في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 497 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزوم “سيف الله” 62
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 497 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 62
- درس في العبقرية العسكرية في شخصية بن الوليد.. نكمل
- أمر أبو بكر الصديق خليفة المسلمين خالد بن الوليد أن يقسم جيشه نصفين.. فيترك النصف الأول بالعراق.. وتحت إمرة لواء الإسلام المثنى بن حارثة.. وأن يسير بالنصف الثاني نحو اليرموك؛ ليكون مددًا لجيوش المسلمين هناك.. وبهذا التقسيم يضمن استمرار العمليات العسكرية بالعراق.. ويَحسِم الموقف على الجبهة الشامية..
- وبالفعل جهَّز خالد بن الوليد جيشه المكوَّن من الكتائب القوية مع بعض القادة المتميزين.. مِثل القعقاع بن عمرو التميمي وضرار بن الخطاب وضرار بن الأزور وعاصم بن عمرو.. وتألَّف الجيش من حوالي عشرة آلاف مقاتل.. ولقد ظهرت عبقرية خالد العسكرية في اختيار الطريق إلى وادي اليرموك.. فلقد اختار طريقًا وعرًا صحراويًّا غير واضح المعالم.. تَندُر فيه مصادر المياه؛ لأنه كان حريصًا على أن يرتاد الطريق الخالي من الحاميات الموالية للروم غير الآهل بالمارة أو السكان؛ وذلك من أجل الإبقاء على سرية المدد.. واستخدام عنصر المباغتة من الخلف لجيش العدو ومحدِثًا لهم الهلع والارتباك..
ولقد خطب خالد في جيشه ليهوِّن عليهم مصاعب الطريق قائلاً لهم: “أيها المسلمون.. لا تسمحوا للضعف أن يَدُب فيكم.. ولا للوَهْن أن يُسيطر عليكم.. واعلموا أن المعونة تأتي من الله على قدْرِ النيَّة.. وأن الأجر والثواب على قدر المشقة.. وأن المسلم ينبغي له ألا يَكترِث بشيء مهما عَظُم ما دام الله في عونه”. وقد لبَّى الجنود نداء خالد قائلين له: أيها الأمير.. أنت رجل قد جمع الله لك الخير.. فافعل ما بدا لك وسِر بنا على بركة الله.. - وكان الطريق المختار هو طريق قراقره سوى.. أرك.. تدمر.. القريتين.. حوارين.. مرج راهط.. بصرى.. وادي اليرموك.. وقد استشار خالد دليلَه رافع بن عميرة في مشكلة المياه.. فأشار عليه بأن على الجنود أن يحملوا ما استطاعوا من الماء معهم.. أما الخيل فسوف يكون لها مصدر آخر من مصادر الشرب؛ فقد جاؤوا بعشرين من أعظم الجمال وأكثرها سِمنة.. فمنعوها الماء حتى أَجهدها الظمأ.. ثم عرضوا عليها الماء مرة ومرتين.. حتى ارتوت وملأت أكراشها.. ثم كممت شفاهها؛ لئلا تجتر فتحوَّلت بطون الإبل بذلك إلى مستودعات هائلة للمياه.. فإذا عطشت الخيل نُحِرت الإبل.. فتشرب الخيل ما في بطون الإبل من الماء.. ويأكل الجنود لحومها حتى يتقووا على جهد الطريق.. ومضى الجيش المسلم يَخترِق الفيافي والصحراء مفضلاً السير في الليل والصباح الباكر.. حيث الجو المعتدل من أجل توفير المستطاع من الماء.. وأثناء الطريق كانت خبرة الدليل الجغرافي واضحة في مساعدة الجنود على ورود مصادر المياه.. ليتزودوا منها أثناء تَرحالهم..
- وما أن وصلت جيوش خالد إلى أرض اليرموك.. حتى اجتمع خالد بن الوليد في مكان اسمه أجنادين مع أركان حرب الجيش الإسلامي المرابط بالشام.. وهم يزيد بن أبي سفيان وأبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة.. وعقَد معهم جلسة طارئة في غرفة العمليات العسكرية.. قال فيها لإخوانه: إن عدد جنود العدو حوالي مائتين وأربعين ألفًا.. وعدد جنودنا ستة وأربعون ألفًا.. ولكن القرآن الكريم يقول: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]… والنصر في الحروب لم يكن أبدًا لمن كَثُر عدده.. بل كان لمن آمن بما يُقاتِل من أجله.. وصدق النية.. وصمَّم على النصر.. وأعدَّ للأمر عدته..
- وبعد أن أخذ خالد رأي كل أمير من أمراء الجيوش المسلمة.. استقرَّ الرأي على أن تتوحَّد الجيوش الإسلامية تحت إمرة أمير واحد.. خاصة بعد أن علم خالد بأن الجيوش الرومية قد توحَّدت تحت إمرة تيودورك.. فأصبح من غير الحكمة أن تُقاتِل الجيوش الإسلامية المتفرِّقة جيشًا واحدًا منظَّمًا.. وبحكمة بالغة وحتى لا يدع للشيطان مدخلاً في نفس أي من الأمراء فقد اقترح خالد بن الوليد أن تكون الإمارة الموحَّدة بالتناوب بين جميع الأمراء بحيث يكون لخالد بن الوليد اليوم الأول.. ثم يتولَّى الأمراء الآخرون.. كل حسب دوره.. وقد وافَق الجميع على هذا الاقتراح.. ومن ثَمَّ شرع خالد بن الوليد في إعداد خُطَّة المعركة.. وهو صاحب التجارب الناجحة في خوض حروب عديدة خارج الجزيرة العربية.. وله خبرة بأساليب الدول الكبرى في المعارك.. ويَمتلِك القدرة على التصرف السليم في المواقف الحرجة.. والذي يؤدي دائمًا إلى تحقيق النصر..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.