في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 494 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي “سيف الله” 59
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 494 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 59
- في وثائق عزل خالد بن الوليد.. والدرس الباقي أبدا..
لو ترك عمر العنان لخالد.. لدك خالد أبواب القسطنطينية..
يقول دكتور راغب السرجاني.. في قصة الإسلام أن عزل خالد بن الوليد كان موقفا مهما بارزا في التاريخ الإسلامي.. فما هي الأسباب التي دعت عمر لعزل خالد عن قيادة الجيش بالشام؟
أرسل عمر رسالة إلى أبي عبيدة بن الجراح في أرض الشام مع مولاه يرفأ.. جاء فيها:
نقلا عن تاريخ دمشق لابن عساكر: “أما بعد فإن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي.. فإنا لله وإنا إليه راجعون, ورحمة الله وبركاته على أبي بكر الصديق العامل بالحق والآمر بالقسط والآخذ بالعرف اللين الستير الوادع السهل القريب الحكيم, ونحتسب مصيبتنا فيه ومصيبة المسلمين عامة عند الله تعالى وأرغب إلى الله في العصمة بالتقى في مرحمته والعمل بطاعته ما أحيانا والحلول في جنته إذا توفانا فإنه على كل شيء قدير.. وقد بلغنا حصاركم لأهل دمشق وقد وليتك جماعة المسلمين فابثث سراياك في نواحي أهل حمص ودمشق وما سواها من أرض الشام وانظر في ذلك برأيك ومن حضرك من المسلمين ولا يحملنك قولي هذا على أن تغري عسكرك فيطمع فيك عدوك ولكن من استغنيت عنه فسيره ومن احتجت إليه في حصارك فاحتبسه (أي أن عمر بدأ يوجه القائد بنفسه.. من مكانه كخليفة للمسلمين.. فيأمره بإخراج السرايا إلى حمص.. وما حولها.. وألا تكن تلك السرايا كثيرة.. فيضعف ذلك من شأن الجيش المحاصر دمشق) وليكن فيمن يُحتبَس خالد بن الوليد فإنه لا غنى بك عنه. (فاحتياج المسلمين لخالد بن الوليد أمر لا ينكره أحد.. لذا نصحه أن يستبقيه مع الجيش الذي يحاصر دمشق)..
وعلى هذا النحو جاء خطاب عمر لأبي عبيدة بلهجة ليس فيها أمرٌ مباشر.. فقرأ أبو عبيدة الخطاب.. وأخذه المفاجأة لوفاة الصديق رضي الله عنه.. ثم نادى معاذ بن جبل فأخبره.. فاسترجع وقال: وما فعل المسلمون؟.. فقال له يرفأ: استخلف أبو بكر رحمة الله عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. فقال معاذ: الحمد لله.. وُفِّقُوا وأصابوا.. فقال أبو عبيدة: لقد خشيت أن أسأل يرفأ خشية أن يقول أن الخليفة غير عمر. (وهكذا كان الصحابة متفقين على خلافة عمر لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما).. ثم قال يرفأ لأبي عبيدة: إن عمر بن الخطاب يسألك عن جيش المسلمين.. ويسألك عن خالد بن الوليد.. ويزيد بن أبي سفيان.. وعن شرحبيل بن حسنة وعن معاذ بن جبل وهم قادة الجيوش.. فقال أبو عبيدة: (أما خالد فخير أمير.. وأشدهم على عدوهم من الكفار.. فجزاه الله عنهم خيرًا) وفي هذا شهادة من أمين الأمة على أن خالد بن الوليد رضي الله عنه ذو كفاءة عالية.. وأن اختياره للقيادة كان اختيارًا صائبًا.. ثم يذكر أن بقية القادة كانوا أشداء على المشركين رحماء بينهم..
ثم يقوم يرفأ لكي يعود إلى عمر.. فيأمره أبو عبيدة بالانتظار حتى يكتب معه.. ثم يجتمع هو ومعاذ بن جبل.. فيكتبان رسالة إلى عمر رضي الله عنه جاء فيها: في تاريخ دمشق لابن عساكر (من أبي عبيدة بن الجراح.. ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب.. إنك يا عمر أصبحت وقد وليت أمر أمة محمد أحمرها وأسودها.. يقعد بين يديك العدو والصديق.. والقوي والضعيف.. والشريف والوضيع.. ولكل عليك حقٌ وحصة من العدل.. فانظر كيف تكون يا عمر.. وإنا نُذَكِّرُك يومًا تبلى فيه السرائر.. وتكشف فيه العورات.. وتظهر فيه المخبآت.. وتعنو فيه الوجوه.. لملك قاهر قهرهم بجبروته.. والناس له داخرون.. ينتظرون قضاءه.. ويخافون عقابه.. ويرجون رحمته.. وإنه بلغنا أنه يكون في هذه الأمة رجال إخوان العلانية.. أعداء السريرة (يحذرونه من بطانة السوء) وإنا نعوذ بالله من ذلك.. فلا ينزل كتابنا من قلبك بغير المنزلة التي أنزلناها من أنفسنا (أي أن يهتم به كما اهتموا بكتابته) والسلام عليك” . - في أبي عبيدة يتكتم الأمر :
مضى الرسول بالكتاب إليه , وقال أبو عبيدة لمعاذ بن جبل والله ما أمرنا عمر أن نظهر هلاك أبي بكر للناس, وما نعاه إليهم فما ترى أن نذكر من ذلك شيئًا دون أن يكون هو الذي يذكره (يريد أن يكتم الخبر عن المسلمين.. حتى لا يوهن من عزائمهم.. وكتم ذلك الخبر يدل على مدى ما كان عليه أبو عبيدة من زهد في الدنيا , فقد ولاه عمر قيادة الجيوش بدلاً من خالد), قال له معاذ: فإنك نِعْمَ ما رأيت.. فسكتا فلم يذكرا للناس من ذلك شيئًا..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.