في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 483 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-48 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 483 خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”-48
بقلم / مجدي سـالم
جهاد خالد بن الوليد في خلافة عمر بن الخطاب.. خالد في الشام
.. ندرس معركة اليرموك..
يكمل د. علي محمد الصلابي.. في سير المعركة..
وبذلك أراد فرسان الرُّوم مخرجاً لهم للفرار منه.. فأمر خالد عمرو بن العاص أن يفسح المجال لهم في طريق الهرب.. ففعل ذلك.. وهرب فرسان الروم.. وبذلك تحرَّك مشاة الرُّوم دون غطاء من خيالتهم.. فجاء المشاة إِلى الخنادق وهم مقيَّدون بالسَّلاسل حتَّى صاروا كأنَّهم حائط.. وقد هدم.. وجاءهم المسلمون إِلى خندقهم في ظلام الليل.. وأخذ معظمهم ينهار بالوادي فإِذا منهم شخصٌ قُتل سقط معه الجميع الذين كانوا مقيَّدين معه..
وقتل منهم المسلمون في هذه المرحلة خلقاً كثيراً قدر عددهم بمائة ألف وعشرين ألفاً.. والنَّاجون منهم قد انسحب منهم إِلى فحلٍ.. والقسم الآخر إِلى دمشق داخل بلاد الشام..
وثبت يومئذٍ يزيد بن أبي سفيان.. وقاتل قتالاً شديداً.. وذلك: أنَّ أباه مرَّ به.. فقال له: يا بنيَّ! عليك بتقوى الله.. والصَّبر.. فإِنَّه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين إِلا محفوفاً بالقتال.. فكيف بك وبأشباهك الَّذين ولوا المسلمين؟ أولئك أحقُّ النَّاس بالصَّبر والنَّصيحة.. فاتق الله يا بنيَّ! ولا يكونَنَّ أحدٌ من أصحابك بأغرب في الأجر.. والصَّبر في الحرب.. ولا أجرأ على عدوِّ الإِسلام منك. فقال: أفعل إِن شاء الله. فقاتل يومئذٍ قتالاً شديداً.. وكان من ناحية القلب ـ رضي الله عنه ـ.
- وقال سعيد بن المسيِّب عن أبيه.. قال: هدأت الأصوات يوم اليرموك فسمعنا صوتاً يكاد يملأ المعسكر يقول: يا نصر الله اقترب! الثَّبات.. الثبات.. يا معشر المسلمين! قال: فنظرنا فإِذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد.. وأخَّر النَّاس صلاتي العشاء حتَّى استقرَّ الفتح.. وأكمل خالدٌ ليلته في خيمة تذارف أخي هرقل ـ وهو أمير الرُّوم كلِّهم يومئذٍ ـ.. وهرب فيمن هرب.. وباتت الخيول تجول حول خيمة خالد يقتلون من مرَّ بها من الرُّوم حتَّى أصبحوا.. وقُتِلَ تذارف.. وكان له ثلاثون سرادقاً.. وثلاثون رواقاً من ديباج بما فيها من الفرش والحرير.. فلمَّا كان الصَّباح حازوا ما كان هنالك من الغنائم..
- وكان عدد شهداء المسلمين ثلاثة الاف بينهم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وشيوخ المسلمين.. وأقطابهم.. وممَّن استشهد من هؤلاء عكرمة بن أبي جهل.. وابنه عمرو.. وسلمة بن هشام.. وعمرو بن سعيد.. وأبان بن سعيد.. وغيرهم.. وكان عدد قتلى الروم مئة وعشرين ألفاً.. منهم ثمانون ألفاً مقيَّدون بالسَّلاسل.. وأربعون ألفاً مطلقون سقطوا جميعهم في الوادي.
لقد فرح المسلمون بهذا النَّصر العظيم.. وعكَّر ذلك الفرح وصول خبر وفاة الصِّدِّيق حيث حزنوا عليه حزناً شديداً.. وعوَّضهم الله تعالى بالفاروق ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ.. وقد كان البريد قد قدم بموت الصِّديق والمسلمون مصاف الرُّوم.. فكتم خالد ذلك عن المسلمين لئلا يقع في صفوفهم وهنٌ أو ضعفٌ.. فلمّا تم النصر وأصبحوا؛ أجلى لهم الأمر.. - عمر بن الخطاب وما كان من خالد بن الوليد..
- وكان الفاروق قد عيَّن أبا عبيدة بن الجراح بدلاً من خالد بن الوليد على جيوش الشَّام.. وتقبَّل خالد أمر الفاروق برحابة صدر.. وعزَّى المسلمين في خليفة رسول الله.. وقال لهم: الحمد لله الذي قضى على أبي بكرٍ بالموت وكان أحبَّ إِليَّ من عمر.. والحمد لله الَّذي ولَّى عمر.. وكان أبغض إِليَّ من أبي بكرٍ وألزمني حبَّه. وتولى أبو عبيدة القيادة العامَّة لجيوش الشَّام.
وممَّا قيل من الشعر في يوم اليرموك قول القعقاع بن عمرٍو:
ألمْ تَرنا على اليرموكِ فُزْنا كمَا فُزْنا بأيَّام العراق
وعذراء المدائنِ قَدْ فتَحْنَا ومرجَ الصفرِ بالجُرْد العِتَاق
فَتَحْنَا قَبْلَهَا بُصْرى وكانَتْ محرَّمَةَ الجنَاب لدى النُّعَاق
قَتَلْنَا مَنْ أَقَامَ لَـنَا وَفِيْنَا نهابُهُمُ بأسيافٍ رقاق
قتلنا الرُّومَ حَتَّى مَا تَسَاوَى عَلَى اليَرْمُوكِ مَعْرُوق الوراق
فضضنا جَمْعَهُمْ لمَّا اسْتَجَالوا على الواقون بالبَتْرِ الرِّقاق
غَدَاةَ تَهافتُوا فيها فَصَاروا إِلى أمرٍ يُعَضِّل بالذَّواق
وقد أصاب هرقل همٌّ.. وحزنٌ لما أصاب جيشه في اليرموك.. ولمَّا قدِمت على أنطاكية فلولُ جيشه؛
واسمع ما قال هرقل: ويلكم أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم.. أليسوا بشراً مثلكم؟ قالوا: بلى! قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كلِّ موطن. قال: فما بالكم تنهزمون؟! فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنَّهم يقومون الليل.. ويصومون النَّهار.. ويوفون بالعهد.. ويأمرون بالمعروف.. وينهون عن المنكر.. ويتناصفون بينهم. ومن أجل أنَّا نشرب الخمر.. ونزني.. ونركب الحرام.. وننقض العهد.. ونغصب.. ونظلم.. ونأمر بالسُّخط.. وننهى عمَّا يرضى الله.. ونفسد في الأرض. فقال: أنت صدقتني!.
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.