في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 532 ” عمرو بن العاص السهمي القرشي داهية العرب ” –9 بقلم / مجدي سـالم
سادس عشر.. جهاد عمرو بن العاص في حروب الردة..
- تقول دائرة المعارف الإسلامية.. إن الرِّدَّة كانت حركةً سياسيَّةً تعتمدُ على العصبيَّات القبليَّة.. في حقيقة الأمر.. ما يُمثلُ محاولة العودةً إلى نظام القبيلة وإلى استرجاع مُلكٍ أو سُلطانٍ فقده البعض..
وقد اتخذت هذه الحركة قناعًا زائفًا من الدين لِتستقل عن سُلطة المدينة المُنوَّرة.. فكان لا بُدَّ من الصِّدام المُسلَّح العنيف بينها وبين الإسلام.. وعلى هذا الأساس كانت حُرُوبُ الرِّدَّة دعوةً صريحةً للجهاد في سبيل الله.. - وقد حمل أبو بكر لواء الجهاد ضدَّ القبائل الانفصاليَّة ومُدعي النُبوَّة.. فجهَّز الألوية العسكريَّة وسلَّم قيادتها إلى عددٍ من القادة المُسلمين أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل.. وسيَّرهم إلى معاقل تلك القبائل حيثُ قاتلوهم بضراوةٍ شديدةٍ وقضوا على حركاتهم..
- وهنا بعض التفاصيل الهامة.. فقد وزَّع أبو بكر ألويته لتشمل كافَّة المناطق التي أعلنت ردَّتها وثورتها على حكومة المُسلمين في المدينة.. فجعل اللواء الأول بِقيادة خالد بن الوليد وأمره بقتال طُليحة بن خُويلد الأسدي وبنو أسد.. فإذا فرغ منه سار لِقتال مالك بن نويرة زعيم بني يربوع من تميم.
- وجعل اللواء الثاني بقيادة عِكرمة بن أبي جهل.. ووجَّههُ لِقتال مُسيلمة بن حبيب الحنفي في اليمامة..
- وجعل اللواء الثالث لشرحبيل بن حسنة وجعله مددًا لِعِكرمة في قتال مُسيلمة.. فإن انتهيا منه يلحق شرحبيل بقواته مددًا لعمرو بن العاص في قتال قضاعة.
- أمَّا اللواء الرابع.. فجعله أبو بكر للمُهاجر بن أبي أمية المخزومي لِقتال الأسود العنسي في اليمن ثم لِقتال عمرو بن معديكرب الزبيدي وقيس بن مكشوح المُرادي ورجالهما.. ومن بعدهم يُقاتل الأشعث بن قيس الكِندي وقومه..
- واللواء الخامس فكان لِسويد بن مقرن الأوسي لِقتال تهامة اليمن..
- والسَّادس للعلاء بن الحضرمي لِقتال الحطم بن ضبيعة زعيم بني قيس بن ثعلبة ومُرتدي البحرين..
- وكان اللواء السابع لحذيفة بن محصن لِقتال ذي التاج لقيط بن مالك الأزدي الذي ادعى النبوة في عُمان..
- والثامن لعرفجة بن هرثمة ووجَّهه إلى بلاد مُهرة..
- كما وجّه ثلاثة ألوية للشمال.. فجعل التَّاسع لعمرو بن العاص لقتال قضاعة.. والعاشر لمعن بن حاجز السُلميّ لِقتال بني سُليم ومن معهم من هوازن.. والأخير كان لخالد بن سعيد بن العاص ليستبرئ مشارف الشام..
وكانت النتيجة أن عاد أغلب زُعمائهم ومشايخهم إلى الدُخول في الإسلام.. وقُتل بعضهم الآخر في أرض المعركة. وبانتهاء حُرُوبِ الرِّدَّة.. توحَّدت كامل شبه الجزيرة العربيَّة تحت راية الإسلام..- - ويقول موقع قصة الإسلام.. أنه حين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم كان عمرو بن العاص في عُمان.. فأقبل حتى انتهى إلى البحرين فوجد المنذر بن ساوى في سكرات الموت.. ثم خرج عنه إلى بلاد بني عامر فنزل بقُرَّة بن هبيرة وهو متردد.. يقدم رِجلاً إلى الردة ويؤخر أخرى.. ومعه جيش من بني عامر.. فأكرم قُرَّة مثواه.. فلما أراد عمرو الرحيل خلا به قرة وقال: يا هذا.. إن العرب لا تطيب لكم نفسًا بالإتاوة.. فإن أعفيتموها من أخذ أموالها فتسمع لكم وتطيع.. وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم..
فقال عمرو: أكفرت يا قرة؟ أتخوفنا بالعرب؟! فوالله لأُوطِئَنَّ عليك الخيل في حفش أمك.. (والحفش: بيت ينفرد فيه النفساء).. - ثم مر بمسيلمة الكذاب فأعطاه الأمان.. فقال له عمرو: “اعرض لي ما تقول”.. فذكر مسيلمة بعض كلامه.. فقال له بن العاص: “والله إنك لتعلم إنك من الكاذبين”.. فتوعده مسيلمة إلا أنه تركه يمضي عائدا..
- ولما وصل عمرو إلى المدينة.. عقد أبو بكر أحد عشر لواء لحرب أهل الردة (كما تقدم).. وعقد لعمرو لواء وأرسله إلى قضاعة.. وكان قد حاربهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل.. وكانت قضاعة قد ارتدت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. فلما أنفذ إليهم أبو بكر جيشًا بقيادة عمرو.. سار عمرو بجيشه في الطريق الذي سلكه من قبل حتى وصل بلاد قضاعة.. فأعمل السيف في رقابهم وغلبهم على أمرهم.. فعادوا إلى الإسلام.. وعاد هو إلى المدينة حاملاً لواء النصر..
كانت حُرُوبُ الرِّدَّة فُرصة مواتية لِبُروز قياداتٍ عسكريَّةٍ اكتسبت خبرة في القتال.. وتدرَّجت من قيادة عمليَّاتٍ صغيرةٍ محدودة الإمكانات إلى قيادة عمليَّات على نطاقٍ أوسع في الفتوحات.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.