في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 443 .. خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله – 9 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 443 .. خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله – 9
بقلم / مجدي سـالم
رابع عشر.. في تحقيق حديث السلب..
قال الراوي.. أخبرنا الوليد بن مسلم.. قال: حدثني صفوان بن عَمْرو.. عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير.. عن أبيه.. عن عوف بن مالك الأشجَعِيّ.. قال:
- خرجت مع مَن خرج مع زَيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مُؤْتَةَ.. وَرَافَقَني مَدَدِيّ من اليمن ليس معه شيء غير سيفه.. فَنَحَرَ رجلٌ من المسلمين جَزُورًا.. فسأله المَددِيّ طائفة من جلده.. فأعطاه إياه.. فاتخذه كهيئة الدّرق..
- ومضينا فلقينا جُموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرجٌ مُذْهَبٌ وسلاحٌ مُذْهَبٌ.. فجعل الروميّ يَفْرِي بالمسلمين.. فقعد له المَدَدِيّ خَلْفَ صخرةٍ.. فَمرّ به الروميّ فَعَرْقَبَ فرسَه.. فخَرَّ وعلاه بالسيف فقتله.. وحاز فَرسَهُ وسِلاَحَه..
- فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد.. فأخذ منه السَّلَب..
- قال عوفٌ: فأتيتهُ فقلت: يا خالد.. أما عَلمتَ أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. قضى بالسَّلَب للقاتل.؟
- قال: بَلَى. ولكني استكثرته.. فقلت: لَتَرُدَّنَّهُ إليه أو لَأُعَرِّفَنَّنكُمَا عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فأبى أن يردّ عليه..
- قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله فقصصنا عليه قِصَّةَ المَدَدِيّ.. وما فعل خالد..
- فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “يا خالد.. ما حَمَلكَ على ما صنَعْتَ؟ “
- فقال يا رسول الله استكثرتُه..
- فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. يا خالد رُدَّ عليه ما أخذتَ..
قال عوف فقلت: دونك يا خالد.. أَلَمْ أَفِ لك؟ - فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “وما ذاك؟” فأخبرته.. فغضب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. وقال: “يا خالد.. لا تردّه عليه.. هل أنتم تاركون لي أُمَرائي؟ لكم صفوةُ أمرِهم وعليهم كدره…
قال الوليد بن مسلم: سألت ثور بن يزيد.. عن هذا الحديث فحدثني عن خالد بن معدان.. عن جُبير بن نُفَير.. عن عوف بن مالك الأشجعيِّ بنحوٍ من ذلك.. والجزء الأخير من الحديث منكر..
خامس عشر.. قراءة في غزوة مؤتة..
- يقول د. راغب السرجاني.. في قصة الإسلام.. في سنة 8هـ أي 629م قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتجهيز ثلاثة آلاف مقاتل لمواجهة جيش الرومان في غزوة مؤتة.. ولم يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الغزوة أميرًا واحدًا.. بل عين ثلاثة من الأمراء.. وهم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب.. وعبد الله بن رواحة..
- وقال صلى الله عليه وسلم ” إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ”.. وقد أخرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الجيش البطل الإسلامي خالد بن الوليد رضي الله عنه.. ولم يكن مر على إسلامه إلا ثلاثة أشهر فقط..
- وخرج الرسول بنفسه لتوديع الجيش.. وحرص على ألا تخرج الحرب الإسلامية عن ضوابطها الشرعية.. وأن يلتزم المسلمون تمامًا بأخلاقهم حتى في أشد حروبهم.. حيث كان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ.. قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ.. اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا.. وَلَا تَغْدِرُوا.. وَلَا تَمْثُلُوا.. وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»..
- بعد أن وصل الجيش الإسلامي إلى مؤتة وجد أن الدولة الرومانية أعدت جيشًا هائلًا عدده مائة ألف مقاتل.. وأعد العرب النصارى الموالين للرومان مائة ألف مقاتل أيضًا.. فصار مجموع جيوش العدو مائتي ألف مقاتل.. ومع هذا العدد الكبير رأى المسلمون أن القتال أمر ممكن.. وأن النصر أمر محتمل.. يقول الله عز وجل في كتابه: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:249]..
وذكر سبحانه وتعالى أيضًا في سورة الأنفال ما معناه أن الجيش المؤمن قادر على مواجهة عشرة أضعافه إن كان قوي الإيمان حقاً.. قال سبحانه وتعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} [الأنفال:65].. - وسقط زيد.. زيد بن حارثة.. بدأت معركة مؤتة.. وهي بحق أشرس موقعة في السيرة النبوية.. أمواج بشرية هائلة من الرومان ونصارى العرب تنساق إلى أرض مؤتة.. ورجال كالجبال من المسلمين يقفون ثابتين في واجهة أقوى قوة في العالم آنذاك.. وارتفعت صيحات التكبير من المسلمين.. وحمل الراية زيد بن حارثة رضي الله عنه وأرضاه.. وأعطى إشارة البدء لأصحابه واندفع كالسهم رضي الله عنه وأرضاه صوب الجيوش الرومانية.. ومع ارتفاع الغبار في أرض المعركة.. وارتفاع أصوات السيوف وصرخات الألم سقط أول شهداء المسلمين والبطل الإسلامي العظيم والقائد المجاهد زيد بن حارثة رضي الله عنه..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.