهاده.. أستشهد سليط بن عمرو في معركة اليمامة.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.