في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 462 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-28 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 462 خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-28
بقلم / مجدي سـالم
جهاد خالد بن الوليد في خلافة عمر بن الخطاب..
- على الهامش.. ما كان مع المثنى بن حارثة في المدينة..
فبعد وفاة أبي بكر الصديق.. وبعد أن تم دفنه.. نادى عمر بن الخطاب في المدينة أن الصلاة جامعة.. فَجَمَعَ أهلَ المدينة ونادى في الناس للخروج مع “المثنى بن حارثة”.. إلى العراق.. فلم يستجب أحد لنداء عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. وكان هذا شيئًا عجيبًا وغريبًا على أهل المدينة ألا يستجيبوا لنداء الجهاد في سبيل الله.. ولم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه متوقعًا لهذا الأمر على الإطلاق.. فانتظر حتى صلاة الفجر وأَمَّ الناس في صلاة الفجر.. وبايعه الناس على الإمارة.. وأصبح هو أمير المؤمنين بعد هذه المبايعة من الناس.. فندب الناس للقيام بفتح فارس.. ولم يستجب أحدٌ أيضًا.. وظل يدعو الناس بعد كل صلاة مدة ثلاثة أيَّام.. ولم يستجب لندائه أحد!!
وكان هذا أيضا شيئًا غريبًا وعجيبًا..
يقول د. راغب السرجاني.. لكن ما نستطيع أن نفسِّر به هذا الموقف من المسلمين عدة أمور:
أولاً: لم يكن موجودٌ بالمدينة خمسين ألفًا من خيرة أهلها.. فقد خرج ثلاثون ألفًا لحرب الروم.. وعشرون ألفًا لحرب العراق.. ومن كان موجودًا -بلا شك- أقل درجة ممن ذهب للجهاد.. خاصة أن من خرج إنما خرج تطوعًا ولم يخرج مجبرًا.. ونذكر أن أبا بكر رضي الله عنه عندما أرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه قال له: “ولا تكره أحدًا على القتال معك”؛ ولأجل هذا فقد تركه بعض الناس قبل أن يصل إلى العراق. إذن فهؤلاء جميعًا إنما خرجوا متطوعين.. مما يدل على أفضليتهم وخيريتهم..
ثانيًا: ربما لم يستجب الناس حزنًا لوفاة الصدّيق رضي الله عنه.. فقد كانت المصيبة عظيمة.. ولا شك أن مصيبة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أعظم على المسلمين.. ورأينا أثرها على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ساعتها؛ فقد رفع سيفه وقال: من قال: إن محمدًا قد مات قطعت عنقه. وهذه المصيبة أيضًا كانت عظيمة على المسلمين؛ لأنهم توطدت أقدامهم في عهد أبي بكر رضي الله عنه.. والآن توفي أبو بكر ولم تطل مدة خلافته.. وكان عمر رضي الله عنه يبكي عليه ويقول: يا خليفة رسول الله.. لقد أتعبت من خلفك.. والله لا يشق أحد غبارك. ويبكي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيضًا كثيرًا على وفاة أبي بكر الصديق..
ثالثًا: نكرر.. أن تولِّي عمر بن الخطاب رضي الله عنه -مع شدته- قد أدخل المسلمين في حالة ترقب وخوف.. ولم يعرف المسلمون ما سيفعل.. حتى إن طلحة بن عبيد الله دخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقال له: يا خليفة رسول الله.. استخلفت عمر على المؤمنين وأنت ملاقٍ ربك.. وأنت تعلم ما به من الشدة وأنت معه.. فكيف إذا خلَّيْتَ بينه وبينهم؟.. وقد قصصنا هذا الموقف بالأمس.. وقول الصديق له: أباللهِ تخوفني! واللهِ إن سألني ربي عن عمر لقلت له: استخلفتُ خير أهلك على أهلك..
فهذه الأمور جعلت الناس تتردد في أمر الخروج مع المثنى بن حارثة رضي الله عنه. وكما نرى فالموقف من الصعوبة بمكان.. وكلما ندب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس لم يقمْ أحد؛ فقام المثنى بن حارثة رضي الله عنه في اليوم الرابع وخطب خطبة عظيمة في أهل المدينة وما حولها حيث جاء الناس لمبايعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الإمرة.. فخطب المثنى وقال لهم: يا أهل الاسلام مما تخافون! لقد ملَّكنا الله رقاب أهل فارس.. والله لقد تبحبحنا في ريفهم.. وجرَّأنا الله عليهم.. وكانت لنا الغلبة عليهم..
ومع هذا لم يقم أحد؛ فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: أين المهاجرون لموعود الله؟ لقد وعدكم الله أن يورثكم الأرض.. فأين المهاجرون إلى ميراث الأرض؟! أين عباد الله الصالحون؟! وبكى عمر رضي الله عنه.. فصاح رجل من المسلمين: أنا لها. رجلٌ واحد بعد كل هذه الصيحات المؤمنة من عمر رضي الله عنه! كان هذا الرجل هو أبو عبيد بن مسعود الثقفي.. من قبيلة ثقيف. وقبيلة ثقيف كانت تسكن في الطائف.. ونحن نعلم أن الطائف إحدى ثلاث مدن فقط ثبتت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ترتد..
وعلى قدر ما كانت تصيب الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته على قدر ما كانت الطائف خيرًا للمسلمين؛ فكان لها خير الثبات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.. وكان لها خير الثبات بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بخروج أبي عبيد بن مسعود الثقفي منها.. وقال: أنا لها. وبعد أن قام هذا الرجل قام رجل آخر يُسمَّى سعد بن عبيد.. وقال: أنا لها يا عمر. وكان من الأنصار ومن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ثم قام رجل ثالث وهو سليط بن قيس وهو من الصحابة القدامى من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد كل المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وانتظر المسلمون مدة دون أن يقوم أحد غير هؤلاء الثلاثة.. ثم تحركت النفوس وأوقع الله سبحانه وتعالى الإيمان في القلوب؛ فقام من المسلمين الكثير حتى وصل تعدادهم إلى الألف.. منهم ثلاثمائة من قبيلة ثقيف.. والباقي من أهل المدينة ممن شهدوا بدرًا.. وشهدوا المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..
نراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.