في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 613. عبد الله بن عمر بن الخطاب”.. “إمام حملة القرآن والشرع”.. بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 613. عبد الله بن عمر بن الخطاب”.. “إمام حملة القرآن والشرع”.. بقلم / مجدي سـالم
حادي عشر.. في موقف عبد الله بن عمر من الفتنة.. نكمل..
وجاء فى الطبقات الكبرى.. أنه لما حدثت بوادر الفتنة بين أهل المدينة ويزيد بن معاوية ” وهى الفتنة التى أدت إلى استباحة المدينة فيما سُمى بوقعة الحِرة”.. جمع بن عمر بنيه ونهاهم عن الخروج على يزيد.. وكان مما قال لهم: “فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرعن أحد منكم في هذا الأمر فتكون الصيلم (القطيعة) بيني وبينه”.
- واعتزل فتنة بن الزبير والحجاج.. وصلى وراء الحجاج المعروف بظلمه.. ففي سنن البيهقى: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اعْتَزَلَ بِمِنًى فِى قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجُ بِمِنًى فَصَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ.. وقد عُرضت الخلافة على ابن عمر أكثر من مرة.. لكنه زهد فيها.. فقد عُرضت عليه البيعة بعد مقتل عثمان بن عفان لكنه رفض وقال: “إني والله لئن استطعت.. لا يُهرَاق بسببي مِحْجَمَة من دم”. ثم عُرضت عليه وهو شيخ مُسن بعد أن ترك معاوية الثاني ابن يزيد الخلافة فرد بالقول: “والله ما أحب أنها تكون لي سبعين عاما.. ويقتل بسببي رجل واحد”…
إن المتتبع لسيرة عبد الله بن عمر -الذى وصفه الإمام الذهبى بـ”الإمام القدوة”- سيجد أن ما ذكرناه لا يعدو أن يكون نقطة فى بحار حكمته فى مواجهة الفتن.. - تقول دائرة المعارف “ويكيبيديا”.. عن ترفع عبد الله بن عمر عن طلب الخلافة.. وترك الفتنة..
وقد استدام ابن عمر على سياسة الحياد تلك.. فكان لا يأتي أمير على المدينة وقت الفتن إلا وصلّى خلفه.. وأدّى إليه زكاة ماله.. سوى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي ترك ابن عمر الصلاة خلفه لما رآه يؤخر الصلاة. ولما استقر الأمر لمعاوية.. دسّ عمرو بن العاص ليعلم ما في نفس ابن عمر من أمر الخلافة.. فقال عمرو: «يا أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تخرج فنبايعك.. وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين..
أنت أحق الناس بهذا الأمر؟».. فقال ابن عمر: «لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهُجر.. لم يكن لي فيها حاجة». فعلم أن لا مطمع له في الخلافة.. فقال عمرو: «هل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه.. ويُكتب لك من الأرضين ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟».. فغضب ابن عمر.. وقال: «أُفٍّ لك. اخرج من عندي. ثم لا تدخل عليّ. ويحك! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم وإني أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية». وقد ذكر الزُهري أن معاوية تعرّض لابن عمر يومًا في خطبة.. فقال: «ومن كان أحق بهذا الأمر مني؟».. فتهيّأ ابن عمر للرد بقوله: «أحق به من ضربك وأباك على الكفر». إلا أنه تراجع خشية أن يُظن به حرصه على الخلافة. كما ذكر نافع مولى ابن عمر أن معاوية قدم إلى المدينة المنورة يومًا.. وحلف على منبر المسجد النبوي ليقتلنّ ابن عمر.. فتجمّع له الناس.. فتراجع نهائيا.. - ولما بويع يزيد بن معاوية وبلغه الخبر.. قال: «إن كان خيرًا رضينا.. وإن كان بلاءً صبرنا». وبعد وفاة يزيد وتصدّر عبد الله بن الزبير للخلافة.. لم يوافقه ابن عمر على دعواه.. وكان يرى أنه بغى على بني أمية.. ونكث عهدهم.. وقد حاول مروان بن الحكم أن يدفعه للمطالبة بالخلافة.. فقال له: «هلم يدك نبايعك.. فإنك سيد العرب وابن سيدها».. فقال ابن عمر: «فكيف أصنع بأهل المشرق؟».. قال مروان: «نضربهم حتى يبايعوا».. فقال ابن عمر: «والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة.. وأنه قتل في سيفي رجل واحد».. فقال مروان:
إني أرى فتنة تغلي مراجلها والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا.. - ولما اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان.. كتب ابن عمر إليه يبايعه بكتاب جاء فيه: «أما بعد.. فإني قد بايعت لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة على سُنّة الله وسُنّة رسوله فيما استطعت.. وإن بنيّ قد أقروا بذلك». وحين تولى الحجاج الحجاز لعبد الملك.. أنكر عليه ابن عمر تأخيره للصلاة.. فقد روى شهر بن حوشب أن الحجاج خطب الناس وابن عمر في المسجد حتى أمسى.. فناداه ابن عمر: «أيها الرجل الصلاة».. قالها ثلاثاً.. ثم أنهض الناس.. فنزل الحجاج فصلّى.. ثم دعا به.. فقال: «ما حملك على ما صنعت؟».. فقال ابن عمر: «إنما نجيء للصلاة.. فإذا حَضَرَتِ الصلاة فصلِّ بالصلاة لوقتها.. ثم بقبق بعد ذلك ما شئت من بقبقة». كما ردّ ابن عمر الحجاج وهو يخطب على المنبر حين قال بأن ابن الزبير حرّف كتاب الله.. فقال: «كذبت كذبت كذبت. ما يستطيع ذلك ولا أنت معه».. فقال له الحجاج: «اسكُت.. فإنك شيخ قد خَرِفتَ.. وذهب عقلك. يُوشِكُ شيخ أن يُؤخَذَ.. فتُضرب عُنقهُ.. فيُجَرَّ قد انتفخت خصيتاه يطوف به صبيان أهل البقيع». يقول سعيد بن عمرو بن سعيد الأشدق الأموي أن الحجاج وَجِد في نفسه.. وأمر بعض خاصته.. فأخذ حربة مسمومة.. وضرب بها رجل ابن عمر في موسم الحج.. فمرض منها مرض موته.. فأتاه الحجاج يعوده.. فقال: «لو أعلم الذي أصابك.. لضربت عُنقه».. فقال عبد الله: «أنت الذي أصبتني». قال: «كيف؟».. قال ابن عمر: «يوم أدخلت حرم الله السلاح». فلما خرج الحجاج.. قال ابن عمر: «ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر.. ومُكابدة الليل.. وألا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا»..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. كحل عينيك برؤيتها.. الجميلة السمراء وحليها من الذهب..
التعليقات مغلقة.