في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 583 “ربعي بن عامر بن خالد التميمي”…”السفير فوق العادة” بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 583 ربعي بن عامر بن خالد التميمي السفير فوق العادة ”
بقلم / مجدي سـالم
أنظر كيف روى قادة الجيش المسلم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..
ننقل هذا الحديث قبل أن نكمل ترجمة ربعي.. “صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ جَلَسَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ وَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ فَصَلَّى فَجَعَلَ لا يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ فَقَالَ: تَرَوْنَ هَذَا؟ لَوْ مَاتَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلامِ يَنْقُرُ فِي صَلاتِهِ كَمَا يَنْقُرُ الْغُرَابُ الدَّمَ.. إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَلا يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ إِلا تَمْرَةً أَوْ تَمْرَتَيْنِ فَمَاذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ؟ فَأَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَوَيْلٌ لِلأَعْقَابِ من النَّارِ أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ”.. فَقلت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ حدثك بهذا الحديث؟ قال: أمزاء الاجناد: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وشرحبيل ابن حَسَنَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.. كُلُّ هَؤُلاءِ سَمِعَهُ من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..
رابعا.. في جهاد ربعي بن عامر.. رضي الله عنه.. (نكمل من حيث انتهينا في الحلقة السابقة) ..
- ولبيان مكانة ربعي القائد.. أنه قد قدم على أبي عبيدة بن الجراح كتاب عمر بن الخطاب بأن يصرف جند العراق إلى العراق.. أن يكون عليهم هاشم بن عتبة وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو وعلى مجنبته عمير بن مالك وربعي بن عامر..
- والمشهد تاريخي لربعي بن عامر.. حيث يواجه رستم قائد الفرس متوشحا سلاحه.. بين حاشيته وقواده.. وهذه الرواية تأتي في سياق دعوة رِبْعي بن عامر لرستم إلى الإسلام قبيل معركة القادسية ..
- بعث سعد بن أبي وقاص.. فيمن أرسل.. رسولاً إلى رستم قائد الفرس.. والرواية هنا أنه هو ربعي بن عامر..
بقول د. راغب السرجاني في “قصة الإسلام”.. أنه أرسل رستم في اليوم التالي عبر القنطرة يطلب من المسلمين وفدا للحديث معه وذلك لإبداء رغبته الأكيدة في الصلح.. أو أية وسيلة أخرى يرجع بها الجيش المسلم دون الدخول معه في حرب, فذهب ربعي بن عامر ليقابل رستم.. وربعي لم يكن من قواد الجيوش الإسلامية وقتها.. ولكنه سيد في قومه.. فماذا دار بين رستم وربعي بن عامر؟.
خامسا.. ربعي بن عامر يخاطب رستم قائد الفرس:
- في اليوم التالي يرسل رستم عبر القنطرة -أيضًا- يطلب من المسلمين وفدًا للحديث معه (فهو يود الصلح ويبحث عن ثغرة تتم بها المصالحة.. أو أية وسيلة أخرى يرجع بها الجيش المسلم دون الدخول معه في حرب)؛ فيخبر زهرة بن الحُوِيَّة سعد بن أبي وقاص بذلك.. فيجمع سعد بن أبي وقاص مجلس حربه.. ويقول لهم: إنني سأرسل له وفدًا عظيمًا من أصحاب الرأي.. كما أرسلت من قبل ليزدجرد؛ ليقيم عليه الحُجَّة.. ويدعوه إلى الإسلام. فيقول ربعي بن عامر t: إن هؤلاء القوم قوم تباهٍ.. وإننا لو فعلنا ذلك يرون أننا قد اعتددنا بهم (أي: جعلنا لهم مكانة عظيمة.. وأقمنا لهم الهيبة ونحن خائفون منهم).. ولكني أرى أن ترسل لهم واحدًا فقط؛ فيشعروا أننا غيرُ مهتمين بهم؛ فيوهن ذلك في قلوبهم. فتجادل معه القوم.. ولكنه ظل يجادلهم حتى قال سعد: ومن نرسل؟ فقال ربعي: سَرِّحوني. أي: دعوني أذهب إليه أكلمه.. فعبر القنطرة لإليهم وحده..
- فدخل عليه.. وكانوا قد زيَّنوا مجلسه بالنَّمارق المذهَّبة.. والزَّرابي الحرير.. وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة.. وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة.. وقد جلس على سرير من ذهب..
- ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة.. ولم يزل راكبَها حتى داس بها على طرف البساط.. ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد.. وأقبل وعليه سلاحُه ودرعه وبيضتُه على رأسه.. فقالوا له: ضع سلاحك.. – فقال: إني لم آتِكم وإِنّما جئتكم حين دعوتموني.. فإنما تركتموني هكذا وإِلا رجعت..
- فقال رستم: إئذنوا له.. فأقبل ربعي يتوكأ على رمحه فوق النَّمارق فخرَّق عامتها.. فقال له: ما جاء بكم.؟
- فقال ربعي: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله.. ومن ضِيق الدنيا إلى سعَتَها.. ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإِسلام.. فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه؛ فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه.. ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضيَ إلى موعود الله.. قالوا: وما موعودُ الله؟
- قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى.. والظفر لمن بقي..
- فقال رستم: لقد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا.؟
- قال: نعم.. كم أحبُّ إليكم؟ يوماً أو يومين.. قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا..
- فقال: ما سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخِّر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث.. فانظر في أمرك وأمرهم.. واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل.. فقال رستم:أسيِّدهم أنت.؟
- قال: لا.. ولكن المسلمون كالجسد الواحد يُجير أدناهم على أعلاهم..
- فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل.؟
- فقالوا: معاذ الله أن تميل إِلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه.؟
- فقال: ويلَكم لا تنظروا إلى الثياب.. وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة.. إن العرب يستخفُّون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب.. كان يحاول تجنب الدخول معالمسلمين في حرب.. ولكن قواده رفضوا ولجُّوا.. وقالوا له: إنك تجبن وما إلى ذلك.. ولكنه يحاول مرة أخرى..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.