في جهاد الصحابة الحلقة السادسة والستون بعد المائة سعد بن عبادة حامل راية الأنصار 4… مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة السادسة والستون بعد المائة.. سعد بن عبادة.. (حامل راية الأنصار) – 4
ثامنا.. في يوم فتح مكة.. بقية..
بعد هذا التناظر بين سعد بن عبادة وأبي سفيان بن حرب.. أنشد ضرار بن الخطاب يومئذ: )الخفيف( يقول..
يَـا نَبِـيَّ الهُدَى إِلَيـْكَ لَجَا جَـيُّ قُـريـشٍ وَلَـاتَ حَيْـنَ لَجَـاءِ
حِيـنَ ضَاقَتْ عَـلَيهِمُ سَــعَةُ الأرْضِ وَعَادَاهُــمُ إِلَهُ السَّــمَاءِ
وَالْتَقَتْ حَلْقَتَا البِطَانِ عَلَى القَوْمِ وَنُـودُوا بِالصَّيْـلَجُونِ وَالـبَطْـحَاءِ
خَـزْرَجِـيُّ لَـوْ يَسْتَطِيـعُ مِنَ الغَيْـيظِ رَمَانَـا بِـالِّـسـرِ وَالـعَوَّاءِ
وَغِرُ الـصَّدْرِ لَـا يَـهِمُّ بِـشَـيْءٍ غَيْرِ سَفْكِ الدِّمَا وَسَبْيِ النِّسَــاءِ
قَدْ تَلَظَّى عَلَى البِطَاحِ وَجَاءَتْ عَـنْـهُ هِـنْـدٌ بِـالـسَّوْءَةِ الـسَّوآءِ
إِذْ تُنَادِى بِذُلِّ حَيِّ قُرَيـشٍ وَابْنُ حَـرْبِ بِذَا مِنَ الشُّهَدَاءِ
فَلِئِـنْ أَقْحَمَ اللِّـوَاءَ وَنـــَادَى يَـا حُمَاةَ اللِّـوَاءِ أَهَلَ اللِّـوَاءِ
ثُـمَّ ثَـابَتْ إِلَيهِ مَـنْ بِهِمُ الخَـزْرَجُ وَالأَوْسُ أَنْجُمُ الـهَيْجَـاءِ
لَتَـكُـونَــنَّ بِـالبِطـَاحِ قُـرَيـشٌ فَقْعَةَ الـقَـاعِ فِـي أَكُــفِّ الإِمَاءِ
فَانْهِيْنَهُ فَإِنـَّهُ أَسَدُ الأُسْــدِ لَدَى الغَابِ وَالِــغٌ فِي الدِّمَاءِ
إِنَّـهُ مُطْـرِقٌّ يُرِيـدُ لَنَا الأَمْــرَ سُكُـوتًـا كَـالحَيَّةِ الصَّمَّـاءِ
- وانظر إلى حكمته صلى الله عليه وسلم .. وكيف احتوى الأمر.. خاصة وأنه قد أسلم أبو سفيان.. فقد أرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة فنزع اللَّواء من يده وجعله بيد قيس ابنه.. فقد رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عن سعد بن عبادة إذ صار إلى ابنه..
- وأبى سعد أَن يسلّم اللّواء إلا بأمارةٍ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فأرسل إليه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعمامته فعرفها سعد.. فدفع اللّواء إِلى ابنه قيس.. (هكذا ذكر يحيى بن سعيد الأمويّ في السيّر ولم يذكر ابن إسحاق هذا الشّعر ولا ساق هذا الخبر)..
- وفي رواية أنه صَلَّى الله عليه وسلم أعطى الرّاية الزَّبير إذ نزعها من سعد.. ورُوي أيضًا أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم أمر عليًا فأخذ الرّاية فذهب بها حتى دخل مكّة فغرزها عند الركن..
تاسعا.. في وفاة سعد بن عبادة.. - تخلّف سعد بن عبادة عن بَيْعَة أبي بكر رضي الله عنه.. وقال يوم السقِيفة بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
“يا معشر الأنصار.. لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب؛ إن محمدًا لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل.. وتوفاه الله وهو عنكم راضٍ وبكم قرير عين.. استبدوا بالأمر دون الناس؛ فإنه لكم دون الناس”.. - كان سعد بن عبادة بموقفه هذا يستجيب في صدق لطبيعته وسجاياه .. فهو كما ذكرنا شديد التثبت باقتناعه.. وممعن في الاصرار على صراحته ووضوحه .. ويدلنا على هذه السجيّة فيه.. موقفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيد غزوة حنين .. فحين انتهى المسلمون من تلك الغزوة ظافرين.. راح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوزع غنائمها على المسلمين .. واهتم يومئذ اهتماما خاصا بالمؤلفة قلوبهم.. وهم أولئك الأشراف الذين دخلوا الاسلام من قريب.. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساعدهم على أنفسهم بهذا التألف.. كما أعطى ذوي الحاجة من المقاتلين .. وقال للأنصار مقولته الشهيرة..
“ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير.. وترجعوا أنتم برسول الله الى رحالكم .؟ فوالذي نفسي بيده.. لولا الهجرة لكنت امرء من الأنصار.. ولو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار .. اللهم ارحم الأنصار .. وأبناء الأنصار .. وأبناء أبناء الأنصار”.. هنالك بكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم .. - ثم خرج من المدينة ولم يعد إليها إلى أَنْ مات بحوران من أرض الشّام لسنتين ونصف مضَتا من خلافة عمر رضي الله عنه وذلك سنة خمس عشرة.. وقيل سنة أربع عشرة. وقيل: بل مات سعد ابن عبادة في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة. ولم يختلفوا أنه وُجد ميتًا في مغتسله.. (ولم نورد هنا ما قيل أنه قد قتله الجن) ..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.