في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة/ 808 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..”حديث الموسوعة عن الموسوعة” -23
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 808 ” عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي”..”حديث الموسوعة عن الموسوعة” -23
خامس عشر.. عبد الله بن عمرو عند المحدثين.. من صحيفة “الإتحاد”..
أسلم الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص قبل أبيه.. ويُقال كان اسمه العاص.. فسمّاه الرسول – صلى الله عليه وسلم – «عبدالله»..
ومنذ أسلم لم يعد الليل والنهار يتّسعان لتعبّده ونسكه.. فعكف على القرآن يحفظه ويفهمه.. وجلس في المسجد متعبدا.. وفي داره صائماً وقائماً.. لا ينقطع عن الذكر أبداً.. وإذا خرج المسلمون لقتال المشركين خرج معهم طالباً للشهادة..
وكان – رضي الله عنه – من العلماء العباد.. وأكثر الصحابة رواية وكتابة للحديث الشريف.. قال عنه أبو هريرة: ليس أحد من أصحاب الرسول أكثر أحاديث عن الرسول مني إلا عبدالله بن عمرو بن العاص.. فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب.. وعُرف – رضي الله عنه – بأنه الصحابي الوحيد الذي يكتب الحديث خلف رسول الله.. وروي عنه أنه استأذن النبي.. فقال: يا رسول الله أكتب ما أسمع في الرضا والغضب؟. قال النبي: «نعم فإني لا أقول إلا حقاً».. وكان صاحب صحيفة جمع فيها الكثير من أحاديث الرسول.. وتُعرف صحيفته بالصادقة..
وقد رُوي عنه في كتب الحديث المشهورة ما يزيد على سبعمائة حديث..
تقول الدمعة والصدقة قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله يقول: «نعم أهل البيت عبدالله.. وأبو عبدالله.. وأم عبدالله».. وعن عبدالله بن عمرو.. قال: جمعت القرآن.. فقرأته كله في ليلة.. فقال رسول الله: «اقرأه في شهر». قلت: يا رسول الله.. دعني أستمتع من قوتي وشبابي. قال: «اقرأه في عشرين». قلت: دعني أستمتع. قال: «اقرأه في سبع ليال». قلت: دعني يا رسول الله أستمتع. قال: فأبى..
وروى عنه أنه قال: لأن أدمع دمعه من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار..
عبادة موصولة.. ومما قيل عنه أيضا أنه كان إذا لم يكن هناك خروج لغزو يقضي أيامه من الفجر إلى الفجر في عبادة موصولة.. صيام وصلاة وتلاوة القرآن.. ولسانه لا يعرف إلا ذكر الله وتسبيحه واستغفاره.. فعلم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بذلك.. فاستدعاه وراح يدعوه إلى القصد في العبادة فقال الرسول الكريم: «ألَم أخْبَر أنك تصوم النهار لا تفطر.. وتصلي الليل لا تنام؟ فحَسْبُك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام». فقال عبدالله: إني أطيق أكثر من ذلك..
قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: «فحسبك أن تصوم من كل جمعة يومين».. قال عبدالله: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال رسول الله: «فهل لك إذن في خير الصيام.. صيام داود.. كان يصوم يوماً ويفطر يوماً». وقد عَمَّرَ عبدالله بن عمرو طويلا.. ولمّا تقدمت به السن ووَهَن منه العظم.. كان يتذكر دائما نُصْحَ الرسول فيقول: يا ليتني قبلت رُخصة رسول الله..
قال عبدالله بن عمرو بن العاص: ابن عباس أعلمنا بما مضى.. وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شيء.. قال عكرمة: فأخبرتُ ابن عباس بقوله فقال: إنّ عنده لعلماً.. ولقد كان يسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الحلال والحرام..
وقال عبدالله بن عمرو: لأن أكون عاشرَ عشرةٍ مساكين يوم القيامة أحبُّ إليّ من أكون عاشر عشرة أغنياء.. فإنّ الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال: هكذا وهكذا.. يقول: يتصدق يميناً وشمالاً.. وقال أيضاً: ما أعطي إنسانٌ شيئاً خيراً من صحّةٍ وعِفّةٍ.. وأمانةٍ وفقهٍ..
وعندما قامت الحرب بين طائفتين من المسلمين.. علي بن أبي طالب.. ومعاوية بن أبي سفيان.. اختار عمرو بن العاص طريقه إلى جوار معاوية.. وكان يدرك مدى حب المسلمين وثقتهم بابنه عبدالله.. فحين همّ بالخروج إلى صِفّين دعاه إليه ليحمله على الخروج إلى جانب معاوية.. فقال له: يا عبدالله تهيأ للخروج.. فإنك ستقاتل معنا.. وأجاب عبدالله: كيف؟ وقد عهد إليّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ألا أضع سيفا على عنق مسلم أبدا.. وعندما بلغ الثانية والسبعين من عمره..
كانت الصحيفةً تحت رأسه.. فتمنّع عليّ.. أي على عمرو.. فقلتُ: تمنعني شيئاً من كتبك؟ فقال: إنّ هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتُها من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليس بيني وبينه أحد.. فإذا سَلِمَ لي كتاب الله.. وسلمتْ لي هذه الصحيفة.. والوَهْط – وهو بستان عظيم كان بالطائف لعبد الله – لم أبالِ ما صنعتِ الدنيا. مرّ العلاء بن طارق بعبد الله بن عمرو بن العاص بينما كان يُصَلّي وراء المقام وهو يبكي.. وقد خسف القمر- فوقف يسمع فقال: ما توقفك يابن أخي؟ تعجب من أنّي أبكي؟ والله إنّ هذا القمر يبكي من خشية الله.. أمَا والله لو تعلمون علم اليقين لبكى أحدكم حتى ينقطع صوته.. ولسجد حتى ينقطع صلبه..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.