في جهاد الصحابة الحلقة السادسة والعشرون بعد المائة عبد الله بن حذافة السهمى “قبلوا رأسه”1… مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة السادسة والعشرون بعد المائة.. عبد الله بن حذافة السهمي.. “قبلوا رأسه” -1
أولا.. مقدمة.. وفي نسبه..
- هو “أبو حذافة”.. أو “أبو حذيفة”.. عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي.
- وأمه تميمة بنت حرثان من بني الحارث بن عبد مناة من السابقين الأولين.. يقال: شهد بدرًا.. وإن لم يذكره موسى بن عقبة.. ولا ابن إسحاق ولا غيرهما من أصحاب المغازي..
- هو أحد السابقين إلى الإسلام.. وإن لم يذكر ترتيبه بين السابقين.. هاجر إلى الحبشة عندما اشتد إيذاء قريش للمسلمين.. ثم إلى المدينة المنورة.. وقد شهد بدرا وإن لم يذكره بعض المؤرخين فيها.. وشهد أحدا وباقي المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هو سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى..
- أشتهر بشخصيته الداعبة وخفة الظل رضي الله عنه.. وله مواقف خالدة وثبات رائع مع كسرى الفرس ومع قيصر الروم أثبتها له التاريخ الإسلامي.. وأثبتها له خليفة الإسلام عمر بن الخطاب..
ثانيا.. مواقفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. - عبد الله بن حذافة هذا هو من سأل الرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “سلوني عما شئتم”.. وكان جليا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مقصده أن أسألوني عن أمور دينكم.. إلا أن عبد الله قال بروح المداعبة.. قال: من أبي؟ فقال: “أبوك حذافة بن قيس”.. فقالت له أمه معاتبة: ما سمعت بابن أعق منك.. آمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية.. فتفضحها على أعين الناس.؟ فقال: والله لو ألحقني النبي بعبد أسود للحقت به..
- عن أبي هريرة أن عبد الله بن حذافة صلى فجهر بصلاته.. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ناج ربك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك”.. - فيروي عبد الله بن وهب عن الليث عن سعد قال: بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره.. حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقع..
قال ابن وهب: فقلت لليث: ليضحكه.؟ قال: نعم كانت فيه دعابة.. - وعن أنس بن مالك.. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر.. فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورًا عظامًا ثم قال: “من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا”. فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول: “سلوني”.. فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال: من أبي؟ قال: “أبوك حذافة”.. ثم أكثر أن يقول: “سلوني”.. فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا فسكت.. ثم قال: “عرضت عليَّ الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط فلم أرَ كالخير والشر”..
ثالثا.. قصة عبد الله بن حذافة مع كسرى: - أما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث طائفة من أصحابه بكتب إلى ملوك الأعاجم يدعهم فيها إلى الإسلام.. فقد انتدب عليه الصلاة والسلام ستة من الصحابة ليحملوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم.. وكان أحد هؤلاء الستة عبد الله بن حذافة السهمي.. فقد اختير لحمل رسالة النبي صلوات الله عليه إلى كسرى ملك الفرس.. فجهز عبد الله بن حذافة راحلته.. وودع صاحبته وولده.. ومضى إلى غايته وحيدًا ليس معه إلا الله.. حتى بلغ ديار فارس.. فاستأذن بالدخول على كسرى.. وأخطر الحاشية بالرسالة التي يحملها له.. عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين.. ودعا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا.. ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه..
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس مرتديًا شملته الرقيقة.. مرتديًا عباءته الصفيقة.. عليه بساطة الأعراب.. لكنه كان عالي الهامة.. مشدود القامة تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام.. وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان.. فما إن رآه كسرى مقبلاً حتى أومأ إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال: إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه لك يدًا بيد وأنا لا أخالف أمرًا لرسول الله.. فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدنو مني.. فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده.. ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًّا من أهل الحيرة وأمره أن يفض الكتاب بين يديه.. وأن يقرأه عليه فإذا فيه: “بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس.. سلام على من اتبع الهدى..” فما أن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره.. فاحمرَّ وجهه.. وانتفخت أوداجه لأنَّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه.. فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا.. وهو عبدي؟! (والله ماكان عبده وكا ينبغي له) ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.