في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سالم
الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائة.. أبو هريرة.. ( أبو الرواة ) – 1
أولا.. مقدمة.. وفي نسبه:
- لم يكن أبو هريرة من السابقين في الإسلام.. لكنه أبو الرواة للحديث النبوي الشريف.. وأغزر أهل الحديث علما.. وسيد الحفاظ للقرآن الكريم.. وهو من القراء المشهورين الذي حفظوا القرآن الكريم وعلَّموه التابعين.. فقد قال الإمام أبو عمرو الداني: (عرض أبو هريرة القرآن على أبي بن كعب).. أي كان أحفظ من أبي.. وذكر الذهبي في كتابه طبقات القراء أن أبا هريرة قرأ القرآن على أبي بن كعب.. وأخذ عنه القرآن من التابعين: الأعرج.. وأبو جعفر المدني يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة المشهورين.. وطائفة من القراء.. وذلك بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كما سنرى..
- هو الصحابي الجليل الحافظ المكثر.. المعروف بكنيته.. اختُلف في اسمه على نحو ثلاثين قولًا.. وأشهرها: عبد الرحمن بن صخر الدوسي.. من دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران.. من اليمن.. أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة.. وقدم المدينة مهاجرًا وسكن الصُّفَّة.. فقد كان فقيرا..
- كان اسمه في الجاهلية عبد شمس .. ولما أسلم سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن .. ولقد كان عطوفا على الحيوان .. وكانت له هرة .. يرعاها.. ويطعمها وينظفها وتلازمه فدعي أبا هريرة -رضي الله عنه- فهو إسم أطلقه عليه الصحابة..
- يتحدث أبو هريرة عن نفسه -رضي الله عنه- فيقول :” نشأت يتيما.. وهاجرت مسكينا.. وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني.. كنت أخدمهم اذا نزلوا.. وأحدو لهم اذا ركبوا.. وهأنذا وقد زوجنيها الله.. فالحمد لله الذي جعل الدين قواما.. وجعل أبا هريرة أماما “..
- يروي أبو هريرة ما حدث معه مرة في مجلس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “مَن يَبْسُطْ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شيئًا سَمِعَهُ مِنِّي” فَبَسَطْتُ ثَوْبِي حتَّى قَضَى حَدِيثَهُ.. ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إلَيَّ.. فَما نَسِيتُ شيئًا سَمِعْتُهُ منه.. ولعلّ هذا سبب الذاكرة القوي التي امتلكها أبو هريرة ولم يمتلكها غيره من الصحابة.. وهي إحدى معجزاته صلى الله عليه وسلم.. فكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار.. لاشتغال المهاجرين بالتجارة.. والأنصار بحوائجهم.. وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث”..
ثانيا.. في إسلامه.. قدم الى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع للهجرة وهو بخيبر وأسلم.. ومنذ رأى الرسول الكريم لم يفارقه لحظة ..وأصبح من العابدين الأوابين.. يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله .. فيقوم هو ثلثه.. وتقوم زوجته ثلثه.. وتقوم ابنته ثلثه.. وهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة ..
ثالثا.. في إسلام أم أبي هريرة.. فلم يكن لأبي هريرة بعد اسلامه الا مشكلة واحدة وهي أمه التي لم تسلم.. وكانت دوما تؤذيه بذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسوء .. فذهب يوما الى الرسول باكيا :” يا رسول الله.. كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى علي.. واني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره.. فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة الى الاسلام “.. فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :” اللهم اهد أم أبي هريرة”.. فخرج يعدو يبشرها بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلما أتاها سمع من وراء الباب خصخصة الماء .. ونادته :” يا أبا هريرة مكانك “.. ثم لبست درعها.. وعدلت من خمارها وخرجت تقول:” أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله”.. فجاء أبوهريرة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- باكيا من الفرح وقال :” أبشر يا رسول الله .. فقد أجاب الله دعوتك .. قد هدى الله أم أبي هريرة الى الاسلام”.. ثم قال :” يا رسول الله .. ادع الله أن يحببني وأمي الى المؤمنين والمؤمنات”.. فقال : “اللهم حبب عبيدك هذا وأمه الى كل مؤمن ومؤمنة”..
رابعا.. أبو هريرة من أهم أهل الصفة.. فبعد هجرة المسلمين من مكّة إلى المدينة المنورة ظهرت مشكلة اقتصاديّة -إن صحّ التعبير- عند بعض المهاجرين الذي فرّوا بدينهم من البطش والجور وطغيان جبابرة المشركين.. فهم لم يحملوا معهم شيئًا من متاع الدنيا.. وبخاصّة أنّ معظم من خرج من المهاجرين هم من الفقراء.. أو ممن استولت قريش على أموالهم حال خروجهم.. فكانوا يقيمون تحت حائط القبلة الأولى في المسجد النبوي.. وكان هذا الحائط قبلة المسلمين قبل أن تُحوّل إلى الكعبة.. فبعد تحويل القبلة سُقِفَ هذا الحائط وأُطلِقَ عليه اسم الظُّلّة أو الصُّفَّة.. وكان عدد أهل الصفّة حوالي سبعين.. وكان منهم أبو هريرة وأبو ذر الغفاري وواثلة بن الأسفع وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.