في جهاد الصحابة. الحلقة\ 595.. “القعقاع بن عمرو التميمي بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة. الحلقة\ 595.. “القعقاع بن عمرو التميمي
بقلم / مجدي سـالم
دوره في السياسة والتوسعات الحربية”..
- مع النبي صلى الله عليه وسلم.. تبدأ المصادر الإسلامية في الاهتمام بسيرة القعقاع بعد وفاة الرسول مباشرة.. إذ ورد في إحدى الروايات على لسانه: “شهدتُ وفاةَ رسولِ الله.. فلما صلينا الظهر جاء رجل حتى قام في المسجد.. فأخبر بعضُهم أن الأنصار قد أجمعوا أن يولوا سعداً (ابن عبادة).. ويتركوا عَهْدَ رسولِ الله.. فاستوحش المهاجرون ذلك”. وربما كان العهد المذكور في الرواية يشير إلى اعتقاد صاحبها.. أي القعقاع.. بالنص على خلافة المهاجرين دوناً عن الأنصار.. وهو ما يُفهم منه التوجه السياسي للقعقاع.. والذي سيتضح شيئاً فشيئاً مع المضي قدماً في استعراض سيرته..
- قي حروب الردة.. بداية الظهور العسكري للقعقاع في المرويات التي تزامنت مع اشتعال حروب الردة.. وذلك عندما أرسله أبو بكر الصديق إلى قبيلة هوازن.. للإغارة على علقمة الكلبي.. ففر منه علقمة.. وأتى القعقاع بأهله إلى المدينة.. فأعلنوا إسلامهم وتوبتهم.. حسبما يذكر الطبري في تاريخه..
- بعد انتهاء الردة.. شارك القعقاع في الحروب التوسعية على الجبهة العراقية.. ويُقال إن خالد بن الوليد لمّا حاصر الحيرة.. أرسل إلى أبي بكر يستمده.. فأمدّه بالقعقاع.. وقال لخالد “لا يُهزم جيش فيه مثله”. وسرعان ما أثبتت نبوءة الخليفة صدقها.. عندما تمكن القعقاع من إنقاذ خالد بن الوليد من إحدى المكائد التي دبرها له هرمز.. قائد الجيش الفارسي في واحدة من المعارك.. كما تقدم.. وقد جاء هذا الجزء في سيرة بن الوليد..
- في قتح العراق.. ويذكر ابن الأثير في الكامل أن القعقاع شارك في معركة القادسية.. وكان من أبطالها.. إلى درجة أن عمر بن الخطاب لما أرسل إلى سعد بن أبي وقاص يسأله عن أشجع فرسان القادسية.. أجابه الأخير: “إني لم أرَ مثل القعقاع بن عمرو.. حمل في يوم ثلاثين حملة.. يقتل في كل حملة بطلاً”.. ومما يُذكر أن القعقاع هو الذي بدأ الزحف على الفرس ليلة المعركة.. وأنه كان أول مَن حارب ليلاً في تاريخ العرب.. هذا فضلاً عن أنه.. مع أخيه عاصم.. اضطلع بعبء التخلص من الفيل الأبيض الذي يقود باقي فيلة الجيش الفارسي في أرض المعركة.. فلما قُتل هذا الفيل وقع الارتباك في صفوف الفرس.. وفقدوا أهم وأنكى أسلحتهم على الإطلاق.. ما فتح الباب واسعاً أمام انتصار المسلمين..
- في فتح المدائن.. تتحدث المصادر عن دوره المهم في فتح المدائن.. وتذكر أنه غنم يومها دروع وسيوف كسرى.. فأرسلها إلى عمر في المدينة المنورة.. وعُيّن بعدها والياً على مدينة حلوان لفترة قصيرة.. وبحسب ما تواتر من سيرته.. شارك القعقاع في التوسعات على الجبهة الشامية.. فقاتل البيزنطيين في اليرموك.. عام 15هـ.. وكان قائداً على كتيبة من كتائب المسلمين.. كما أنه كان صاحب دور مهم في فتح مدينة دمشق.. عندما تسلق أسوارها وساهم في فتح أبوابها.. ليفتح الطريق أمام المسلمين لغزوها.
- في أشعاره المتواترة.. ومن بين الملاحظات المهمة التي تبدو واضحة في شخصية القعقاع كثرة الأبيات الشعرية المنسوبة إليه.. والتي عملت على تخليد شجاعته والتغني ببطولاته المتفردة في الحروب والمعارك.. ووصفه ابن عساكر (ت. 571هـ) في كتابه “تاريخ دمشق”.. بأنه “كان أحد فرسان العرب وشعرائهم”.. ومن الأبيات الشعرية التي نُسبت للقعقاع: ولقد شهدت البرق برق تهامة/ يهدي المناقب راكباً لغبار/ في جند سيف الله سيف محمداً/ والسابقين لسنة الأحرار. كذلك قوله يوم اليرموك: أَلَم تَرَنا عَلى اليَرموكِ فُزنا/ كَما فُزنا بِأَيامِ العِراقِ/ قَتَلنا الرومَ حَتّى ما تُساوي/ عَلى اليَرموكِ مَفروقَ الوِراقِ.
- في سيرته في عهد عثمان.. وعلى عكس كثرة الأخبار عن القعقاع في زمن كل من أبي بكر وعمر.. فإن الأخبار عنه في عهدي عثمان وعلي شحيحة للغاية.. وكل ما نعرفه أنه تولى الحرب في الكوفة زمن عثمان.. وكان من بين المدافعين عن الخليفة الثالث زمن الثورة عليه.. وقيل إنه خرج لنصرته بمَن معه من أهل الكوفة.. فلما عرف بخبر مقتله قفل راجعاً..
- في الفتنة.. ويتحدث ابن الأثير عن الفترة الأخيرة من حياة القعقاع.. وعن دوره في الفتنة.. فيقول بإيجاز: “شهد مع عليَّ الجملَ وغيرها من حروبه.. وأَرسله علي إِلى طلحة والزُّبير.. فكلَّمهما بكلام حَسَن.. تقارَبَ الناسُ به إِلى الصُّلح…” ولكن لما فشلت مساعي الصلح وقامت الحرب بين الطرفين.. كان للقعقاع دوراً مشهوداً.. إذ تمكن من عقر الجمل الذي حمل هودج السيدة عائشة.. وأعلن الأمان للمهزومين.. ووضع بذلك كلمة النهاية في تلك المعركة.. .. هذا ما قال ابن الأثير…
.. فهل غلب المعاصرون إتهام مرويات سيف بن عمر على كل هذا التأريخ.؟ ..
أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. حيرة الدارسين بين صفحات المؤرخين..
التعليقات مغلقة.