في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 563. أبو سنان وهب بن محصن الأسدي”.. ” أول من بايع بيعة الرضوان”.. بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 563. أبو سنان وهب بن محصن الأسدي”.. ” أول من بايع بيعة الرضوان”.. بقلم / مجدي سـالم
أولا.. في نسبه.. مقدمة..
- يقول أبو نعيم الأصبهاني – في كتابه “معرفة الصحابة”.. هو أَبُو سِنَانٍ الْأَسَدِيُّ: وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ..
أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.. وَهُوَ ابْنُ مِحْصَنِ بْنِ حَرْثَانَ.. ولَا يُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ للحديث.. - والرواية أنه حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبِ النَّجِيرَمِيُّ حدثنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى حدثنا عَفَّانُ حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ.. حدثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ.. قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ:
” كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ.. أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ , قَالَ: «عَلَى مَاذَا؟» قَالَ: عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ , قَالَ: «وَمَا فِي نَفْسِي؟» قَالَ: الْفَتْحُ أَوِ الشَّهَادَةُ فَبَايَعَهُ أَبُو سِنَانٍ.. وَكَانَ النَّاسُ يَجِيئُونَ فَيَقُولُونَ: نُبَايِعُ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي سِنَانٍ.. فَكَانَتْ هَذِهِ لِقَوْمِكَ”.. - يقول الأصبهاني رحمه الله.. إن التنافس الكريم المحمود هو ما كان في مجالات الطاعة والإحسان : « وفي ذلك فليتنافس المتنافسون»… ولقد كان تقدم المسلم على إخوانه في مكرمة أو فضيلة وسام شرف يسجله له التاريخ.. ويردده الدهر.. ولذلك جاءت في السيرة الإسلامية العطرة طائفة من «الأوليات»التي امتاز بها فريق من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام.. فأول من أسلم- مثلا- السيدة خديجة رضي الله عنها..
وأول من هاجر إلى الحبشة ذو النورين عثمان ابن عفان رضي الله عنه.. وأول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة رضي الله عنه.. وأول من عقد له لواء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.. وأول شهيد في الإسلام مهجع الصحابي رضي الله عنه.. وأول شهيدة في الإسلام سمية رضي الله عنها
وهكذا إلى آخر « الأوليات» التي يفخر فيها أصحابها لا بأموالهم ولا بأجسامهم.. ولا بأحسابهم أو نسبهم.. وإنما فخروا فيها بسبقهم في ميادين العمل الخالص لوجه الله عز وجل.. وهذا واحد من أولئك الأوائل :
إنه قد امتاز بأولية باهرة خالدة.. تكفيه شرفا وتوسعه تكريما.. حيث كان أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان.. ويالها من بيعة إيمان وإحسان !.
إنه الصحابي الجليل.. المناضل المقدام.. المسارع إلى الفداء والشهادة : أبو سنان وهب بن محصن الأسدي > وهو أخو البطل الشهيد عكاشة بن محصن الاسدي الذي لقي الشهادة في (حروب الردة)..
ثانيا.. في إسلامه وجهاده رضي الله عنه..
- وقد سارع أبو سنان إلى الإسلام.. وسبق إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فشهد معه غزوات بدر وأحد والخندق.. ثم جاءت غزوة الحديبية (4) في السنة السادسة للهجرة.
وكانت هذه الغزوة نقطة تحول بارز في تاريخ النضال الإسلامي الطويل.. إذ انتقل بها المسلمون من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه بعد غزوة الخندق : لن يغزونا القوم بعدها.. نحن سنغزوهم. - ثم جاءت غزوة الخندق- غزوة الأحزاب- عقب ذلك.. لتكون بابا لفتح عظيم.. بل إنها كانت فتحا في ذاتها.. لأنها كانت سببا في فتح مكة.. ولذلك قال الزهري : « لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية.. اختلط المشركون بالمسلمين.. وسمعوا كلامهم.. وتمكن الإسلام من قلوبهم.. وأسلم في ثلاث سنين خلق كبير.. وكثر بهم سواد الإسلام» وذكر الألوسي أنه قد خفي كون ما كان في الحديبية فتحا على بعض الصحابة حتى بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقد أخرج البيقهي عن عروة قال :
- أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعا.. فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى تعالى وسلم: والله ما هذا بفتح.. لقد صددنا عن البيت.. وصد هدينا..وبلغ ذلك لرسول الله فقال : يئس الكلام هذا.. بل هو أعظم الفتح.. لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم.. ويسألونكم القضية.. ويرغبون إليكم في الأمان.. وقد كرهوا منكم ما كرهوا.. وقد أظفركم الله عليكم.. وردكم سالمين غانمين ومأجورين.. فهذا أعظم الفتح. أنسيتم يوم أحد.. إذ تصعدون ولا تلوون على أحد.. وأنا أدعوكم في إخراجكم؟ أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم.. ومن أسفل منكم.. وإذ زاغت الأبصار.. وبلغت القلوب الحناجر.. وتظنون بالله الظنون ؟
وهنا قال المسلمون : صدق الله ورسوله.. هو أعظم الفتوح والله يا نبي الله.. ما فكرنا فيما ذكرت.. ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا.. وكذلك قال الإمام ابن عبد البر : « ليس في غزواته صلى الله عليه وسلم ما يعادل بدرا.. أو يقرب منها.. إلا غزوة الحديبية..
.. أراكم غدا إن شاء الله تعالى..
الصورة.. مسجد الحديبية – هنا كانت بيعة الرضوان..
التعليقات مغلقة.