في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة / 650 ” البراء بن مالك بن النضر من بني النجار”.. “حروب الردة” -7
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة / 650 ” البراء بن مالك بن النضر من بني النجار”.. “حروب الردة” -7
رابع عشر.. في الهجوم الثاني للمسلمين.. نكمل..
أصبح خالد بن الوليد هو المكلف الآن بقتال بني حنيفة.. فيجمع خالد بن الوليد جيشه.. وبعض الصحابة من المدينة.. إلى جيش شرحبيل بن حسنة.. ويتوجه الجميع إلى قبيلة بني حنيفة.. وبعد خروج جيش خالد من المدينة.. يرسل أبو بكر الصديق مددا آخر إلى خالد بن الوليد.. على رأسه سليط بن قيس أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فيلحق هذا المدد بخالد بن الوليد.. فتصل هذه الجيوش.. والمدد إلى اثني عشر ألف في أكثر تقدير.. وتذكر بعض الروايات أنهم عشرة آلاف..
وفي الوقت الذي توجه فيه خالد من المدينة لمحاربة مسيلمة الكذاب كان هناك جيش آخر متجه من الشمال إلى بني حنيفة لقتالهم أيضا.. وعلى رأس هذا الجيش سجاح التي ادعت النبوة.. فهو ليس جيشًا مسلمًا.. بل إنه جيش مرتد.. وهذا الجيش على أغلب التقديرات تعداده يصل إلى مائة ألف.. فلم تكن قوة المرتدين قوة واحدة.. بل كان هدف كل قوة السيطرة على الجزيرة العربية بمفردها..
ثم تقدمت الجيوش الإسلامية ناحية بني حنيفة.. وقسم جيشه.. ورتب قواته.. فجعل شرحبيل بن حسنة على المقدمة.. وهذا أيضًا نظر حربي ثاقب أن يجعله على مقدمة الجيوش.. رغم فراره.. وعدم مواجهته لمسيلمة في بادئ أمره.. إلا أن خالد يثق في قوته.. وحنكته في الحرب.. ثم يجعل على ميمنته زيد بن الخطاب.. وعلى الميسرة أبا حذيفة.. وكان أبو بكر الصديق قد عرض الإمارة على زيد بن الخطاب.. وأبو حذيفة من قبل ورفضاها.. فيحفظ لهما مكانتهما.. ويضع زيد على إمارة الميمنة.. ويضع أبا حذيفة على إمارة الميسرة.. ..
ثم فَرّق خالد بين المهاجرين والأنصار.. حتى يعلم المسلمون من أين يُؤتون.. وليحفز المسلمين على القتال.. وجعل على راية الأنصار ثابت بن قيس.. وعلى راية المهاجرين سالم مولى أبي حذيفة.. ويبقى خالد بن الوليد في منتصف الجيوش حتى يدير هو كل المعركة.. وجعل فسطاطه في مؤخرة هذا الجيش.. وفي داخل الفسطاط مجاعة الأسير.. وزوجته تقوم برعايته.. وجعل في مؤخرته سليط بن قيس.. وكان من العادة أن هذه المؤخرة لا تقاتل في الحروب.. وإنما دورها حماية ظهر الجيش.. وقاتل هو بكل الجيش المقدمة والميمنة والميسرة ومنتصف الجيش الذي يوجد فيه بنفسه..
خامس عشر.. في إعداد مسيلمة لجيش المرتدين..
أما مسيلمة بن حبيب الكذاب.. فكانت عنده مجموعة كبيرة من الحصون.. أكبرها يسمونه الحديقة.. وكانت له أسوار عالية.. وكانت قوة مسيلمة كبيرة جدا لا تستوعبها هذه الحديقة.. فخرج بجيشه خارج حديقته.. وعسكر خارج اليمامة في منطقه تسمى عقرباء.. وجهز جيشه.. وجعل على ميمنته محكم بن الطفيل.. وهو وزير مسيلمة.. اتخذه وزيرا منذ ادَّعى النبوة, وجعل على الميسرة نهار الرَّجال الذي ارتد مع مسيلمة.. وبقي مسيلمة نفسه في مؤخرة جيشه.. ووضع خيمته على باب حصنه.. حتى إذا حدثت هزيمة يدخل هو الحصن.. وكان هناك بعض الحصون الأخرى.. وضعوا فيها النساء والأطفال. واقترب خالد بن الوليد..
سادس عشر.. قالوا عن “اليمامة – عقرباء- حديقة الموت”..
وبدأت موقعة اليمامة.. وتعد هذه المعركة من المعارك القليلة التي من الممكن على ضوئها أن يتغير التاريخ..
يقول “إسلام ويب”.. فإن الصحابي الذي فتح حديقة الموت هو البراء بن مالك رضي الله عنه.. حيث إنه يوم قتال أصحاب مسيلمة أمر أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم.. ويلقوه في الحديقة.. فاقتحم إليهم وشد عليهم.. وقاتل حتى افتتح باب الحديقة.. فجرح يومئذ بضعة وثمانين جرحاً.. وهو رضي الله عنه كان شديد الإقدام حتى قيل: إن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الجيش لا تستعملوا البراء على جيش.. فإنه مهلكة من المهالك يقدم بهم.. وقد اشتهر عنه أن قتل في حروبه مائة نفس من الشجعان مبارزة.. وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كم ضعيف متضعف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره.. منهم البراء بن مالك”..
وتقول دائرة المعارف الإسلامية.. أنه كان بين المرتدين من القبائل وبني حنيفة.. وبين المسلمين.. يوم شديد الهول ثبت فيه بنو حنيفة وقاتلوا عن أنفسهم وأحسابهم قتالاً شديداً.. حتى انكشف المسلمون وكادت الهزيمة تلحقهم لولا رجال من ذوي الدين والحمية الدينية الذين ثبتوا وصرخوا في الناس: “يا أصحاب سورة البقرة يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال”.. وأمرهم خالد بأن يمتازوا حتى يعلم من أين يُؤتوا. فأثارت هذه الصيحات روح الاستشهاد في نفوس المسلمين.. فحملوا على جيش مسيلمة حملة استطاعوا أن يزحزحوا جيوشه عن موقفهم الأول.. – ثم شد المسلمون حتى فر بنو حنيفة إلى الحديقة التي تسمي “حديقة الرحمن” وكانت منيعة الجدران فتحصنوا بها إلا أن المسلمين استطاعوا أن يقتحموها بمعونة البراء بن مالك الذي رفعوه فوق الجحف برماحهم واستطاع فتح باب الحديقة ودخل المسلمون وهم يكبرون.. فقتل فيها مسيلمة وكان قاتله هو وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب فما قيل.. وقد قتل في هذه المعركة خلق كثير من جيش المسلمين..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.