في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 496 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي “سيف الله” 61
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 496 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 61
- درس في العبقرية العسكرية في شخصية بن الوليد..
- لعل القائد الإسلامي خالد بن الوليد من ألمع تلك الشخصيَّات التي سطعت في سماء العبقريَّة العسكرية.. والذي استطاع في سنوات قليلة مستعينًا بالله أولاً.. ثم بفضل الحُنكة العسكرية الفذَّة والخبرة التكتيكية الفريدة أن يَدُك حصون الفرس والروم.. وهما أعظم دولتَين في ذلك الوقت.. وأن ينشر الإسلام عزيزًا مهابًا على أرض الجزيرة العربية وفي بلاد العراق والشام.. ولا عجب إذًا أن يقول فيه أبو بكر الصديق: “والله لأُنِسينَّ الرومَ وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”.. وقال عنه أيضًا: “لقد عجزت النساء أن يَلِدن مثل خالد”.. ولقد سمَّاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم دخوله الإسلام: ((أنت سيف من سيوف الله.. سلَّه على المشركين))
- وفي غزوة مؤتة في العام الثامن للهجرة.. وبعد أن حاصَر الجيشُ الرومي المؤلَّف من مائة ألف جندي الجيشَ المسلم المؤلَّف من ثلاثة آلاف جندي.. وبعد مقتل ثلاثة قادة من قواد الحملة.. وإزاء هذا الموقف العصيب والبالغ الحساسية من الوِجهة العسكرية أخذ الرايةَ خالدُ بن الوليد.. وبأسلوب تكتيكي استطاع أن يَنسحِب بالجيش مؤمِّنًا لهم سُبُل السلامة.. ومخفِّفًا عنهم وقْعَ الهزيمة.. ومؤكِّدًا للروم أنه بالرغم من كثرة عددهم وعدتهم وقوة تنظيمهم.. فقد تمكَّن من سحب الجيش سالمًا؛ ليتأهَّب لملاقاتهم في مرات قادمة..
- وبعد تولي الصديق أبي بكر الخلافة.. والتي استمرَّت حوالي ثلاثين شهرًا.. هي عند الله خيرٌ من ثلاثين قرنًا.. كانت الرِّدَّة هي أول ما واجَهه من مشاكل العرب.. فارتد منهم من كان قريب العهد بالإسلام.. وامتنَع بعضهم عن الزكاة.. وإزاء ذلك فقد عزم الصدِّيق على قتال المرتدين حتى يعود الإسلام إلى ما كان عليه في الجزيرة العربيَّة.. وكان لخالد بن الوليد سيف الله المسلول دورُه في إخماد هذه الفتنة.. واستعادة هيبة الدولة..
- وبعد أن اطمأن الخليفة الصدِّيق إلى الجبهة الداخلية.. تَطلَّع إلى تأمين حدود دولته الناشئة.. خاصة تلك المتاخمة لدولتَي الفرس والروم.. والتي باتتا تَستعِدان لمهاجمة الدولة الإسلامية.. والقضاء على قوَّتها المتنامية في مهدها.. وكانت خطته تتلخَّص في تَقدُّم القائد البطل خالد بن الوليد بجيشه البالغ عشرة آلاف مقاتل إلى جنوب العراق.. ويتقدَّم القائد المغوار المثنى بن حارثة الشيباني نحو الحيرة.. ويتقدَّم عياض بن غنم بالزحف نحو دومة الجندل ثم يَنعطِف نحو الحيرة.. ويتقدَّم سعيد بن العاص بجيشه الذي يبلغ سبعة آلاف مقاتل نحو الحدود الفلسطينيَّة؛ لشغل الروم ومَن والاهم من العرب عن التدخل.. وتعطيل التقدم في أراضي الفرس.. وقد نجح خالد بن الوليد في التقدم في جنوب العراق وتَمكَّن من فتح مدينة الحيرة.. ولكن اعتراضًا حدث لجيش عياش بن غنم من جانب جيوش الغساسنة ومَن والاهم من العرب؛ مما اضطر خالد إلى نجدته وفكِّ الحصار عنه في الشمال..
- ثم عاد خالد ثانية إلى جنوب العراق.. وعندما عَلِم خليفة المسلمين أبو بكر الصديق باضطراب الحدود على الروم.. وبأن هرقل عظيم الروم قد جمع مائتين وأربعين ألف مقاتل للهجوم على المدينة.. فماذا يفعل أبو بكر لقد اجتمع أبو بكر مع مستشاريه.. وأعلن النفير العام في الأراضي الحجازية والنجدية واليمنية.. ومن ثَمَّ بادرت جموع المتطوعين بالتوافد نحو المدنية المنورة من جميع تلك الأنحاء.. وعندما اكتمل الحشد كوَّن الصِّديقُ أربع فِرق هجوميَّة.. تتوجَّه إلى بلاد الشام بقيادة أربعة من قواد المسلمين..
- وعندما وصل نبأ الجيوش العربية الإسلامية للروم.. أَعَد هرقل ملك الروم جيشًا جرارًا.. يَزيد على المائة والعشرين ألفًا ليُواجِه الفرق الإسلامية كلاًّ على حدة.. وبعد التشاور رأى القوَّاد المسلمون ضرورة توحُّدهم في جيش واحد على ضفة نهر اليرموك.. وقد أيَّدهم في ذلك الخليفة أبو بكر.. ولما علِم الروم بتحركات المسلمين.. اضطروا للتوحد أيضًا في جيش واحد بمحاذاة الجيوش الإسلامية على أرض اليرموك.. وظلَّ الجيشان في حالة تحفُّز وترقُّب قرابة الشهرين؛ حتى خاف القواد المسلمون من فتور حماس الجند المسلمين ونفاد صبرهم.. وقد تربَّص بهم الأعداء الذين يفوقونهم عددًا وعُدَّة.. وكان الرأي هو طلب المدد من الخليفة الصديق.. ولما وصلت الرسالة إلى الخليفة.. وبعد استشارة مستشاريه رأى أن الموقف يتطلَّب تحويل خالد بن الوليد مع بعض جيشه من العراق إلى الشام.. وبالفعل كتب إليه شارحًا له حالة اللاحرب واللاسِلم التي تسيطر على الجيشين.. وأن هذا الوضع لا يَحسِمه إلا قائد مُحنَّك مثل خالد.. .. أراكم غدا لإن شاء الله..
التعليقات مغلقة.