في جهاد الصحابة الحلقة707 ” باذان بن ساسان بن بلاش”..”إرتداد جنوب الجزيرة واليمن”–5… بقلم مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/707 ” باذان بن ساسان بن بلاش”..”إرتداد جنوب الجزيرة واليمن”–5
ثامنا.. في الحروب على الرِّدَّة في كِندة وحضرموت.. (نكمل)..
- ثم ما كان في قبيلة تميم.. نرى أن الصديق اتبع نفس أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في إرسال الرسائل لمن ثبتوا على الإسلام لكي يبرهنوا على صدق إسلامهم وتضحيتهم لنصرة الدين .. وأيضاً كان يوفر مجهود جيش أسامه لقتال المرتدين الذي بالفعل أشد خطراً على الإسلام مثل موجات الردَّة في اليمامة .. والبحرين .. وعمان .. وتميم.. لذا إستخدم مسروق العكي للقضاء على ردة قبيلة تميم الموجود جزأ منها باليمن.. ونجح في ذلك.. وأيضا كان مع بقية بني الحارث بن كعب بنجران الذين كانوا تابعوا الأسود العنسيَّ .. وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوا متردِّدين .. فخرج إِليهم مسروق العكِّي وهو يزمع مقاتلتهم .. فدعاهم إِلى الإِسلام .. فعادوا فأسلموا من غير قتالٍ .. فأقام فيهم ليعمل على استتباب الأمور.. وبهذا هدأت اليمن في هذا الجانب أيضا من خطر الردة..
تاسعا.. في فقه الحرب ضد المرتدين في اليمن وغيرها..
في المناقشات الفقهية الكثيرة حول الردة القديمة والمعاصرة.. لم يعد من السهل الوقوف على رأي شرعي وفقهي نهائي يحدد متى يكون المسلم قد ارتد.. هل بتركه كل الدين أو جزء منه.. أو بوقف ولائه لدولة الإسلام مع بقائه على الدين ؟
ومع ذلك فإن اصطلاح الردة أو حركة الردة قد أوردته المصادر ليصف الوضع الذي نشأ في الجزيرة العربية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .. وهو الوضع الذي تتفاوت تفاصيله من منطقة لأخرى.. لكنه في كل حال كان وضعاً سياسيا غير مقبول بل ويفت في وحدة الدولة..
ففد رفض فيه قسم من القبائل مجدداً تعاليم الإسلام.. وعادت إلى عبادة أصنامها.. ورفضت سلطة الخليفة الأول للمسلمين عليها..
وقسم آخر أراد البقاء على الإسلام لكنه رفض سلطة الخلافة في المدينة والواجبات تجاهها.. فقالوا: نؤد الصلاة ولا نؤد الزكاة.. ولم تشذ القبائل اليمنية كثيراً عن هذا إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم..
- فسواء أكانت الردة ارتداداً عن الإسلام أو رفضاً لسلطة المدينة أو قريش كما قالوا.. فإن الثابت في كل الأحوال هي ثبوت صفة الردة على كثير من قبائل اليمن.. إذ ثبتت قلة من أهل اليمن على الإسلام.. وهي التي شاركت جيوش الخلافة فيما بعد في القضاء على حركات الردة خاصة في حضرموت وكندة..
- ولا ينبغي النظر إلى ردة أهل اليمن بتشنج عاطفي وطني أو ديني .. بل بموضوعية وعقل يتفهمان الموقف في ظروفه التاريخية.. فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بجماعته الإسلامية وشخصيته النافذة.. تمكن من إدخال الناس في الإسلام رغبة ورهبة.. لكنه ربطت كثير من القبائل إسلامها بمنافع تجنيها من الإسلام.. كعقيدة أو كقوة مادية..
- ولذلك لا غرابة أن يسمى العام العاشر بعد هزيمة قريش عام الوفود .. ( أي عام الوفود التي وفدت إلى المدينة لإعلان الإسلام) .. وقد أظهرت المصادر أن معظم القبائل لم تسلم بشكل نهائي لهيبتها قريشاً.. لكن بعد هزيمة قريش وسقوط هيبتها وبالذات في فتح مكة وما تلاها من أحداث .. فلابد من الاعتراف بالقوة الجديدة وهي قوة الإسلام والمسلمين.. على الصعيد السياسي من جهة.. وعلى الصعيد العسكري من جهة أخرى.. وكان الأخير يمثل العمود الفقري للقبائل وقتها..
- وبوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.. تصور الكثيرون إختفاء الشخصية النافذة المُجَمِّعَة والمُوحِّدَة.. وراح ينظر بعض القوم إلى الخلافة على أنها توريث غير مسبوق لسلطة أقروها في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.. ولا يريدون إقرارها لغيره.. كما ظهر ذلك في بعض أشعارهم وشعاراتهم أثناء القتال وقتها..
- وبهدوء وموضوعية يمكن تفهم حركة الردة في اليمن وغير اليمن – على ضوء التجربة الضخمة التي شيد بداياتها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم – وأنشأ نواة لدولة مركزية في المدينة.. تخضع لمبادئ الإسلام.. وكذلك على ضوء الزمن القصير الذي لا يمكن معه تصور رسوخ المبادئ الإسلامية.. أو معنى الاحتكام إلى سلطة واحدة في مساحة جغرافية ضخمة بمساحة شبه جزيرة العرب.. وهما أمران خطيران بالقياس إلى تعدد الآلهة والوضع القبلي المشرذم سياسياً في كل أنحاء الجزيرة..
وهو ما يختلف عما كان من الصحابة الأوائل الذين تشربوا منه مباشرة تعاليم الإسلام واختبروا في مواقع كثيرة ليصفوا إسلامهم.. فقد ثبتوا على الإسلام وألهموا الخليفة أبو بكر رأيا سديداً في قتال المرتدين .. فهو لم يقبل كغيره من بعض الصحابة الأخيار بأن لا يقاتل من يشهد بأن لا إله إلا الله.. بل أصر على ضرورة الخضوع لعاصمة الإسلام المدينة قائلا: والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.