في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 468 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-34 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 468 خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-34
بقلم / مجدي سـالم
على الهامش.. المثنى والنعمان وسعد وعمرو يخلدون عمر بن الخطاب
وصلت أنباء ذلك النصر في البويب إلى “الفاروق” في “المدينة”.. فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس.. ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش.. ورشحوا له “سعد بن أبي وقاص” فأمره “عمر” على الجيش الذي اتجه إلى العراق حيث عسكر في “القادسية”.
وأرسل “سعد” وفدًا من رجاله إلى “بروجرد الثالث” ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب.. ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب.. فدارت الحرب بين الفريقين.. واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في “القادسية”.. ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة.. وقتل قائده “رستم”.. وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي.. فقد أعادت “العراق” إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة.. وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات..
الطريق من المدائن إلى نهاوند..
أصبح الطريق إلى “المدائن” عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين.. فأسرعوا بعبور نهر “دجلة” واقتحموا المدائن.. بعد أن فر منها الملك الفارسي.. ودخل “سعد” القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم.. وأرسل “سعد” إلى “عمر” يبشره بالنصر.. ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب..
وبعد فرار ملك الفرس من “المدائن” اتجه إلى “نهاوند” حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي.. فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه.. فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين.. فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى “نهاوند”..
ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس.. فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه “فتح الفتوح”.
فتح مصر..
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر.. خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في “القادسية” ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين.. واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا.. حيث تمكن “عمرو بن العاص” من فتح “مصر” في أربعة آلاف مقاتل.. فدخل العريش دون قتال.. ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها.. الرومية.. واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة “أرطبون” ثم حاصر “حصن بابليون” حتى فتحه.. واتجه بعد ذلك إلى “الإسكندرية” ففتحها.. وفي نحو عامين أصبحت “مصر” كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة..
ويقال أن كان فتح “مصر” سهلاً ميسورًا.. فإن أهل “مصر” ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين.. وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد.. وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة..
- فكيف كان عمر أمير المؤمنين..
كان “عمر بن الخطاب” نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة.. فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع.. والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم.. حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين.. ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها.. وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة..
وكان “عمر” عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين.. حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين.. في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين.. ولا يبقي لنفسه منه شيئا..
وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم.. فإن استغنيت عففت عنه.. وإن افتقرت أكلت بالمعروف..
وخرج يومًا حتى أتى المنبر.. وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل.. وكان في بيت المال آنية منه.. فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها.. وإلا فإنها علي حرام.. فأذنوا له فيها..
نعود إلى خالد بن الوليد في الشام.. فقد انتظرنا طويلا هناك.. فمعذرة أبا سليمان..
.. نراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.