في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة / 667 ” وبر بن يحنس الخزاعي”.. ” ما قاله المشككون والرد عليهم ” –6

في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة / 667 ” وبر بن يحنس الخزاعي”.. ” ما قاله المشككون والرد عليهم ” –6

7- ما قاله المتشككون والرد عليهم.. في الإعجاز في تحديد قبلة مسجد صنعاء.. نكمل..

ثالثا.. التشكيك في دقة الوصف للأماكن هندسيا.. نكمل..

3) نكمل.. يقولون إن عثمان بن عفان قد هدم قصر غمدان في اليمن.. بسبب فهمه الخاطيء للآية الكريمة..
«لايزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم» .. وعلى أن المعني بها قصر غمدان.. ذكر الرحالة محمد القزويني في رحلاته غمدان كأحد عجائب بلاد العرب.. ويعتبره بعض المؤرخون أنه من أوائل القصور الضخمة في العالم ويعتقد حاليا أن الجامع الكبير بصنعاء قد بني على أنقاض هذا القصر..

أما أبواب الجامع الكبير فمن الثابت كونها هي نفسها أبواب قصر غمدان وعليها كتابات بخط المسند.. ذكره الهمداني في كتاب الإكليل في الجزء الثامن بقوله..
يسمو إلى كبد السماء مصُعّداً عشرين سقفاً سمكها لا يقصرُ

الرد.. يبدو أننا هنا أمام مغالطة كبيرة.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يعرف مكان المسجد بداية بالصخرة الململمة التي تقع في (أصل غمدان).. أي أم الصخرة تقع تحت بقايا قصر غمدان.. وتظهر منها أجزاء كبيرة حتى أنه من الميسور على من يرتاد المكان أن يراها.. بل وأن يصفها..

ثم انظر إلى الإتهام لعثمان بن عفان – وهو ثالث الخلفاء الراشدين – بإنه من هدم قصر غمدان.. كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يحدد حد المسجد بالخرة الواقعة تحت أطلال القصر.. أي أن غمدان قد هدم قبل دخول الإسلام إلى اليمن.. ثم أنه من الوارد أن يستخدم من بنى المسجد بعض بقايا القصر.. من أبواب وخلافه.. علما بإن هذا الأسلوب في بعض مبانينا.. حين نذهب لشراء مثل هذه الأبواب وخلافه لمشاريع تحت الإنشاء..
4) يقولون.. الخلاصة أن القول “يستقبل ضين…” و ذلك لا يعجز علم بشر – كما أشرنا سابقا – وأما مكان المسجد فقد تم إختياره من منطلق العزم على دفن معلم تاريخي وهو قصر غمدان الموجود من سنة 100 ميلادي لفرض الهوية الثقافية الجديدة ولا علم مسبق بدقة القبلة واجب في ظل هذه الغاية الواضحة.. ولا يمنعنا شيء من أن نقول أنها مجرد (صدفة).. فإما أن محمدا كان واعيا بتلك المعطيات النسبية.. وذلك ليس من الإعجاز في شيء.. وأما الأحاديث و الرسالات فقد تم إختلاقها فيما بعد بتفاصيلها.. لكن إن كنت مؤمنا طبعا سنستهلك ظاهرها الإعجازي الجميل لدفن المخفيات بلا تتبر و لا تساؤل و لا بيان ولا تحري من وراء الخرافات التي ينشرها الإعجازيون لإغتصاب أسس العلم و المعرفة في سبيل فرض دوغمائيتهم القهرية العليانية الأنانية التي لا تغني عن الحق شيئا..
الرد.. والخلاصة التي ثبتت على أرض الواقع.. أنه رغم بساطة ووضوح حديثه صلى الله عليه وسلم.. إلا أن الدقة اللفظية.. وشدة اٌقتضاب نص الحديث.. وكذا أمانة نقل روايته بتتابع الرواه على مدى أكثر من أربعة عشر قرنا.. قد أخذت بيدنا في العصر الحديث لفهم هذه المعجزة..
وإن فهمها بشكل دقيق – وللعجب.. يحتاج إلى الإلمام ببعض من علوم الهندسية.. مثل المساحة والهندسة المستوية والهندسة الفراغية (أفصد المساحة الجيوديثية).. وعلم المساحة الفوتوجرامترية أو المساحة الجوية..
ولا تتعجب إن قلنا أن الدارس يجب أن تتوافر لديه خلفية عن جيولوجيا وطبيعة جنوب الجزيرة العربية..
وخلاصة المعجزة التي أثبتتها الوسائل الحديثة والتصوير من الفضاء تثبت أنه..
أولا.. حدد النبي صلى الله عليه وسلم بستان “باذان” مكانا لمسجد صنعاء يمين جبل ضين.. وحدد حدوده من “الصخرة الململمة” وحتى جدر البستان..
(ومن يعرف طبيعة المنطقة هناك يعرف أن صخورها نارية منتظمة التكوين من حيث مادتها.. وتشبه “الزلط” المصري لكن أحجامها ضخمة جدا.. بينما تختلف مادة الصخور الململمة عنها جدا.. فهي تجمع أنواعا عديدة من مواد الصخور في صخرة واحدة.. وتشبه الصخور الرسوبية المعروفة عند الجيوليجيين)..
ثانيا.. وحدد صلى الله عليه وسلم خطا لتحديد إتجاه القبلة بدقة للمسجد .. وهذا الخط يسير من منتصف الدعامة المسمورة إلى منتصف الأخرى المنقورة..
ثم يمتد فيلاقي نقطة على قمة جبل ضين (وقد حافظ عليها اليمنيون إلى اليوم بل وجعلوا فوقها برج الإذاعة).. ثم يستمر الخط في مساره في مستوى رأسي ليقطع الحدود السعودية.. حتى يتقاطع رأسيا تماما عموديا على الكعبة المشرفة وليتقاطع مع المستوى الرأسي بين الحجر الأسود والركن اليماني..
أجمل ما في هذه المعجزة أننا ما زلنا نمسكها بأيدينا وتراها أعيننا.. ولا نملك إلا أن نهدي المتشككين الآية الكريمة.. ”

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ”.. من سورة الحج..

.. نراكم غدا إن شاء الله..