في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة/ 736 ” أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد”-3
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 736 ” أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد”-3
رابعا.. في مواقف لأبي سفيان بن حرب في الجاهلية :
1- أَبُو سُفْيَان صخر بْن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي. هُوَ والد معاوية.. ويزيد.. وعتبة.. وإخوتهم. ولد قبل الفيل بعشر سنين.. وَكَانَ من أشراف قريش فِي الجاهلية.. وَكَانَ تاجرا يجهّز التجّار بما له وأموال قريش إِلَى الشام وغيرها من أرض العجم.. وَكَانَ يخرج أحيانًا بنفسه.. فكانت إليه راية الرؤساء المعروفة بالعقاب.. وَكَانَ لا يحبسها إلا رئيس.. فإذا حميت الحرب اجتمعت قريش فوضعت تلك الراية بيد الرئيس.. ويقال: كَانَ أفضل قريش فِي الجاهلية رأيًا ثلاثة: عتبة.. وأبو جهل.. وأبو سفيان.. فلما أتى اللَّه بالإسلام أدبروا فِي الرأي. وَكَانَ أَبُو سُفْيَان صديق العباس ونديمه فِي الجاهلية..
2- في يوم أُحد كان أبو سفيان بن حرب هو الذي قاد قريشًا كلها يوم أُحد.. ولم يكن بأعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة الجيش وتنظيمه.. لكن أبا سفيان استطاع أن يجند عددًا كبيرًا من قريش.. فكانت عدتهم 3000.. فيهم 700 دارع.. ومعهم 200 فرس..
3- وموقف آخر مع زيد بن الدثنة رضي الله عنه إذ اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب.. فقال له أبو سفيان حين قَدِمَ ليُقتل: أنشدك بالله يا زيد.. أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه.. وأنك في أهلك. قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا..
4- وقد ردت سيرة أبي سفيان بن حرب في العديد من المصادر التاريخية “كتاريخ الرسل والملوك” لابن جرير الطبري (ت. 311هـ).. والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت. 630هـ).. فضلاً عن الكثير من كتب التراجم والطبقات كالطبقات الكبرى لابن سعد (ت. 230هـ).. وسير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي (ت. 748هـ) .. وبحسب تلك المصادر.. فإن اسم أبي سفيان هو صخر.. وولد على أرجح الأقوال قبل عام الفيل بعشر سنين. وتتفق المصادر على التأكيد على المكانة المرتفعة التي حظي بها أبو سفيان في المجتمع القرشي.. ومما يدل على ذلك أنه كان يحتفظ بـ”راية العقاب”.. وهي راية الحرب التي اعتادت قريش أن ترفعها وقت الحرب.. بحسب ما ذكره ابن عبد البر النميري (ت. 463هـ) في كتابه “الاستيعاب في معرفة الأصحاب”..
5- وذكر ابن عبد ربه الأندلسي (ت. 328هـ) في كتابه “العقد الفريد” أن أحد ملوك اليمن في مرحلة ما قبل الإسلام.. لمّا أراد أن يعرف مَن هو السيد الحقيقي في قريش.. أرسل لمكة عشرة من الإبل.. وطلب أن ينحرهم أشرف سيد من سادات قريش.. وكان أبو سفيان وقتها يتزوج من هند بنت عتبة.. فأمر بألا يقترب من الإبل أحداً.. وقال مهدداً “والله ما نحرها غيري إلا نحرته”.. فتركها الجميع.. حتى إذا ما خرج من منزله بعد سبعة أيام من عرسه.. ذهب إلى الإبل ونحرها..
6- بعد هجرة المسلمين إلى يثرب.. كان أبو سفيان لاعباً رئيساً في الحشد ضد الرسول.. فهو الذي أرسل مستغيثاً إلى زعماء قريش.. بعدما عرف بنيّة المسلمين مهاجمة قافلته.. في حادثة تسببت بنشوب معركة بدر في العام الثاني من الهجرة.. وهو أيضاً الذي قاد الجموع المغيرة على يثرب في معركتي أحد (3هـ).. والخندق (5هـ).. بعدما سقط أبرز قادة قريش من أمثال عمرو بن هشام وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة.. ليبقى وحيداً في مواجهة المد الإسلامي..
7- وتتحدث المصادر التاريخية عن تغيّر سياسة أبي سفيان تجاه المسلمين بعد ما وقع من إغارة بني بكر.. حلفاء قريش.. على خزاعة.. حلفاء الرسول.. الأمر الذي كان من شأنه نقض صلح الحديبية الذي أبرم بين الفريقين في العام السادس للهجرة.. إذ حاول أبو سفيان تدارك الوضع.. فزار يثرب وحاول الإبقاء على الهدنة.. ولكنه فشل في مسعاه فعاد إلى مكة خائباً..
خامسا.. أبو سفيان في زعامة البيت الأموي..
1- أبو سفيان الذي كان زعيم البيت الأموي منذ فترة مبكرة من حياته عُرف بمشاركته في الرحلات والقوافل التجارية.. وبأسفاره إلى بلاد الشام والعراق وبلاد فارس.. وذكرت روايات أنه التقى بملوك البيزنطيين والفرس في بعض الأحيان.. ولا شك في مكانة أبي سفيان.. وزعامته لبني أمية.. فضلاً عن ثرائه الواسع..
2- كانت كلها عوامل اشتركت مع بعضها البعض في تنصيبه كواحد من قادة الطبقة الأرستقراطية الأكثر تأثيراً على مسرح الأحداث السياسية في مكة.. ومن هنا لم يكن من الغريب أن نجد المصادر الإسلامية تتحدث عن دوره الفاعل في عداوة الدعوة المحمدية في بواكيرها.. خصوصاً أن تلك الدعوة اجتذبت إليها قطاعاً عريضاً من المهمشين والضعفاء والعبيد والموالي.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.