في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 485 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي”سيف الله” 50
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 485 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 50
- جهاد خالد بن الوليد في خلافة عمر بن الخطاب.. خالد في الشام..
دراسة موقعة اليرموك.. نكمل.. نظرة في الجانب الرومي.. - إن الله لا يصلح عمل المفسدين..
حدثت قصة في المعسكر الرومي -سنرويها لإظهار الفرق بين سيرة أمراء المسلمين مع الرعية والناس.. وسيرة أمراء الروم مع رعيتهم- فقد عاث الجيش الرومي.. وهو قادم من أنطاكية حتى وصل نهر اليرموك.. فسادًا في أرض قومهم.. فوقعوا على النساء ونهبوا الأموال وأخذوا الديار وسرقوا الماشية وذبحوها وأكلوها بغير حقها.. كل هذا يفعلونه في قومهم.. وفي أهل دينهم.. (وقد حدث مثل هذا تمامًا من الجيش الفارسي الذي جاء من المدائن إلى القادسية ليقاتل المسلمين؛ فعاثوا في قومهم الفُرس فسادًا وإجرامًا).. فالموقف يتكرر في كل عصر وكل مكان..
فأي جيش من جيوش الطواغيت لا يدين بدين ولا يلتزم به عندما يتملك السلطة لا يقف أمامه شيء؛ فما دامت لديه السلطة وهو مجرد من الإيمان فهو يفعل ما يشاء في العباد.. حتى لو كان هؤلاء العباد هم عامة الشعب التي يُفترَض أنه يحميها.. فلما فعلوا ذلك جاء الناس.. واشتكوا وضجُّوا بالشكوى إلى باهان.. وكان باهان قائد الجيش معروفًا بالشرف والنُّبل والعظمة.. وبكونه رجلاً كريمًا لا يقبل هذه الأمور بتاتًا.. وكما فعل رستم قام باهان أيضا ويخطب خطبة في الناس؛ فيقول: “يا معشر أهل هذا الدين إن حجة الله عليكم عظيمة.. إنه قد بعث إليكم رسولاً.. وأنزل إليكم كتابًا.. وكان رسولكم.. يعني المسيح عيسى بن مريم.. لا يريد الدنيا وزهَّدَكم فيها.. وأمركم ألا ترغبوا فيها.. وألا تظلموا أحدًا.. فإن الله لا يحب الظالمين.. فأنتم الآن تظلمون فما عذركم غدًا عند الله وقد تركتم أمر نبيكم.. وما آتاكم من كتاب ربكم؟ وهذا عدوكم قد نزل بكم يقتل مقاتليكم.. ويسبي ذراريكم.. وأنتم تعملون بالمعاصي فلا تنزعون عنها خشية العقاب فإن نزع الله سلطانكم من أيديكم.. وأظهر عليكم عدوكم فمن الظالم إلا أنتم؟ فاتقوا الله وانصرفوا عن ظلم الناس..
إنها خطبة عظيمة ورجل جليل؛ لكنهم يقولون ما لا يفعلون.. فقال له جندي: ما دمت تقول هذا الكلام فإن لديَّ مظلمة؛ فانصرني فيها؛ فقال له: قل لي حاجتك.. فقال: كانت لي غنم.. وكانت ترعى هذه الغنم زوجتي وابني.. فجاء جيش الروم وعليه عظيم من عظماء الروم (يعنى فرقة من فرق الروم.. وعليها واحد من العظماء) فجاء هذا العظيم وأخذ حاجته من هذه الأغنام ثم أخذ الباقي ووزعه على أصحابه؛ فذهبت زوجة الرجل إلى هذا العظيم وقالت له: خذ حاجتك من الأغنام التي استوليت عليها ورُدَّ عليَّ ما أعطيت لأصحابك (فيصبح نصف الظلم بدلاً من الظلم كله) ورَضِيَتْ بذلك.. فأَمر بها أن تُدخَل خيمته؛ فدخلت خيمته ودخل معها.. وطال مكثهما؛ فاقترب ابنها من الخيمة؛ فوجد الرجل يراودها عن نفسها وهي تبكي؛ فصرخ الغلام, فأُمِر به (الغلام) فَقُتِل؛ فخُبرِّ بذلك أبو الغلام؛ فذهب إلى العظيم وقال له: قد سمعت أنك فعلت ذلك بزوجتي وقتلت ابني؛ فقام إليه أشراف من أصحاب هذا العظيم يريدون قتله؛ فقال الرجل: فاتقيتهم بيدي؛ فقطعوها بالسيف.. وها هي مظلمتي أشكوها لك..
فقال له باهان: هل تعرف هذا الرجل؟ فقال: نعم؛ وأشار إلى واحد من عظماء القوم الجالسين في حضرة باهان؛ فقال باهان للرجل العظيم: ما دعاك إلى أن تفعل ذلك؟ فقال: إنما هو عبدي.. وهي أمتي, أتريد أن لا أقضي لذتي من أَمَتي.. وأن تقتلني بعبدي؛ ثم قام مجموعة من الأشراف بعد أن قال هذه الكلمة وانطلقوا إلى الرجل الذي جاء بالمظلمة؛ وقتلوه أمام باهان نفسه وفي حضرته؛
فقام باهان بعد هذا الأمر.. وخطب خطبة ثانية؛ فقال: أما أنتم فقد أتيتم أمرًا عظيمًا.. وعصيتم ربكم.. وأغضبتموه عليكم.. وإذا غضب على قوم فهو ينتقم منهم.. والعجب كل العجب كيف لا تُهَدُّ الجبالُ ولا تتفجر البحار ولا تزول الأرض ولا ترعد السماء لهذه الخطيئة التي عملتموها وأنا أنظر إلى أعمالكم العظام (أي تقومون بها أمام سمعي وبصري) إن كنتم تؤمنون بأن لهؤلاء المستضعفين المظلومين إلهًا ينتصر لهم.. وينصف المظلوم على الظالم؛ فأَيْقِنوا بالقصاص ومن الآن يُعجَّل لكم بالهلاك.. وإن كنتم لا تؤمنون بذلك فأنتم والله عندي شر من الكلاب وشر من الحمير.. ولعمري إنكم لتعملون أعمال قومٍ لا يؤمنون.. وأما أنا فأشهد أني بريء من أعمالكم.. وسوف ترون عاقبة الظلم.. ولأي مصير تصيرون.. ثم نزل وكفَّ عنهم, ولم يعاقبهم.. فما الفائدة.! .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.