في جهاد الصحابة الحلقة 787 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..” في ملامح شخصية فذة” -3…مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة 787 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..” في ملامح شخصية فذة” -3
سادسا.. أهم ملامح شخصية عبد الله بن عمرو..
- يقول “الوافي بالوفيات”.. هو من نجباء الصحابة وعلمائهم.. وقد كتب الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وروى عن أبيه.. وإن اختلف في كنيته فقيل أبو عبد الرحمن وقيل أبو نصير وهي غريبة.. والأشهر: أبو محمد.. أمه ريطة بنت منبه بن الحجاج السهمية ولم يعله أبوه في السن إلا باثنتي عشرة سنة..
- وأسلم قبل أبيه.. وكان فاضلا.. حافظا.. عالما.. قرأ الكتب.. واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث فأذن له.. والرواية أنه قال: يا رسول الله أكتب كل ما سمع منك في الرضى والغضب؟ قال: نعم! فإني لا أقول إلا حقا.. وقال أبو هريرة: ما كان أحفظ مني لحديث رسول الله إلا عبد الله بن عمرو.. فإنه كان يعي بقلبه وأعي بقلبي.. وكان يكتب وأنا لا أكتب.. وقال عبد الله: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل..
- وكان عبد الله يسرد الصوم ولا ينام الليل.. فشكاه أبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’إن لعينيك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا قم ونم وصم وأفطر.. صم ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صيام الدهر’’. فقال له: إني أطيق أكثر من ذلك! فلم يزل يراجعه في الصيام حتى قال له: ’’لا صوم أفضل من صوم داود عليه السلام.. كان يصوم يوما ويفطر يوما’’.. فوقف عبد الله عند ذلك وتمادى.. وخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ختم القرآن فقال له: إختمه في كل شهر.. فقال: إني أطيق أكثر من ذلك.. فلم يزل يراجعه حتى قال: ’’لا تقرأه في أقل من سبع’’.. قيل: أقل من خمس.. والأكثر على سبع.. فوقف عند ذلك.. وقد تقدم أنه اعتذر رضي الله عنه من شهود صفين.. وقال أنه إنما شهد ذلك لعزمة أبيه عليه.. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال له: ’’أطع أباك’’!
سابعا.. في جهاده رضي الله عنه وما اضطلع من مهام..
1) كان عبد الله بن عمرو محبا في الجهاد في سبيل الله.. يروى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: شهدنا أَجْنَادين ونحن يومئذ عشرون ألفًا وعلينا عمرو بن العاص رضي الله عنه.. فهزمهم الله.. ففاءت فئة إلى فِحْل في خلافة عمر رضي الله عنه.. فسار إليهم عمرو رضي الله عنه في الجيش فنفاهم عن فِحْل.. - وفي عام سبعة وعشرين من الهجرة عزل عثمانُ رضي الله عنه عن مصر عَمْرًا رضي الله عنه.. وولّى عليها عبد الله بن سعد رضي الله عنه.. فغزا إفريقية ومعه عبد الله بن عمر بن الخطاب.. وعبد الله بن عمرو بن العاص.. وعبد الله بن الزبير.. رضي الله عنهم.. فالتقى هو وجرجير بسُبَيْطلة على يومين من القيروان.. وكان جرجير في مائتي ألف مقاتل.. وقيل: في مائة وعشرين ألفًا.. وكان المسلمون في عشرين ألفًا..
2) وفي ورعه وعلمه والبكاء من خشية الله.. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: لو أن رجلاً من أهل النار أخرج إلى الدنيا لمات أهل الدنيا من وحشة منظره.. ونتن ريحه. ثم بكى عبد الله بكاءً شديدًا..
3) في علم عبد الله بن عمرو بالقرآن وتفسيره.. قال الثوري: أخبرني حبيب بن أبي ثابت.. أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175] هو أمية بن أبي الصلت.. - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: من تاب قبل موته بعام تيب عليه.. حتى ذكر شهرًا.. حتى ذكر ساعة.. حتى ذكر فواقًا.. قال: فقال رجل: كيف يكون هذا والله تعالى يقول: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء: 18]؟! فقال عبد الله رضي الله عنه: أنا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172].. قال: أخذهم كما يأخذ المشط من الرأس..
ثامنا.. في مواقف له معه صلى الله عليه وسلم وبعض مما روى عنه.. - فمن مواقف عبد الله بن عمرو مع الرسول صلى الله عليه وسلم ننقل الرواية.. “عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: تَخَلّفَ عَنّا النّبِيُّ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا.. فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضّأُ.. فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا.. فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: “وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النّارِ”.. مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا”..
- “وعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللّهِ وَقَفَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنّاسِ يَسْأَلُونَهُ.. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَقَالَ: “اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ”.. فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قَالَ: “ارْمِ وَلاَ حَرَجَ”. فَمَا سُئِلَ النّبِيُّ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاّ قَالَ: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ”..
- “وعن عبد اللهُ بْنِ عمرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ: “يَا عَبْدَ اللّهِ.. لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللّيْلِ”..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.