في جهاد الصحابة.. الحلقة 216 أبو موسى الأشعري “مزامير داوود” -6
في جهاد الصحابة..
الحلقة / 216.. أبو موسى الأشعري.. “مزامير داوود” -6
بقلم/ مجدي سـالم
ثالث عشر.. أبو موسى الأشعري والإمارة..
- بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عاد أبو موسى من اليمن إلى المدينة.. ليحمل مسئولياته مع جيوش الاسلام.. وفي عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة بعد عزل المغيرة.. فجمع أهلها وخطب فيهم قائلاً: “إن أمير المؤمنين عمر بعثني إليكم.. أعلمكم كتاب ربكم.. وسنة نبيكم.. وأنظف لكم طرقكم”.. فدهش الناس لأنهم اعتادوا أن يفقههـم الأمير ويثقفهـم.. ولكن أن ينظـف طرقاتهم فهذا ما لم يعهـدوه أبدًا.. فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر -رضي الله عنه-.. كما أن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- ولاه الكوفة.. قال الأسود بن يزيد: “لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- أعلم من عليّ بن أبي طالب والأشعري”..
رابع عشر.. في جهاد أبو موسى الأشعري..
- كان الأشعري يحمل مسئولياته في استبسال حتى كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه: ” سيد الفوارس أبو موسى”.. ويقول أبو موسى عن قتاله: ( خرجنا مع رسول الله في غزاة.. نقبت فيها أقدامنا.. ونقبت قدماي.. وتساقطت أظفاري.. حتى لففنا أقدامنا بالخرق) ..
- أثناء فتوحات فارس.. هبط الأشعري وجيشه على أهل أصبهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم.. لكنهم أرادوا أن يأخذوا الفرصة للإعداد لضربة غادرة.. ولكن فطنة أبي موسى كانت لهم بالمرصاد.. فعندما هموا بضربتهم وجدوا جيش المسلمين متأهبًا لهم.. ولم ينتصف النهار حتى تم النصر الباهر للمسلمين..
- وفي موقعة تستر أبلى أبو موسى الأشعري البلاء الحسن.. وكانت عام (20 هـ) – فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر.. وحاصرها المسلمون أيامًا عدة.. حتى أعمل أبو موسى فيهم الحيلة.. فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة.. ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الحصن ثم انقض أبو موسى بجيشه.. واستولى على قلاعهم في ساعات.. واستسلم قائد الفرس.. فأرسله أبو موسى إلى المدينة لينظر الخليفة في أمره.. كما تقدم..
خامس عشر.. في علمه وما روى الأشعري من حديث..
كان رضي الله عنه كثير الملازمة للنبي – صلى الله عليه وسلم.. كما أنه تلقى من كبار الصحابة كعمر وعلى وأبىّ بن كعب وعبد الله بن مسعود.. وتأثر أبو موسى على وجه الخصوص بعمر بن الخطاب كثيرًا.. حتى عده الشعبي واحدًا من أربعة أشهر قضاة الأمة.. فقال: قضاة الأمة: عمر.. وعلى.. وزيد بن ثابت.. وأبو موسى..- عن أبى موسى الأشعري قال: كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفر.. وكان القوم يصعدون ثنية أو عقب.. فإذا أصعد الرجل قال: لا إله إلا الله.. والله أكبر – أحسبه قال بأعلى صوته – ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – على بغلته يعترضها في الجبل.. فقال صلى الله عليه وسلم.. “أيها الناس.. إنكم لا تنادون أصمَّ ولا غائبًا”.. ثم قال.. “ياعبد الله بن قيس – أو يا أبا موسى – ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله”..
- إستعمل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبا موسى على زبيد وعدن.. وأرسله مع معاذ إلى اليمن.. فعن أبى موسى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما بعثه ومعاذا إلى اليمن.. قال لهما.. ” يَسَّرا ولا تُعسَّرا وتطاوعا ولا تنفرا”.. فقال له أبو موسى: إن لنا بأرضنا شرابًا.. يصنع مع العسل يقال له التبغ.. ومن الشعير يقال له: المزر.. فقال صلى الله عليه وسلم.. ” كل مسكر حرام”..
سادس عشر.. وفاة أبو موسى الأشعري..
عن الضحاك بن عبد الرحمن قال: دعا أبو موسى فتيانه حين حضرته الوفاة فقال: اذهبوا فاحفروا وأوسعوا وأعمقوا.. فجاؤوا فقالوا قد حفرنا وأوسعنا وأعمقنا فقال: والله إنها لإحدى المنزلتين إما ليوسعن علي قبري حتى يكون كل زاوية منه أربعين ذراعًا ثم ليفتحن لي باب إلى الجنة.. فلأنظرن إلى أزواجي ومنازلي وما أعد الله عز وجل لي من الكرامة ثم ليصيبني من ريحها وروحها حتى أبعث.. ولئن كانت الأخرى ونعوذ بالله منها ليضيقن علي قبري حتى أكون في أضيق من القناة في الزج ثم ليفتحن لي باب من أبواب جهنم.. فلأنظرن إلى سلاسلي وأغلالي وقرنائي ثم ليصيبني من سمومها وحميمها حتى أبعث.. توفي أبو موسى سنة اثنتين وخمسين وقيل اثنتين وأربعين وقيل أربع وأربعين.. وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دومًا: “اللهم أنت السلام.. ومنك السلام”.. ودفن بمكة وقيل دفن بالثوية على ميلين من الكوفة..
.. ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.