في جهاد الصحابة الحلقة215 أبو موسى الأشعري “مزامير داوود” 5… مجدى سالم
في جهاد الصحابة..الحلقة / 215.. أبو موسى الأشعري.. “مزامير داوود” -5
مجدى سالم
حادي عشر.. الأشعري المجاهد الحاكم الأمين..
- أبو موسى الأشعري هو أحد تلاميذ المدرسة المحمدية.. أخذ أبو موسى منها بنصيب وافر.. فاعتمد عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم الخلفاء الأربعة من بعده رضوان الله عليهم.. فهل يتصور أحد أن يثق رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.. ثم خلفاؤه من بعده برجل يمكن أن تجوز عليه مثل الخدعة التي ترويها قصة التحكيم.؟.. ولإن أبا موسى من الشخصيات المؤثرة في عصره.. وقد تعرضت للتشويه خاصة إذا تحدث أحد عن “صفين” وعن التحكيم.. ونرى أنه تعرض أبي موسى وعمرو بن العاص على السواء للتشويه.. والكذب والافتراء.. وهذا ما أتت به الروايات الضعيفة والموضوعة.. ولعل ترجمة سيرة أبي موسى الأشعري قد نقلت لنا بعض الحقيقة…..
- فقد تولى أبو موسى منصب القضاء في عهد عمر بن الخطاب.. وكان كتاب عمر إليه في أسس القضاء مثالاً يفيد كل قاض.. في كل زمان ومكان.. ( وقال عنه ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول.. وبنوا عليه أصول الحكم.. والشهادة.. والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه).. منقول
- يعتبر أبو موسى الأشعري أشهر ولاة البصرة أيام عمر بن الخطاب.. فقد فتحت في أيامه المواقع العديدة في فارس.. فكان يجاهد بنفسه.. ويرسل القادة للجهات المختلفة من البصرة.. وفي أيامه تمكن البصريون من فتح الأهواز وما حولها وفتحوا العديد من البلدان المهمة.. وكانت فترة ولايته حافلة بالجهاد.. وقد تعاون أبو موسى مع الولاة المجاورين له في كثير من الحروب والفتوحات.. وكان من المقربين لأبى موسى في البصرة أنس بن مالك.. وبعد موقعة تستر أرسله أبو موسى إلى عمر بالأسرى والغنائم فقدم على عمر بصاحبها الهرمزان..
- وقد قام بجهود كبيرة لتنظيم المناطق المفتوحة وتعيين العمال عليها وتأمينها وترتيب مختلف شئونها..
- وجرت العديد من المراسلات بين أبى موسى وعمر بن الخطاب في مختلف القضايا.. منها توجيه عمر لأبى موسى في كيفية استقباله للناس في مجالس الإمارة.. ومنها نصيحته لأبى موسى بالورع ومحاولة إسعاد الرعية.. وهي قيمة قال فيها عمر: «أما بعد.. فإن أسعد الناس من سعدت به رعيته.. وإن أشقى الناس من شقيت به رعيته.. وإياك أن ترتع فيرتع عمالك.. فيكون مثلك عند ذلك مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض فرتعت تبغي السمن وإنما حتفها في سمنها.. وتعتبر فترة ولاية أبى موسى على البصرة من أفضل الفترات حتى لقد عبر عنها الحسن البصري – رحمه الله – فقال: ما قدمها راكب خير لأهلها من أبى موسى..
- و تولى أبو موسى الولاية في عهد عثمان واستقضاه عثمان على البصرة أيضًا..
- ولما قتل عثمان كان الأشعري واليًا لعثمان على الكوفة.. ولما تولى على رضي الله عنه الخلافة.. أخذ أبو موسى له البيعة من أهل الكوفة.. وحين استنفر الخليفة الكوفيين من ذي قار.. رأى أبو موسى بوادر الفتنة والانشقاق بين المسلمين.. فنصح لأهل الكوفة أن يلزموا بيوتهم ويعتزلوا هذا الأمر ( فإنما هي فتنة.. القاعد فيها خير من القائم.. والقائم خير من الماشي).. ولكنه عزل عن ولاية الكوفة لسبب غير معروف..
ثاني عشر.. حقيقة إختيار المحكمين بعد “نصيبين”..
الثابت أن أبي موسى الأشعري كان من دعاة الصلح والسلام.. كما كان في الوقت نفسه محبوبًا مؤتمنًا من أهل العراق.. وقد ذكرت المصادر أن علي بن أبي طالب هو الذي اختار أبا موسى الأشعري ولم يفرض عليه.. - يقول خليفة في تاريخه: وفيها – سنة 37هـ – اجتمع الحكمان: أبو موسى الأشعري من قبل علىّ.. وعمرو بن العاص من قبل معاوية.. ويقول ابن سعد: ( فكره الناس الحرب وتداعوا على الصلح.. وحكّموا الحكمين.. فحكَّم علىٌّ أبا موسى.. وحكّم معاويةُ عمرو بن العاص)
- ولهذا يمكن القول إن الدور المنسوب للقراء في صفين من مسئولية وقف القتال والتحكيم.. ومن فرض أبى موسى حكمًا ليست إلا كذبة تاريخية اخترعها أناس انقطعوا لتشويه تاريخ الإسلام بالروايات الباطلة.. وكان يزعجهم أن يظهر علي رضي الله عنه كمن يقبل بالتعاون مع معاوية والنزول على رغبة أهل الشام.. وأن يقبل الخليفة علي بن أبي طالب بالصلح مع من يرونهم أعدائهم التقليديين.. ويحملون المسئولية من جهة أخرى لأعدائهم الخوارج ويتخلصون منها.. فيجعلوا دعوى الخوارج تناقض نفسها.. كأنهم الذين أجبروا عليًا على قبول التحكيم.. وهم الذين ثاروا عليه بسبب قبول التحكيم..
إسمحوا لنا أن نتوقف عند هذا الحد من حديث الفتنة.. فالروايات عنها لا نهاية لها.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.