في جهاد الصحابة الحلقة 234 رفاعة بن عبد المنذر بن رفاعة
في جهاد الصحابة..
الحلقة/ 234.. رفاعة بن عبد المنذر بن رفاعة.. “التوبة إلى الله”
بقلم/ مجدي سـالم
أولا.. في نسبه.. مقدمة..
- الثابت أن المؤرخين قد ذكروا أن من بين من حضر العقبة رفاعة بن عبد المنذر.. لكن اختلف المؤرخون حول شخص رفاعة.. وعما إذا كان هو نفسه الملقب “بأبي لبابة”.. فقال أبو نعيم الأصبهاني أن “رفاعة” و”أبو لبابة “شخص واحد.. بينما فرّق بينهما ابن منده وابن سعد وابن إسحاق وابن الكلبي..
- روى أبو نعيم وأبو موسى بإسنادهما.. عن عروة.. فيمن شهد العقبة من الأنصار ثم من بني ظفر.. واسم ظفر كعب بن الخزرج: رفاعة بن عبد المنذر بن رفاعة بن دينار بن زيد ابن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف.. ورفاعة هذا قد شهد بدرًا.. وذكر ظفر هنا غير صحيح..
- وأخرج أبو نعيم وأبو موسى أيضًا.. عن ابن شهاب في تسمية من شهد بدرًا من الأنصار من الأوس.. ثم من بني عمرو بن عوف من بني أمية بن زيد: رفاعة بن عبد المنذر..
والرواية أخرجها أبو نعيم وأبو موسى.. وقال أبو موسى: كذا أورده أبو نعيم في ترجمة مفردة عن “أبي لبابة” وتبعه أبو زكرياء بن منده.. وإنما فرق بينهما كشخصين لأن “أبا لبابة” قيل أنه لم يشهد بدرًا.. لأن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رده من الطريق لما سار إلى بدر.. بل وأمَّره على المدينة.. وضرب له بسهمه فيمن حضروا بدرا.. بينما هذا الرجل الذي في هذه الترجمة قد ذكر عروة بن الزبير وابن شهاب أنه شهد بدرًا.. وهذا الراوي يحتمل أن من قال إنه شهد بدرًا أنما أراد حيث ضرب له بسهمه وأجره.. فكان كمن شهدها.. - كان رفاعة ممن ارتبط في سارية في المسجد النبوي توبة لله تعالى.. وفيها روايتين كما سيأتي..
ثانيا.. ما جاء بشأنه (نقلا عن دار الإفتاء في مصر) :
- “أبو لبابة” هوالصحابي رفاعة بن عبد المنذر رضي الله عنه.. كان نقيبًا من الأوس.. شهد العَقَبَةَ..
- وسار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة بدرٍ.. فردَّه إلى المدينة فاستخلفه عليها.. وبعد انتصار المسلمين ورجوعهم بالغنائم.. ضرب له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنصيبه وأجره.. واعتُبر كأنه شهد غزوة بدر.. لأنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي ردَّه واستخلفه على المدينة..
ثم عن تفاصيل توبته رضي الله عنه..
- في رواية.. أنه قد ارتكب أبو لبابة فعلًا اعتبره هو خيانةً لله ورسوله.. حيث إنَّ يهود بني قريظة بعد خيانتهم لرسول الله والمسلمين في غزوة الأحزاب – اتَّجه رسولُ الله بالمسلمين لمحاصرتهم وعقابهم على تحالفهم مع المشركين.. بالرغم من إقامتهم في المدينة ومعاهدتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فبعث بنو قريظة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنِ ابعث إلينا أبا لُبابَةَ ابْن عبد المنذر.. لإنهم كانوا حلفاء الأوس -الذين ينتمي إليهم أبو لبابة-.. نستشيره في أمرنا.. فأرسله رسولُ الله إليهم.. فلما رأوْه قام إليه الرجال.. وجهش إليه النِّساء والصِّبيان يبكون في وجهه.. فَرَقَّ لهم.. وقالوا له: “يا أبا لبابة.. أترى أن ننزل عَلَى حُكمِ محمد؟” فقال: “نعم”.. – وأشار بيده إِلَى حلقه-.. أي أنَّه الذَّبْح..
وأنه قال أبو لبابة: ” فوالله ما زالت قدماي ترجفان حين عرفتُ أنِّي قد خُنْتُ اللهَ ورسولَه”.. ثم انطلق عَلَى وجهه.. ولم يأتِ رَسُولَ اللهِ حتى ارتبط في المسجد إِلَى عمودٍ من أعمدته.. وقال: “لا أبرح مكاني حتى يتوب الله عليَّ مما صنعت”.. وعاهدَ اللهَ ألَّا يَطَأَ بني قريظة أبدًا.. فلما بلغ رسولُ اللهِ خبرَه.. -وكان قد استبطأه- قال: «أَمَا لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ.. فَإِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ مَا أَنَا بِالَّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ».. فنزل قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة: 102). - وفي الرواية الأخرى: أنَّ هذه الآيةَ نزلت في “أبي لُبابَة” فعلا.. ولكن بسبب تخلُّفه عن غزوةِ تَبُوكٍ.. فربط نفسه بِسارِيَة -عامود-.. فقال: “والله لا أُحلُّ نفسي منها.. ولا أذوق طعامًا ولا شرابًا.. حتى أموت أو يتوب الله عليَّ”.. فمكث سبعة أيام لا يذوق طعامًا ولا شرابًا.. حتى خرَّ مغشيًّا عليه.. ثم تاب الله عليه.. ثم قيل له: “قد تيب عليك يا أبا لبابة”.. فقال: “والله لا أحلُّ نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو يَحُلُّنِي”.. فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحَلَّه بيده.. ثم قال أبو لبابة: “يا رسول الله.. إنَّ مِن توبتي أن أهجُر دار قومي التي أصبت فيها الذنب.. وأن أنخلعَ من مالي كلِّه صدقةً إلى الله وإلى رسوله”..
وأنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: «يُجزِيكَ يَا أَبَا لُبَابَةَ الْثُّلُثُ».. وذلك بعد أن رفض النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أبي لبابة ومن تخلَّف معه عن غزوة تبوك أموالًا.. وقال: «مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ أَمْوَالَكُمْ».. - فنزل قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (التوبة: 103) .. فُشرِعَ للنَّبي أن يأخذ من أموالهم هذه الصدقة التي أرادوا بها التكفير عن تقصيرهم وتخلفهم عن الغزو.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.