في جهاد الصحابة..الحلقة 303 “حاطب بن أبي بلتعة”..”يا لمن شهدوا بدرا”-2… بقلم مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة / 303 “حاطب بن أبي بلتعة”..”يا لمن شهدوا بدرا”-2
رابعا.. في قصة حاطب ومعجزة نبوية..
1- برواية ولده..
فعن إسحاق بن راشد.. عن الزهري.. عن عروة.. عن عبد الرحمن بن حاطب : أن أباه كتب إلى كفار قريش كتابا.. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير.. فقال :
“انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب فائتياني به”.. فلقياها.. وطلبا الكتاب.. وأخبراها أنهما غير منصرفين حتى ينزعا كل ثوب عليها . قالت : ألستما مسلمين ؟ قالا : بلى.. ولكن رسول الله حدثنا أن معك كتابا.. فحلته من رأسها.. قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا حتى قرئ عليه الكتاب..
فاعترف.. فقال صلى الله عليه وسلم: “ما حملك.؟” قال : كان بمكة قرابتي وولدي.. وكنت غريبا فيكم معشر قريش.. فقال عمر.. ائذن لي – يا رسول الله – في قتله.. قال: “لا.. إنه قد شهد بدرا.. وإنك لا تدري.. لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم.. فإني غافر لكم”.. إسناده حسن وأصله في ” الصحيحين “..
2- برواية علي بن أبي طالب..
يقال أنه شهد الله تعالى له بالإيمان في قوله تعالى..” يآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآء” ]الممتحنة- 1] الآية.. وسبب نزول هذه الآية ما أخبرنا إسماعيل بن عبيد اللّه.. وغير واحد.. بإسنادهم عن محمد بن عيسى.. أخبرنا ابن أبي عمر.. أخبرنا سفيان.. عن عمرو بن دينار.. عن الحسين بن محمد.. عن عبيد اللّه بن أبي رافع قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. يقول: بعثنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنا والزبير بن العوام.. والمقداد.. فقال صلى الله عليه وسلم..”
انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ؛ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ.. فَخُذُوهُ مِنْهَا.. فَائْتِونِي بِهِ”..
فخرجنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة.. فإذا نحن بالظعينة.. فقلنا: أخرجي الكتاب.. فقالت: ما معي من كتاب.. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنجردن الثياب..قال: فأخرجته من عِقَاصها..
قال: فأتينا به رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة.. يخبرهم ببعض أمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم.. فقال له صلى الله عليه وسلم..”مَا هَذَا يَا حَاطِبُ”؟
قال: لا تعجل عليّ يا رسول الله.. إني كنت امرأ ملصقًا في قريش.. ولم أكن من أنفسها.. وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة.. فأحببت إذ فاتني ذلك من نسب فيهم أن أتخذ فيهم يدًا يحمون بها قرابتي.. وما فعلت ذلك كفرًا وارتدادًا عن ديني.. ولا رضاء بالكفر.. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “صَدَقَ”.. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضربْ عنق هذا المنافق.. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؛ فَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ!. قال: وفيه نزلت هذه السورة..” يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ”.. وقد رواه أبو عبد الرحمن السلمي.. عن علي بن أبي طالب.. وكان سبب هذا الكتاب أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما أراد أن يغزو مكة عام الفتح.. دعا الله تعالى أن يُعَمِّيَ الأخبار على قريش.. فكتب إليهم حاطب يعلمهم بما يريده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من غزوهم.. فأعلم الله رسوله بذلك.. فأرسل عليًا والزبير.. فكان ما ذكرناه.. حسب ما جاء في أسد الغابة..
- ذكره في روايات لجابر ولأبي هريرة..
حدّثنا أحمد بن قاسم حتى أبي الزّبير.. عن جابر: أنَّ عَبْدًا لحاطب جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يشتكي حاطبًا.. وقال: يا رسول الله.. ليدخلنّ حاطبٌ النّارَ. فقال رسولُ الله ـــ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـــ: ”كَذَبْتَ.. لَا يَدْخُلُ النّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا.. وَالحُدَيْبِيّةَ”.. وروى الأعمش.. عن أبي سفيان.. عن جابر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثله.. وروى يحيى بن أبي كثير.. عن أبي سلمة.. عن أبي هريرة قال: جاء غلام لحاطب بنِ أبي بَلْتَعة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.. فقال: لَا يَدْخُلُ حَاطِبٌ الجنَّةَ- وكان شديدًا على الرّقيق- فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم..”لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالحُدَيْبِيَةَ”.. قال أبو عمر رضي الله عنه: ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه هذا من أَنَّ حاطبًا كان شديدًا على الرّقيق.. يشهد له ما في الموطّأ من قول عُمَر لحاطب حين انتحر رقيقهُ ناقةً لرجلٍ من مُزَيْنة: أراك تُجيعهم.. وأضْعفَ عليه القيمة على جهة الأَدَبِ والرَّدْع.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.