في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 564. أبو سنان وهب بن محصن الأسدي”.. ” نبايعك على ما في نفسك”.. بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 564. أبو سنان وهب بن محصن الأسدي” نبايعك على ما في نفسك”.. بقلم / مجدي سـالم
ثالثا.. الثبات يوم الحديبية والبيعة العظيمة..
- يقول موقع “دعوة الحق”.. كان من خبر غزوة الحديبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فيها معتمرا مع أصحابه.. وفيهم بطلنا أبو سنان وهب بن محصن الأسدي.. وكان يريد بهذه الغزوة أن يدخل مكة.. ويطوف بالبيت الحرام لإقرار حق المسلمين في ذلك.. ولعله كان يريد من وراء ذلك أيضا أن يجدد عهد المهاجرين بوطنهم مكة.. لكي يظلوا عازمين على العودة إلى موطنهم فاتحين منتصرين.
ولكن المشركين رفضوا ذلك.. ووقفوا في طريق موكب النور المؤمن.. فأرسل إليهم النبي عثمان ابن عفان.. ليفاوضهم فاحتبسوه عندهم.. وأشيع أنهم قتلوه.. فأمر النبي مناديه بأن ينادي في الناس قائلا :
« إلا أن روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأمره بالبيعة.. فأخرجوه على اسم الله تعالى.. فبايعوه» فسارع الصحابة إلى استجابة النداء.. وأقبلوا على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. وهو واقف تحت شجرة كبيرة في هذا المكان.. وأخذوا يبايعونه على عدم الفرار.. وعلى الثبات حتى الاستشهاد أو الانتصار.. قال سلمة بن الأكوع : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت..
وقال جابر بايعناه على أن لا نفر.. والخلاف لفظي.. لأن الذي لا يفر في الجهاد يكون على أتم الاستعداد للاستشهاد.. وقد ذكر السهيلي أنه قيل : بايعوه على أن لا يفروا.. ولم يبايعوه على الموت..
وقيل : بايعوه على الموت.. ثم قال : وكلا الحديثين صحيح.. لأن بعضهم بايع على ألا يفروا ولم يذكروا الموت.. وبعضهم قال : أبايعك على الموت.. - وشاءت الأقدار أن يكون أول من بايع هذه البيعة العظيمة الكريمة هو أبو سنان.. فقد أقبل قبل غيره على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال له في صدق وإخلاص : يا رسول الله.. أبسط يدك أبايعك..
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على ماذا ؟
فأجابه أبو سنانا : على ما في نفسك يا رسول الله..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما في نفسي ؟
فأجاب أبو سنان: الفتح أو الشهادة !
فسر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك.. وبسط يده فبايع بها أبا سنان.. - إنا لنرى في هذا التجاوب الباهر بين القائد والجندي.. فهذا هو أبو سنان الجندي التابع.. يسارع بالاستجابة لأمر القائد المتبوع.. فيسأل النبي أن يبسط يده ليبايعه دون أن يخصص أبو سنان الأمر الذي يبايع عليه. لأنه على استعداد لمبايعة الرسول على أي أمر مهما عظم.. وعلى أي وضع مهما صعب.. وعلى أي واجب مهما جل.. لأن النبي لا يبايع إلى على الحق والخير والواجب : « وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى».. « من يطع الرسول فقد أطاع الله».
والرسول القائد يريد أن يتأكد من سلامة التصور للموقف العصيب في عقل الجندي المخلص.. فيسأله: على أي شيء تبايع يا أبا سنانا ؟.. وهنا يأتي الجواب البليغ الرشيد : على ما في نفسك يا رسول الله.
وكان أبا سنان يعرف تماما ما بنفس الرسول في مثل هذا الموقف.. وماذا يكون في بنفس الرسول حينئذ سوى كلمة الحق.. وموقف الصدق.. ومنطق الجهاد حتى النصر أو الاستشهاد ؟..
ويعود الرسول ليزيد الموقف إيضاحا وجلاء.. حتى يسير المجاهدون على بصيرة.. فيسأل : وما في نفسي ؟.. فيأتي الجواب الطبيعي الناشئ من حسن الإدراك لتبعات الموقف.. فيكون: الفتح أو الشهادة !…
ليث المجاهدين من أبناء الإسلام في كل مكان يتعلمون- قادة وجنودا- من هذا الدرس البليغ الموحي بأن تكون علاقة القائد بالجندي قائمة على صلاح القائد وتمام صفات القيادة الرشيدة عنده.. وعل حسن الاستعداد والطاعة المطلقة.. ولا أقول العمياء- من الجندي المخلص لقائده الأمين.. - وأقبل الصحابة من وراء أبي سنان يبايعون الرسول قائلين : نبايعك يا رسول الله على ما بايعك عليه أبو سنان.. ويالله من وسام عظيم وشرف مجيد.. أن يكون أبو سنان طليعة المبايعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان.. تلك البيعة التي يقول عنها الحق تبارك وتعالى في سورة الفتح:
« إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله.. يد الله فوق أيديهم.. فمن نكث فإنما ينكث على نفسه.. ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجرا عظيما»… أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. كانت الحديبية فتحا مبينا.. لا تعرف بم يأتي الغد.!
التعليقات مغلقة.