في جهاد الصحابة.. الحلقة ٢٠٨ سراقة بن مالك.. “سواري كسرى” -1
في جهاد الصحابة..
الحلقة الثامنة بعد المائتين.. سراقة بن مالك.. “سواري كسرى” -1
بقلم/ مجدي سـالم
أولا.. مقدمة.. وفي نسبه..
- سراقة بن مالك بن جُعشم بن مالك بن عمرو بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة الكناني المدلجي.. وقد ينسب إلى جده.. يكنى (أبا سفيان)
- لم يكن سُراقة بن مالك- رضي الله عنه- قد أسلم عندما هاجر النبي.. صلّى الله عليه وسلّم.. من مكة المكرمة قاصداً المدينة المنورة على الإسلام.. بل إنّه كان ممّن خرج في طلب النبي صلّى الله عليه وسلّم..
- ويذكر سراقة بن مالك عندما يذكر حادثة الهجرة.. ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم التي أبهرت وقهرت سراقة.. فقد ترك جائزة قريش التي كانت عبارة عن مائة من الإبل.. وهي ثروة باهظة بمقاييس ذلك العصر..
- كان سراقة بن مالك أحد الصّحابة الأجلّاء الذين لاقوا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وجالسوه..
- ويروى أنه أسلم بعد فتح مكّة.. وأنه توفي في خلافة عثمان بن عفان.. رضي الله عنه..
ثانيا.. سراقة في الجاهلية..
كان سراقة سيدا في قبيلة مدلج الكنانية.. وشريفا من أشراف العرب.. وكان يطعم الجائع ويؤمن الخائف ويجير المستجير.. وهو أيضا شاعر مخضرم.. وهو القائل لأبي جهل.. وهو يشهد بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم:
أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا لِأمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسُوخُ قَوَائِمُهْ
عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحمَّدًا رَسُولٌ بِبْرهَانٍ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهْ
عَلَيْكَ بِكَفِّ القَوْمِ عَنْهُ فإِنَّنِي أَرَى أَمْرَهُ يَوْمًا سَتَبْدُو مَعَالِمُهْ
بِأَمرٍ يَوَدُّ النَّاسُ فِيهِ بِأَسْرِهمْ بِأَنَّ جِميعَ النَّاسِ طُرًّا يُسَالِمُه…… (نص منقول)
ثالثا.. في حديث الهجرة وإسلام سراقة.. عدة روايات:
- رواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه- عن البراءِ قال: اشترى أَبو بكر الصديق.. من عازب.. سَرْجًا بثلاثةَ عشر درهمًا.. فقال له أَبو بكر: مُرِ البراءَ فليحمله إِلى منزلي.. فقال: لا.. حتى تحدثنا كيف صنعت لما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأَنت معه.؟ فقال أَبو بكر:
( خرجنا فأَدْلَجْنا فأَحيينا ليلتنا ويومنا… وذكر الحديث إِلى أَن قال: فارتحلنا والقوم يطلبوننا.. فلم يدركنا إِلا سراقة بن مالك بن جُعْشُم.. على فرس له.. فقلت: يا رسول الله.. هذا الطلب قد لحقنا..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم.. “لَا تَحْزَنْ.. إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”..
حتى إِذا دَنَا منَّا قَدْرَ رمح أَو رمحين ـــ قلت: ( يا رسول الله.. هذا الطلب قد لحقنا.. وَبَكيت) ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم “لِمَ تَبْكِي”.؟ قال: قلت: (واللّه ما أَبكي على نفسي.. ولكني أَبكي عليك) .. قال: فدعا عليه فقال صلى الله عليه وسلم..” اللَّهُمَّ.. اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ”..
فساخت فرسه إِلى بطنها في أَرض صَلْد.. ووثب عنها.. وقال: يا محمد.. قد علمت أَن هذا عملك.. فادع اللّه أَن ينجيني مما أَنا فيه.. فواللّه لأَعُمِّيَنَ على مَنْ ورائي من الطَلَب.. فدعا له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فأَطلق.. ورجع إِلى أَصحابه.. - رواية سراقة بن مالك رضي الله عنه.. روى عبد الرحمن بن مالك بن جُعْشم.. عن عمه سراقة بن جعشم قال: لما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من مكة إِلى المدينة مُهاجرًا.. جعلت قريش فيه – أي في رسول الله صلى الله عليه وسلم- مائة ناقة لمن رَدّه عليهم.. وذكر حديث طَلَبه.. وما أَصاب فرسَه.. وأَنه سقط عنه ثلاث مرات.. قال: فلما رأَيت ذلك علمت أَنه – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- ظاهر.. فناديت: أَنا سراقة بن مالك بن جعشم.. أَنظروني أُكلمْكُم.. فواللّه لا أَريبكم ولا يأْتيكم مني شيءٌ تكرهونه..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأَبي بكر.. ” قل له: ما تبتغي منا.؟” فقال لي أَبو بكر..
فقلت: تكتب لي كتابًا يكون آية بيني وبينك.. فكتب لي كتابًا في عَظْم.. أَو في رقعة أَو خزفة.. ثم أَلقاه.. فأَخذته.. فجعلته في كنانتي.. ثم رجعت فلم أَذكر شيْئًا مما كان.. حتى إِذا فتح اللّه على رسوله مكة.. وفرغ من حنين والطائف.. خرجت.. ومعي الكتاب لأَلقاه.. فلقيته بالجِعِرَّانة.. فدخلت في كتيبة من خيل الأَنصار.. فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون: إِليك إِليك.. ماذا تريد؟ حتى دَنَوتُ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. وهو على ناقته.. واللّه لكأَني أَنظر إِلى ساقه.. في غَرْزِه كأَنه جُمَّارة.. فرفعت يدي بالكتاب.. ثم قلت: يا رسول الله.. هذا كتابك لي.. وأَنا سراقة بن مالك بن جُعْشم.. فقال رسول الله: “هَذَا يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ.. أَدْنِهِ”.. فدنوت منه.. فأَسلمت.. ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.