في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 598.. القعقاع بن عمرو التميمي بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة\ 598.. القعقاع بن عمرو التميمي بقلم / مجدي سـالم
والرافضون يقولون شخصية مُختلقة ومزيفة؟
نكمل.. ومما يرجّح زيف شخصية القعقاع بن عمرو أن الأغلبية الغالبة من علماء الجرح والتعديل اتفقوا على اسقاط سيف عن الاعتبار واعتادوا أن ينظروا إليه على كونه كاذباً وضّاعاً للحديث والروايات التاريخية.. بل وفي بعض الأحيان رموه بالزندقة والكفر. ومن أهم العلماء الذين قالوا بذلك أبي زرعة الرازي (ت. 264هـ) في كتابه “الضعفاء والكذابين والمجروحين”.. وأحمد بن شعيب النسائي (ت. 303هـ) في كتابه “الضعفاء والمتروكين”.. وشمس الدين الذهبي (ت. 748هـ) في كتابه “الاعتدال في نقد الرجال”.. وابن حجر العسقلاني (ت. 852هـ) في كتابه “لسان الميزان”.
ومما يدعم هذه الفرضية أيضاً أن العديد من المصادر التاريخية المتقدمة لم تشر إلى القعقاع على الإطلاق.. فلم تورد له ترجمة أو تذكر له دوراً في المعارك الحربية.. ومن تلك المصادر مغازي الواقدي (ت. 207هـ).. وطبقات ابن سعد (ت. 230هـ).. وتاريخ خليفة بن خياط العصفري (ت. 240هـ).. فضلاً عن صحيحي البخاري ومسلم اللذين يعدّان أهم المدونات الحديثية عند السنّة..
أما عن سبب انتشار الروايات المُختلقة عن القعقاع بن عمرو.. فيمكن القول إن السبب الرئيسي في ذلك يتمثل في أن ابن جرير الطبري اعتمد بشكل واسع على روايات سيف بن عمر.. فأخذها وضمها إلى كتابه تاريخ الرسل والملوك.. ولما ذاع تاريخ الطبري واشتهر بين المؤرخين في ما بعد.. وجدت روايات سيف طريقها إلى متون عشرات الكتب التاريخية والقصصية التي نقلت عن الطبري.. وسرعان ما تم التركيز على الروايات التي تذكر القعقاع بالذات.. بسبب الطابع البطولي الأسطوري الذي اتصل بتلك الشخصية.. خصوصاً أنها ألهبت خيال المقاتلين المسلمين في أرض المعارك.. بالإضافة إلى أن قبيلة بني تميم انتهزت كل فرصة مواتية للتفاخر بالقعقاع ونشر قصص أمجاده الحربية للإعلاء من شأن القبيلة ككل.. وإثبات أهميتها الكبرى في الفتوحات الإسلامية المبكرة..
- وقد ورد ذكر رأس الرافضة المعاصر د. حسن بن فرحان المالكي.. وها هو يكتب مقالا بعنوان “القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة”.. جاءت في صحيفة الرياض ـ ١١ صفر ١٤١٨ ه.. وأفسح له ليقول رأيه.. يقول:
ذكرت سابقا بعض الأقوال والحجج التي ذكرها الأخ عبد الباسط مدخلي مدللاً بها على حقيقة ( وجود ) القعقاع بن عمرو !! وذكرت كيف ان الأخ المدخلي يحاول تجنب ذكر سيف بن عمر ( المصدر الوحيد لأخبار القعقاع !! ) ويحاول أن ينسب إلى مصادر ناقلة عن ( سيف بن عمر ) ولا يشير إلى انها ناقلة إمعانا في الاخفاء على القرّاء وقبلهم المشرف والمناقشين !! حتى لا يكتشف هؤلاء أن مصدر الرسالة الوحيد كان سيف بن عمر التميمي فلو سقط لسقطت الرسالة !! … وقد نجح المدخلي كثيراً في خديعة المناقشين بنسبة أخبار القعقاع إلى تلك المصادر الناقلة وكذلك بنسبة أخبار القعقاع إلى كتب مختلفة ومنسوبة ظلماً إلى مؤرخين متقدمين كالواقدي !! حتى يثبت أن الواقدي قد روى أخبار القعقاع أيضاً !.
وقد حاولت في الحلقة الماضية ان أذكر بعض الأدلة ( الاسنادية ) فقط على بطلان نسبة كتاب ( فتوح الشام ) للواقدي فكيف بالأدلة ( المتينة ) الكثيرة التي تكلم عن بعضها الدكتور محمد صامل السلمي ولو استطرد فيها لأخرجتنا من موضوع ( القعقاع بن عمرو ) إلى موضوع آخر عن ( بطلان نسبة كتاب فتوح الشام ) للواقدي !! .. لكن يستطيع من عنده أدنى اطلاع على كتب الواقدي أن يكتشف بسهولة ان الكتاب منسوب ظلما إلى الواقدي !! بل يظهر أنه الف بعد الواقدي بنحو ستمائة سنة .. وقد صرح مؤلفه بانه ينقل عن ابن خلكان والطبري وأمثالهم ممن لم يولدوا إلاّ بعد وفاة الواقدي !! فكان إثبات المدخلي لهذا الكتاب وإصراره على نسبته إلى الواقدي حيلة من الحيل الكثيرة المستخدمة في كثير من الدراسات الجامعية للأسف .. فالمدخلي ليس إلاّ واحداً من كثيرين يعتمدون على التحايل والضحك على القرّاء والمؤسسات العلمية معاً..
ولو كان غير ذلك لما وجدنا مثل هذه الأخطاء الثقيلة الوزن التي يندى لها جبين العلم والبحث والدراسة !! ثم ان الكتاب المنسوب للواقدي فيه روايات سيف بن عمر أيضاً !! انظر الصفحات ( ٩٧ .. ١٠٥ .. ١١٢ .. ١٩١ ) من المجلد الثاني .. مع أن مؤلف ذلك الكتاب كثيرا ما يذكر روايات سيف ولا يشير إليه إلاّ نادراً !! ربما ان حجته في هذا وهدفه مثل هدف المدخلي !! .. والكتاب لا يحتمل المزيد من النقد لأنه مجموعة من الأساطير والأكاذيب والأهوال.. والمبالغات والقصص التي لم يفلح صاحبها في التبليس إلاّ على أمثال المدخلي الذي يريد إثبات وجود القعقاع بشتى الوسائل والأساليب والمراجع ولو كان ذلك بالنقل عن كتاب ( فتوح الشام ) !!.
التعليقات مغلقة.