في جهاد الصحابة.. الحلقة السادسة والثمانون.. أبو ذر الغفاري.. “يمشي وحيدا.. ويموت وحيدا” (4)
في جهاد الصحابة..
الحلقة السادسة والثمانون.. أبو ذر الغفاري.. “يمشي وحيدا.. ويموت وحيدا” (4)
بقلم/ مجدي سـالم
- تنويه.. تذخر ترجمة الصحابي الجليل بالروايات وذلك لثراء شخصيته.. وتعدد الأحداث في حياته.. حتى أنه راح ينسب إليه العديد من المحدثين من معتقدهم فألصقوا بعض فكرهم به.. مثل من ألصقوا به “الإشتراكية”.. و”الصوفية”.. الخ..
سابعا.. بقية.. في جهاد أبي ذر الغفاري..
حديث: ( رحم الله أبا ذر.. يمشي وحيدا.. ويموت وحيدا.. ويبعث وحيدا ).. هذا الحديث روي من طريقين:
الرواية الأولى: وفيها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.. قال رواة الحديث..
( لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون:يا رسول الله ! تخلف فلان.. فيقول: دعوه.. إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه . حتى قيل: يا رسول الله ! تخلف أبو ذر.. وأبطأ به بعيره . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه.. إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه..
فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه.. فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره.. فخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا.. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله.. ونظر ناظر من المسلمين.. فقال: يا رسول الله.. هذا رجل يمشي على الطريق.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كن أبا ذر”.. فلما تأمله القوم.. قالوا: يا رسول الله.. هو والله.. أبو ذر.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رحم الله أبا ذر.. يمشي وحده.. ويموت وحده.. ويبعث وحده”.. وسارت الأيام..
ثم اختلف أبو ذر مع معاوية بن أبي سفيان في الشام.. فسير أبو ذر إلى المدينة ثم إلى الربذة.. فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه إذا مت فغسلاني وكفناني.. ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق.. فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر..
- فلما مات فعلوا به كذلك فاطلع ركب.. فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره.. فإذا به عبد الله بن مسعود (وفيه قول) في رهط من أهل الكوفة..
- فقالوا: ما هذا ؟ فقيل: جنازة أبي ذر.. فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي.. ثم قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “يرحم الله أبا ذر.. يمشي وحده.. ويموت وحده.. ويبعث وحده”.. فنزل فوليه بنفسه حتى أجَنَّه – أي: دفنه – فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان بن عفان رضي الله عنه قول عبد الله بن مسعود.. رواه ابن إسحاق في ” المغازي ” – كما في مختصرها ” والسيرة النبوية ” لابن هشام (2/524)– ومن طريقه الحاكم في ” المستدرك ” (3/51).. ومن طريقه البيهقي في ” دلائل النبوة ” (5/221-222) عن بريدة بن سفيان الأسلمي – في إسناد الحاكم: يزيد بن سفيان.. وهو تصحيف -.. عن محمد بن كعب القرظي.. أنه رواه ابن مسعود رضي الله عنه به.. وقد قال الحاكم رحمه الله: ” هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه “.. وقال ابن كثير رحمه الله: إسناده حسن ولم يخرجوه “.. ” البداية والنهاية ” (5/13)..
- والأقرب للصواب أنه إسناد ضعيف بسبب بريدة بن سفيان.. قال فيه البخاري: فيه نظر.. وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث . وقال الدارقطني: متروك . انظر: ” تهذيب التهذيب ” (1/433)..
- ولم يقبله بعض أهل العلم المعاصرين بالانقطاع ما بين محمد بن كعب القرظي وعبد الله بن مسعود.. ولكن لعل الصواب أنه متصل.. فقد أثبت السماع أبو داود – كما في ” تهذيب التهذيب ” (9/373) -.. وصحح الترمذي حديثا قال فيه محمد بن كعب: سمعت عبد الله بن مسعود.. وقال العلائي: هذا هو الصحيح . ” جامع التحصيل ” (ص/268).. وانظر: ” السلسلة الصحيحة ” للشيخ الألباني (رقم/3327)..
- وقيل.. فيكتفى بالعلة الأولى في تضعيف الحديث.. وقد اختلف فيه على ابن إسحاق.. فرواه ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” (66/216) من طريقه أيضا ولكن مرسلا من غير ذكر ابن مسعود.. وفيه: عن ابن إسحاق.. عن بريدة بن سفيان ومحمد بن كعب القرظي قالا – فذكره.. ورواه ابن عساكر أيضا في ” تاريخ دمشق ” (66/217) من طريق سيف بن عمر.. عن إسماعيل بن رافع.. عن محمد بن كعب مرسلا أيضا . (تحقيق الحديث منقول)
نستكمل عن نفس الحديث عن نفس الصحابي رضي الله عنه.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.