في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة / 745 ” أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد” -11
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة / 745 ” أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد” -11
عاشرا.. في الحوار الذي دار بين أبي سفيان وهرقل.. نكمل..
وفي الحَديثِ: بيانُ جُملةٍ عَظيمةٍ مِن أُصولِ الإسلامِ وأصولِ دَعوتِه.. وفيه:
بيانُ جُملةٍ مِن نُعوتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.. وأنَّ ذلك مكتوبٌ في التوراةِ والإنجيلِ؛ فهذا الذي قالَه هِرقلُ أخَذَه مِن الكتُبِ القديمةِ؛ ففي التوراةِ هذا أو نحوُه مِن أعلامِ نُبوَّتِه..
وفيه: مُكاتَبةُ الكُفارِ بالدَّعوةِ إلى الإسلامِ.. ومُلاطَفةُ المَكتوبِ إليه.. وتَقديرُه التَّقديرَ اللَّائقَ المُناسِبَ.. الَّذي لا يَتجاوَزُ حُدودَ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ.وفيه: أنَّ الكِتابيَّ إذا أسلَمَ له أجْرانِ..
وفيه: أنَّ صِدقَ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان معلومًا لأهلِ الكِتابِ عِلمًا قطعيًّا.. وإنَّما ترَك الإيمانَ به مَن ترَكَه منهم عِنادًا أو حسدًا.. أو خوفًا على فَواتِ مَناصبِهم في الدُّنيا.. ونحوَ ذلِك..
وفيه: استِقباحُ الكَذِبِ عِندَ جَميعِ الأُمَمِ.. وأنَّ العدوَّ لا يُؤمَنُ أنْ يَكذِبَ على عَدوِّه؛ فيَنبغي التحرُّزُ منه..
وفيه: أنَّ مَن كان رَئيسًا مَتْبوعًا مَسموعًا يكونُ عليه إثمُ الكُفرِ وإثمُ مَن عمِلَه واتَّبعَه.. وكذا مَن كان سببًا لضلالةٍ أو منْعِ هِدايةٍ..
فقد علَّل هرقل في تعقيبه على كلام أبي سفيان.. بتعليل جمع بُعدين: البُعد العقلي.. والبُعد الدِّيني المستَقَى مِن كُتُب أهل الكتاب السابقين.. ثم قدَّم بشارةً..
أولاها.. أما البُعد العقلي:
فإنَّ الرسول لم يكُن كذَّابًا.. واشتُهر بالصِّدق.. وهذا ما يجعله ذو مصداقية عالية عند الناس.. وفي نفس الأمْر.. فإنَّ الصادق عاقل ذو إيمان.. فلا يكذب على الله.. ويَصْدُق الناس..
لم يحْدث أنْ قام أحدُ أبناء مكة أو قريش بادِّعاء النبوَّة.. حتى يقلِّده الرسول محمد فيما يقول.. فهو أول مَن دعا بالنبوة في قومه..
ليس لآباءِ محمد صلى الله عليه وسلم مُلك أو سلطان.. حتى لا يظنَّ أنه أراد أن يُطالِب بمُلْك آبائه.. فاتخذَ النبوَّة وسيلة لذلك..
ثانيها.. أما البُعد الدِّيني وهو مُستَقًى مِن اطِّلاع هرقل على الكُتب السماوية السابقة فيبدو في تأكيده على:
أنَّ كل رسول مبعوث في قومه فهو ذو نسَب طيِّب.. معروف الأصل.. وتلك حكمة عظيمة.. حتى لا يكُون دخيلًا أو مدَّعيًا يطلب الشهرة والصيت من دعواه..
أن الرسول محمد يتبعه ضعفاء الناس.. وهذه سُنَّة الأنبياء في الأرض.. يؤمن بهم ضعفاء الناس وفقراءهم..
وأن مَن يؤمن لا يرتدُّ بعد إيمانه.. ذلك أن للإيمان حلاوة يَعرفها مَن ذاقها.. وولجَتْ قلبَه.. فلا يرتدُّ عنها..
وأن مِن أخلاق الرسول الأمانة وحفظ العهْد.. فلا يَعرف الغدْر والخيانة.. وهي من أخلاق الرُّسل.. أما أخلاق الملوك وطلَّاب السُّلطة والمنصب فتحكُمهم اعتباراتُ المصلحة والسياسة.. لا الأخلاق والهداية..
أن ما يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هي دَعاوَى الرُّسل والأنبياء جميعًا.. فهُم مِن مشكاة واحدة.. يَعرفها مَن قرأ الدِّيانات السماوية.. وطالَع كُتُبَها.. فالتوحيد والأخلاق الحسَنة وصِلَة الرَّحم لم يختلف عليه أحد مِن المبعوثين مِن عند الله..
ثالثها.. كانت البشارة التي قدَّمها هرقل:
أن محمدا سيمتدُّ مُلكه حتى موطنِ قدميه هاتين.. وهو ما تحقَّق بالفعل.. سواء كان يَقصد بقدميه أرضَ إيلياء (بيت المقدس) بفلسطين.. أو يقصد مُلْكَه هو.. وهذا ما تمَّ حيث سيطر المسلمون على مُعظم بلدان دولة الروم في الشام وشمال إفريقية.. ثم فتحوا عاصمة مُلكهم الكُبرَى مدينة القسطنطينيَّة على يد محمد الفاتح..
رابعها.. دعوة هرقل لإسلام الروم وإعراضهم:
ففي الرواية.. فبينما هم على أمرهم أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن وسأله عن العرب فقال: هم يختتنون فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت..
ثم اطلع فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت.. فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال ردوهم علي وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت.. فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل
الراوي.. نعلم أن هرقل كان على دِيانة النصرانية.. وهو ذو عِلم وحِكمة وبصيرة..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
الصورة.. كيف عرف هرقل بقدوم النبي لبيت المقدس.. في ليلة الإسراء والمعراج.؟
التعليقات مغلقة.