في جهاد الصحابة.. الحلقة 210 سراقة بن مالك “سواري كسرى” -3
في جهاد الصحابة..
الحلقة / 210.. سراقة بن مالك.. “سواري كسرى” -3
بقلم/ مجدي سـالم
رابعا.. نكمل.. في رواية سراقة بن مالك للحديث النبوي..
- والحديث برواية أخرى.. حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ .. قال حدثنا أَبُو الْمَعَالِي الْحَرَّانِيُّ .. قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ .. عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ .. عَنْ زَيْدِ بْنِ أُنَيْسَةَ .. عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ .. عَنْ جَابِرٍ .. قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ .. فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ .. ثُمَّ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَقَالَ : مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ سَاقَ هَدْيًا فَلْيَحِلَّ , وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً .. قُلْنَا : حِلُّ مَاذَا يَا رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ .. فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ .. وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ .. وَتَطَيَّبْنَا الطِّيبَ .. فَقَالَ نَاسٌ : يَحِلُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ .. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَقَامَ فِينَا كَالْمُغْضَبِ .. فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ .. وَلَوْ عَلِمْتُ أَنْ تَقُولُوا ذَلِكَ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ .. فَاسْتَجِيبُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ . فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ .. فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ .. عُمْرَتُنَا هَذِهِ الَّتِي أَمَرْتَنَا بِهَا , لِعَامِهَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ سُرَاقَةُ : حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ دِينِنَا كَأَنَّنَا خُلِقْنَا الْآنَ .. أَفِي شَيْءٍ جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ , وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَوْ فِيمَا يُسْتَأْنَفُ ؟ قَالَ : بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ .. وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ .. فَقَالَ سُرَاقَةُ : فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : اعْمَلُوا , فَكُلُّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى .. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }… منقول…
- روى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ .. قال حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ .. قال حدثنا فِرْدَوْسٌ الْأَشْعَرِيُّ .. قال حدثنا مَسْعُودُ بْنُ سُلَيْمَانَ .. عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ .. عَنْ طَاوُسٍ .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .. عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ .. عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ” دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ”… منقول…
خامسا.. حزن سراقة يوم موت الرسول صلى الله عليه وسلم..
- كان سراقة أول اليوم جاهداً في مطاردة الرسول صلى الله عليه وسلم.. وفي آخر اليوم كان مدافعاً عنه..} وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ{ ]المدثر:31].. والغريب أيضاً أن سراقة مع إحساسه بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يسلم إلا بعد فتح مكة وحنين.. ولم يمض على لقاء سراقة بن مالك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه غير بضعة أشهر.. حتى اختار الله نبيه إلى جواره.. فحزن عليه سراقة أشد الحزن.. وجعل يتراءى له ذلك اليوم الذي همّ فيه بقتله من أجل مائة ناقة.. وكيف أن نوق الدنيا كلها قد أصبحت اليوم لاتساوي عنده قلامة من ظفر النبي.. وجعل يردد مقولته له.. ” كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى.. دون أن يخامره شك في أنه سيلبسهما”..
سادسا.. تفصيل ما كان من عمر بن الخطاب..
- جاء الفاروق رضوان الله عليه.. وهبت جيوش المسلمين في عهده على مملكة فارس.. وفي ذات يوم من أواخر أيام خلافة عمر.. قدم على المدينة رسل سعد بن أبي وقاص يبشرون خليفة المسلمين بالفتح.. ويحملون إلى بيت مال المسلمين الفيء الذي غنمه المجاهدون في سبيل الله.. فلما وضعت الغنائم بين يدي عمر.. كان فيها تاج كسرى المرصع بالدر.. وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب.. ووشاحه المنظوم بالجواهر.. وسواراه اللذان لم ترى العين مثلهما قط.. وما لا حصر له من النفائس الأخرى.. فجعل عمر يقلب هذا الكنز الثمين بقضيب كان في يده.. ثم التفت إلى من حوله وقال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء.. فقال له علي بن أبي طالب.. وكان حينئذ حاضراً: ( إنك عففت فعفّت رعيتك يا أمير المؤمنين.. ولو رتعت لرتعوا( ..
- وهنا دعا الفاروق رضوان الله عليه سراقة بن مالك.. فألبسه قميص كسرى وسراويله وقباءه وخفّيه وقلده سيفه ومنطقته.. ووضع على رأسه تاجه وألبسه سواريه.. ثم التفت عمر إلى سراقة بن مالك وقال: بخ بخ.. أُعَرابي من بني مدلج على رأسه تاج كسرى وفي يديه سواراه؟ ثم رفع عمر بن الخطاب رأسه إلى السماء وقال: ( اللهم إنك منعت هذا المال رسولك.. وكان أحب إليك مني وأكرم عليك.. ومنعته أبا بكر.. وكان أحب إليك مني وأكرم عليك.. وأعطيتنيه فأعوذ بك أن تكون قد أعطيتنيه لتمكر بي) … ثم لم يقم من مجلسه حتى قسمه بين المسلمين..
سابعا.. في وفاته رضي الله عنه..
- وكان سراقة ينزل قُدَيدًا.. ويعد في أَهل المدينة.. ويقال: سكن مكة.. روى عنه ابن عباس وجابر بن عبد الله.. وسعيد بن المسيّب.. وطاوس.. ومات سراقةُ بن مالك بن جعشم سنة أَربع وعشرين في صَدر خلافة عثمان.. وقيل: إنه مات بعد عثمان.. أراكم على خير إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.