في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 498 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي “سيف الله” 63
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 498 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 63
- درس في العبقرية العسكرية في شخصية بن الوليد.. نكمل
- وكان النصر في اليرموك تتويجا لشجاعة خالد بن الوليد وحسن تخطيطه.. فمن كان يصدق أن هذه القلة تفوق قوات أكبر إمبراطورية في عصرها.. وتلحق بها هذه المذلة التي انتهت بضم الشام إلى اليوم تحت لواء اٌسلام.. وكما كان إسلام خالد ضربًا من التسليم.. وكان ضربًا من التسليم بمعناه «العسكرى» المصطلح عليه فى عرف القادة ورجال الكفاح.. حين أسلم.. أو كما يقولون أن ابن الوليد قد سلم تسليم القائد.. البصير بحركة القتال بين المد والجزر والنصر والهزيمة.. الخبير بموضع الإقدام وموضع الإحجام.. المقاتل شجاعة.. والمسالم حين بكون السلم ضرورة لا محيص عنها..
- ورأى عمر بن الخطاب.. وهو الخليفة المسئول.. أنه قد انقضى دور خالد في اليرموك كقائد عسكري.. كما انقضى واجب خالد بن الوليد فى حروب الردة كأحسن ما ينقضى هذا الواجب.. وأنه قام وحده بأوفر سهم فى هذه الحروب.. لأنه قمع أخطر الفتن فى الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها.. فقمع فتنة بنى أسد وحلفائهم.. وخطرها أنها كانت أقرب الفتن إلى المدينة ومكة.. وقمع فتنة بنى حنيفة.. وخطرها أنها كانت فتنة القبيلة القوى والعديد الأكثر بين العرب قاطبة.. وحقق كل ما ندبه له الخليفة أبو بكر الصديق.. سواء من الخطط التى نظرا معًا فى تفصيلاتها.. أو من الخطط التى عرف خالد غاياتها وابتدع لها ما ارتآه من أساليبها فى أماكنها وأوقاتها..
- تقول “البيان” في سر انتصاراته.. وفى توفيق خالد بن الوليد.. أنه لم تعزه قط صفة من صفات القائد الكبير المفطور على النضال.. وهى الشجاعة والنشاط والجلد واليقظة وحضور البديهة وسرعة الملاحظة وقوة التأثير.. كان يضع الخطة فى موضعها ساعة الحاجة إليها.. فكان يحارب بالصفوف كما كان يحارب بالكراديس.. وكان يحارب بالكمين والكمينين كما يحارب أحيانًا بغير كمين.. وكان يستخدم التورية والمباغتة والسرعة على أنماط تختلف باختلاف الدواعى والأحوال..
- وقد علم أن تمزيق الجيوش أجدى فى الحرب من الحصار والاحتلال.. وعلم أن الخبر قوة وسلاح.. فكان يستطلع أخبار العدو ولا يتيح له أن يستطلع خبرًا من أخباره يفيده أو يحميه من بأسه..
وأجدى من هذا جميعه أنه كان لا يغفل عن القوة النفسية يعززها ما استطاع فى جيشه ويضعضعها ما استطاع فى جيش عدوه.. فكان هو نفسه مادة لهذه القوة.. تجيش بها نفوس أنصاره.. فيثقون بالفوز ويأمنون خطر الهزيمة.. وتشيع فى نفوس أعدائه فيسرى إليهم الذعر وتفارقهم الثقة والطمأنينة.. - وفوق هذا.. كان يعتمد على قوة الإيمان وهمّة الأمل.. فيتعهد جيشه بالعظات قبل القتال وفى أثناء القتال.. ولا يفوته وهو مشغول بالضرب والطعن والتوجيه والمراقبة أن يطوف بين الصفوف للتذمير والتشجيع.. فيعمل ويقول القول الذى هو ضرب من العمل.. فإذا قال: «إن الصبر عز وإن الفشل عجز وإن الصبر مع النصر» فليست هى أصداء تمر بالهواء.. ولكنها فى العز والصبر ماثلان للعيان يسريان بالقدوة منه إلى كل مسمع وجنان..
- وكان خالد يعرف عن الطبيعة والنخوة العربية المكتسبة من حياتهم.. وفخارهم القبلبية.. فكان يثير المنافسة الكريمة فى صدور جنده وأعوانه.. فيدعوهم إلى التمايز والتناظر لينفث فيهم مع عزيمة الإيمان عزيمة أخرى من حب الفخار وخوف المسبة والعار.. ويتخذ من الغيرة على العرض مددًا لهذه العزائم التى تواجه الموت على حد قوله كما تواجه الحياة.. فإذا بالرجل الفرد يبلى فى قتاله ما ليس يبليه العشرات..
- ولم يخف عليه قط مقتل العدو من جهة قوته النفسية.. حيث عمد إلى هذا المقتل فى منازلاته للمستبدين والطغاة.. ويعرف فى جيوش الأمم التى طال عهدها بالظلم أنهم يرتفعون بقادتهم إلى مقام الأرباب.. بينما يتحدر رعاياهم إلى مقام القطيع السائم.. فإذا أصيب القائد فى الجولة الأولى.. فكثرة الجند بعد ذلك تعين على الهزيمة وليست بالوقاية منها.. لأنها كثرة من الخوف.. وليست كثرة من الثقة والثبات..
- وفوق كل ما تقدم.. كان هو يخلق فنون الحرب التى يجمعها «الخبراء» فى عصورنا هذه بمراجعة الحروب وتحصيل الدروس.. واستخراج القواعد من الخطط والمعلومات..
- كما كان يهتم بشدة ويعمل باقتدار على جمع المعلومات عن عدوه.. باستخدام أسلوب “الإستخبارات”.. فكان عدوه بذلك دوما كتابا مفتوحا أمامه.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.