في جهاد الصحابة… بقلم مجدي سـالم الحلقة 789 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..” ليتني قبلت الرخصة” -5
في جهاد الصحابة… بقلم مجدي سـالم الحلقة 789 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..” ليتني قبلت الرخصة” -5
عاشرا.. شخصيته في مواقفه عبد الله بن عمرو في حياته.. نكمل..
قال مجاهد.. وكان عبدالله بن عمرو حين ضعف وكبر يصوم الأيام كذلك.. يصل بعضها إلى بعض؛ ليتقوَّى بذلك.. ثم يفطر بعد ذلك الأيام.. قال: وكان يقرأ من أحزابه كذلك.. يزيد أحيانًا.. وينقص أحيانًا غير أنه يوفي به العدة.. إما في سبع.. وإما في ثلاث.. ثم كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ مما عدل به أو عدل؛ لكني فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره؛ (من حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصفهاني) ..
قال يعلى بن عطاء بن أبي رباح: كان عبدالله بن عمرو يكثر من البكاء.. ويغلق عليه بابه.. ويبكي حتى رمدت عيناه (ما يجتمع في زوايا الأجفان من رطوبة العين)؛ (من حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصفهاني) ..
قال عبدالله بن عمرو بن العاص: لخير أعمله اليوم أحبُّ إليَّ من مثليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهمُّنا الآخرة.. ولا تهمُّنا الدنيا.. وأن اليوم قد مالت بنا الدنيا؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصفهاني) ..
وفي كرم عبدالله بن عمرو.. قال سليمان بن ربيعة حدَّثه أنه حجَّ في إمرة معاوية ومعه المنتصر بن الحارث الضبي في عصابة من قرَّاء أهل البصرة.. فقالوا: والله.. لا نرجع حتى نلقى رجلًا من أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مرضيًّا يُحدِّثنا بحديث.. فلم نزل نسأل حتى حُدِّثنا أن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه نازِلٌ في أسفل مكة.. فعمدنا إليه..
فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاثمائة راحلة منها مائة راحلة ومائتا زاملة (البعير القوي).. قلنا: لمن هذا الثقل؟ فقالوا: لعبدالله بن عمرو.. فقلنا: أكل هذا له؟ وكنا نحدث أنه من أشد الناس تواضُعًا..
فقالوا: أما هذه المائة راحلة فلإخوانه يحملهم عليها.. وأما المائتان فلمن نزل عليه من أهل الأمصار له ولأضيافه؛ فعجبنا من ذلك عجبًا شديدًا.. فقالوا: لا تعجبوا من هذا.. فإن عبدالله بن عمرو رجل غني.. وإنه يرى حقًّا عليه أن يكثر من الزاد لمن نزل عليه من الناس..
فقلنا: دلونا عليه.. فقالوا: إنه في المسجد الحرام.. فانطلقنا نطلبه حتى وجدناه في دبر الكعبة جالسًا رجل قصير أرمص (والرمص مما يجتمع في زوايا الأجفان من رطوبة العين) بين بردين وعمامة وليس عليه قميص قد علق نعليه في شماله؛ (من حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصفهاني.. جـ1.. صـ291)..
حادي عشر.. أحديث في بحث عبد الله عن الطاعات..
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك.. قال: كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقال: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)) فطلع رجل من الأنصار.. تنطف لحيته من وضوئه.. قد تعلق نعليه في يده الشمال.. فلما كان الغد.. قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.. فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى.. فلما كان اليوم الثالث.. قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا.. فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى..
فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم.. تبعَه عبدالله بن عمرو بن العاص.. فقال: إني لاحيت أبي.. فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا.. فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت.. قال: نعم..
قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث.. فلم يره يقوم من الليل شيئًا.. غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبَّر حتى يقوم لصلاة الفجر.. قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا..
فلما مضت الثلاث ليال.. وكدت أن أحتقر عمله.. قلت: يا عبدالله.. إني لم يكن بيني وبين أبي غضب.. ولا هجر ثم؛ ولكني سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)).. فطلعت أنت في الثلاث مرار.. فأردتُ أن آوي إليك؛ لأنظر ما عملك.. فأقتدي به.. فلم أرك تعمل كثيرَ عملٍ.. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟
فقال الرجل: ما هو إلا ما رأيت.. قال: فلما وليت.. دعاني.. فقال: ما هو إلا ما رأيت.. غير أني لا أجد في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشًّا ولا أحسد أحدًا على خيرٍ أعطاه الله إيَّاه..
فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك.. وهي التي لا نطيق؛ (حديث صحيح) (من مسند الإمام أحمد) ..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.