في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة/ 746 “أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد” -12
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 746 “أبو سفيان صخر بن حرب”..”من رأس الشرك إلى الجهاد” -12
عاشرا.. في الحوار الذي دار بين أبي سفيان وهرقل.. نكمل
الراوي.. والملاحَظ أنَّ أسئلة هرقل.. كانت دقيقةً للغاية.. فقد سأل عن نسَب الرسول؟ ومَن أعلَم بالأنساب مثل أبي سفيان! فأخبره أبو سفيان أنه ذو نسَب عظيم.. وهو نسَب يمتدُّ إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.. وأنه رغم ذلك.. فليس مِن آباء الرسول ولا أجداده مِن مَلِكٍ.. وأنَّ مَن يؤمن بدعوته هم الضعفاء من الناس.. ومَن آمن به لا يتراجع عن إيمانه.. وهم في ازدياد رغم الحرب السِّجال بين الكفار والمسلمين. ثم شهد أبو سفيان أن دعوة الرسول تُنادي بتوحيد الله.. ثم بالصلاة وحُسن الخُلق والعفَّة في القول والسلوك..
فحين قرأ هرقل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت المعلومات لديه مكْتملة؛ مِن خلال حواره مع أبي سفيان.. ونُلاحظ أن كتاب الرسول إلى هرقل كان يتضمَّن القيَم العُليا المشتركة بين المسلمين وأهل الكتاب من النصارى وهي: عبادة الله الواحد الأحد.. دون أن يُعظِّم الناسُ بعضهم البعض. وقد اقتنع هرقل بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيٌّ.. ولكنه خشي مِن قومه.. وفضَّل أن يظلَّ في موضعه.. وهذا ما أشار إليه الرسول في كتابه.. فهو سيتحمَّل إثم قومه والشعوب التي يحكُمها.. وهكذا الملوك.. تكون حساباتهم دُنيوية.. ويخضعون لِنُفوذ مَن حوْلهم..
على الجانب الآخر.. فقد أدرَك أبو سفيان وهو راجحُ العقل.. أنَّ مُلْك ابن أبي كبشة (إشارة إلى الرسول محمد) قد وَصَل شأوًا عظيمًا.. ولكن الهداية من الله.. ولم يزل الأمرُ في قلب أبي سفيان حتى أَسلَم عند فتْح مكة مقتنعًا بعِظَم رسالة الإسلام التي حمَلَها نبيُّ الإسلام.. وهكذا كانت رؤية المشركين وكذا رؤية هرقل أحد أعظم الملوك مِن أهل الكتاب حول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.. وشخصِه الكريم..
وقد قدَّم أبو سفيان صُورة شاملة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.. وهي صورةٌ صادقة.. توضِّح أنَّ أبا سفيان وهو مشرك.. كان يَعلم جيِّدًا طبيعة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.. وما يدعو إليه مِن مكارم الأخلاق.. وصدْقه وأمانته.. وأنَّ الحرب السِّجال التي كانت بين كفار مكَّة والنبيِّ في المدينة هي حرب على غير أساس عقلي أو أخلاقي أو ديني.. فقد سلَّم زعيم قريش بعِظَم رسالة محمد.. وعِظَم نَسَبه.. وأنَّ دعوته في ازدياد.. وأنَّ مَن يؤمن بالإسلام لا يتخلَّى عنه مهما حدَث له.. وهذا يعني فيما يعني: ثبات موقف الرسول الحركي.. وثبات أتْباعه.. وتكاثُرَهم.. وأنَّ دعوته تغزو القلوبَ بيُسر.. فإذا غزَت القلوبَ لا تُغادرها.. ورغم أن الإسلام يُنادي أن يتْرك الناسُ دِيانة آبائهم.. وهي الشِّرْك والكفر بالله تعالى.. إلَّا أنَّ الإسلام يأمر بالصِّلة – على حدِّ قول أبي سفيان – أي: صِلة الرَّحم.. وهذا دليل على أن القضية ليست مُقاطعة الآباء.. وإنما اتِّخاذ موقف مِن العقائد التي كانوا يؤمنون بها.. وهو موقف يُريد الصلاح للناس.. وليس قطيعة الرحم..
حادي عشر.. نصيب أبي سفيان بن حرب من التراجم..
1) فهذا ما جاد به “الاستيعاب في معرفة الأصحاب” – أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.. .. أَبُو سُفْيَان صخر بْن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي.
هُوَ والد معاوية.. ويزيد.. وعتبة.. وإخوتهم. ولد قبل الفيل بعشر سنين.. وَكَانَ من أشراف قريش فِي الجاهلية.. وَكَانَ تاجرا يجهّز التجّار بما له وأموال قريش إِلَى الشام وغيرها من أرض العجم.. وَكَانَ يخرج أحيانًا بنفسه.. فكانت إليه راية الرؤساء المعروفة بالعقاب.. وَكَانَ لا يحبسها إلا رئيس.. فإذا حميت الحرب اجتمعت قريش فوضعت تلك الراية بيد الرئيس. ويقال: كَانَ أفضل قريش فِي الجاهلية رأيًا ثلاثة: عتبة.. وأبو جهل.. وأبو سفيان.. فلما أتى اللَّه بالإسلام أدبروا فِي الرأي. وَكَانَ أَبُو سُفْيَان صديق العباس ونديمه فِي الجاهلية..
أسلم أَبُو سُفْيَان يوم الفتح.. وشهد مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينًا.. وأعطاه من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية وزنها له بلال.. وأعطى ابنيه يَزِيد ومعاوية..
وفي حديث ابْن عباس عَنْ أبيه أنه لما أتى به العباس- وقد أردفه خلفه يوم الفتح إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأله أن يؤمنه. فلما رآه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. قَالَ له: ويحك يَا أبا سُفْيَان! أما آن لك- أن تعلم أن لا اله إلا اللَّه. فَقَالَ: بأبي أنت وأمّى.. ما أوصلك وأحلمك وأكرمك! والله لقد ظننت أنه لو كَانَ مَعَ اللَّه إلهًا غيره لقد أغنى عني شَيْئًا. فَقَالَ: ويحك يَا أبا سُفْيَان.. ألم يأن لك أن تعلم أني رَسُول اللَّهِ! فَقَالَ: بأبي أنت وأمي.. مَا أوصلك وأحلمك وأكرمك! أما هذه ففي النفس منها شيء.. فَقَالَ له العباس: ويلك! اشهد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقك. فشهد وأسلم.. ثم سأل له العباس رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤمن من دخل داره.. وَقَالَ: إنه رجل يحب الفخر والذكر.. فأسعفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وَقَالَ: من دخل دار أبي سُفْيَان فهو آمن.. ومن دخل الكعبة فهو آمن.. ومن ألقى السلاح فهو آمن.. ومن أغلق بابه عَلَى نفسه فهو آمن. ..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
الصورة.. عرف هرقل الحقيقة.. فدعاهم إلى الإسلام.. فانحاز لدنياهم..
التعليقات مغلقة.