في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 444 .. خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله”-10 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 444 خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله”-10
بقلم / مجدي سـالم
خامس عشر.. قراءة في غزوة مؤتة.. نكمل
سقط زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. سقط مقبلًا غير مدبر بعد رحلة جهاد طويلة جدًا.. حيث كان رضي الله عنه من أقدم الصحابة إسلامًا.. فقد كان صغيرًا في الجاهلية.. واشترته خديجة بنت خويلد فوهبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين تزوجها.. فتبناه النبي قبل الإسلام وأعتقه واستمر الناس يسمونه زيد بن محمد حتى نزلت آية {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يبعثه في سرية إلا جعله أميرًا عليها وكان يحبه ويقدمه حتى اُستشهد
جعفر بن أبي طالب.. الطيار..
هو أخو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ويقال له جعفر الطيار.. وهو من السابقين إلى الإسلام.. وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية.. فلم يزل هنالك إلى سنة 7هـ.. فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم وحمل الراية في مؤتة بعد استشهاد زيد بن حارثة وكان عمره عندئذ أربعين سنة.. ونزل عن فرسه وقاتل قتالًا لم ير مثله.. حيث تقدم صفوف المسلمين وأكثر الطعن في الرومان فتكالبوا عليه وقطعوا يمينه فحمل الراية بشماله لكيلا تسقط فقطعوا شماله أيضًا.. فاحتضن الراية إلى صدره.. وصبر حتى وقع شهيدًا وفي جسمه نحو تسعين طعنة ورمية.. فقيل: إن الله عوضه عن يديه جناحين في الجنة.. فروى البخاري: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا حيا ابن جعفر رضي الله عنه قال: “السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ”.. كما جاء في البخاري أيضًا: أن عبد الله بن عمر قال” أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ قَتِيلٌ فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ” أي: ليس منها شيء في ظهره.. فهو لم يفر ولو للحظة واحدة رضي الله عنه وأرضاه.. بل من أرض المعركة إلى الجنة مباشرة.. لا يسير فيها بل يطير.. روى الطبراني بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت جعفر بن أبي طالب.. ملكًا يطير في الجنة»..
عبد الله بن رواحة.. من تمنى الشهادة..
حمل الراية بعد جعفر بن أبي طالب بطل ثالث ألا وهو عبد الله بن رواحة.. ذلك المجاهد الشاب الذي شهد العقبة مع السبعين من الأنصار.. وكان أحد النقباء الاثني عشر وشهد بدر وأحد والخندق والحديبية.. واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في إحدى غزواته.. وصحبه في عمرة القضاء.. حمل الراية رضي الله عنه.. وكان يدفع الناس دفعًا للقتال ويحمس المسلمين على طلب الشهادة وكان يتمنى ألا يعود إلى المدينة.. بل يقتل شهيدًا في أرض المعركة.. وقاتل عبد الله بن رواحة قتالًا عظيمًا مجيدًا حتى قُتل رضي الله عنه.. فأخذ الراية رجل من الأنصار ومشى بها إلى خالد بن الوليد.. فقال له خالد: لا آخذها منك أنت أحقّ بها فقال الأنصاري والله ما أخذتها إلا لك..
خالد بن الوليد.. كان لها ونعم..
لما حمل خالد بن الوليد الراية نجح في التراجع بالجيش تدريجيًا حتى سحب الجيش بكامله وعاد به إلى المدينة المنورة سالمـًا.. وسمّي هذا نصرًا وفتحا باعتبار أنهم تخلصوا من أيدي الروم الذين كانوا مائتي ألف والمسلمون ثلاثة آلاف فقط.. وروى النسائي أنه لما أخذ الراية خالد بن الوليد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه ثم قال اللهم إنه سيف من سيوفك فانتصر به.. فمن يومئذ سمّي خالد بن الوليد سيف الله.. وكان خالد بن الوليد من أشراف قريش في الجاهلية.. وشهد مع مشركيهم حروب الإسلام إلى عمرة الحديبية.. وأسلم قبل فتح مكة سنة 7هـ ففرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبو بكر الصديق كان له صولات وجولات في قيادة الجيش..
يقول موقع صحابة رسولنا.. لما كان يوم مُؤتةَ وقُتل الأمراء أخذ اللواءَ ثابت بن أقرم وجعل يصيح: يَا لَلْأَنْصار.. فجعل الناس يثوبون إليه. فنظر إلى خالد بن الوليد فقال: خُذِ اللواءَ يا أبا سليمان.. قال: لا آخذه.. أنت أحق به.. لك سِنٌ وقد شهدتَ بدرًا. قال ثابت: خذْهُ أيها الرّجُلُ.. فواللهِ ما أخذتهُ إلا لك! وقال ثابت للناسِ: آصطلحتم على خالدٍ؟ قالوا: نعم..
فأخذ خالد اللواءَ فحملهُ ساعةً وجعلَ المسلمونَ يحملون عليه.. فثبتَ حتى تكَركَرَ المشركون.. وحمل بأصحابه فَفَضَّ جَمعًا من جمعهم.. ثم دهمه منهم بشرٌ كثيرٌ فانحاشَ بالمسلمين فانكشفوا راجعين.. ولما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “الآن حَمى الوطيسُ!”.. وخطب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فأعلم الناس بذلك كما ثبت في الصّحيح.. وفي البُخَارِيُّ عن خالد بن الوليد.. قال: لقد اندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعةُ أسياف.. فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية. ولما سمع أهل المدينة بجيش مُؤْتَةَ قادمين تلقّوهم بالجُرْفِ.. فجعلَ الناسُ يَحثُون في وجوههم التراب ويقولون: يا فُرّار.. أَفَررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “ليسوا بفُرّار.. ولكنهم كُرَّار إن شاء الله”.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.