في جهاد الصحابة.. بقلم مجدي سـالم الحلقة 513 .. ” عمير بن وهب الجمحي “.. ” الصديق وقت الضيق ” –2
في جهاد الصحابة.. بقلم مجدي سـالم الحلقة 513 .. ” عمير بن وهب الجمحي “.. ” الصديق وقت الضيق ” –2
- ثانيا.. دور عمير بن وهب يوم بدر..
- يقول “الكلم الطيب”.. أنه في يوم بدر.. كان واحدا من قادة قريش الذين حملوا سيوفهم ليجهزوا على الاسلام .. كما تقدم.. وكان حديد البصر.. محكم التقدير.. ومن ثم ندبه قومه ليستطلع لهم عدد المسلمين الذين خرجوا مع الرسول للقائهم.. ولينظر ان كان لهم من وزرائهم كمين أو مدد ..وانطلق عمير بن وهب الجمحيّ وصال بفرسه حول معسكر المسلمين.. ثم رجع يقول لقومه : ” انهم ثلاثمائة رجل.. يزيدون قليلا أو ينقصون” وكان حدسه صحيحا ..
وسألوه : هل وراءهم امتداد لهم ؟؟ فأجابهم قائلا : ” لم أجد وراءهم شيئا .. ولكن يا معشر قريش.. رأيت المطايا تحمل الموت الناقع .. قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ الا سيوفهم .. والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجل منكم.. فاذا أصابوا منكم مثل عددهم.. فما خير العيش بعد ذلك .. ؟؟ ” فانظروا رأيكم ” ..
وتأثر بقوله ورأيه نفر من زعماء قريش.. وكادوا يجمعون رجالهم ويعودون الى مكة بغير قتال.. لولا أبي جهل الذي أفسد عليهم رأيهم.. وأضرم في النفوس نار الحقد.. ونار الحرب و التي كان هو أول قتلاها ..
كان أهل مكة يلقبونه بـ شيطان قريش ..ولقد أبلى يوم بدر بلاء لم يغن قومه شيئا.. فعادت قوات قريش الى مكة مهزومة مدحورة.. وخلّف عمير بن وهب في المدينة بضعة منه .. اذ وقع ابنه في أيدي المسلمين أسيرا ..
وذات يوم ضمّه مجلس ابن عمّه صفوان بن أميّة .. وكان صفوان يمضغ أحقاده في مرارة قاتلة.. فان أباه أميّة بن خلف قد لقي مصرعه في بدر وسكنت عظامه القليب .
جلس صفوان وعمير يجترّان أحقادهما ..ولندع عروة بن الزبير ينقل الينا حديثهما الطويل :
” قال صفوان.. وهو يذكر قتلى بدر : والله ما في العيش بعدهم من خير .. ! وقال له عمير : صدقت.. ووالله لولا دين عليّ لا أملك قضاءه.. وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت الى محمد حتى أقتله.. فان لي عنده علة أعتلّ بها عليه : أٌقول قدمت من أجل ابني هذا الأسير.. فاغتنمها صفوان وقال : عليّ دينك .. أنا أقضيه عنك .. وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا .. فقال له عمير : اذن فاكتم شأني وشأنك… ثم كانت قصة إسلامه. - يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدها.. ( والذي نفسي بيده.. لخنزير كان أحبّ اليّ من عمير بن وهب حين طلع علينا .. ولهو اليوم أحبّ اليّ من بعض ولدي) ..
ثالثا.. عودة عمير إلى مكة بعد إسلامه.. - بقول الدكتور محمد العوشن.. كان صفوان ابن أُمَيّةَ حِينَ خَرَجَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ.. يَقُولُ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمْ الْآنَ فِي أَيّامٍ.. تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ.. وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرّكْبَانَ.. حَتّى قَدِمَ رَاكِبٌ فَأَخْبَرَهُ عَنْ إسْلَامِهِ.. فَحَلَفَ أَنْ لَا يُكَلّمَهُ أَبَدًا.. وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَفْعِ أَبَدًا.. فوقف عليه عُمير وهو في الحِجْر.. وناداه.. فأعرض عنه.. فقال له عمير: أنت سيِّدٌ من سادتنا.. أرأيت الذي كُنَّا عليه من عبادة حجر والذّبح له! أهذا دِين! أشهد أنْ لا إله إلا الله وأن محمّدًا عبده ورسوله.. فلم يُجْبه صَفْوان بكلمة.. وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا قَدِمَ عُمَيْرٌ مَكّةَ.. أَقَامَ بِهَا يَدْعُو إلَى الْإِسْلَامِ.. وَيُؤْذِي مَنْ خَالَفَهُ أَذًى شَدِيدًا.. فَأَسْلَمَ عَلَى يديه ناس كثير.. وإن استبعد بعض الرواة هذا..
- الراوي.. عاد عمير بن وهب إلى مكة مسلما.. وهو الذي فارقها من أيام مشركا.. دخلها وفي روعة صورة عمر بن الخطاب يوم أسلم.. ثم صاح فور اسلامه قائلا : ” والله لا أدع مكانا جلست فيه بالكفر.. الا جلست فيه بالايمان ” . ولكأنما اتخذ عمير من هذه الكلمات شعارا.. وهكذا راح يعوّض ما فاته.. ويسابق الزمن الى غايته.. فيبشر بالاسلام ليلا ونهارا .. علانية وجهارا ..
رابعا.. عمير الصديق وقت الضيق..
ثم كان من عمير.. مع صفوان بن أمية ما تقدم في ترجمته.. وكم سعد عمير باسلامه أيّما سعادة ..فهو من ذهب مسرعا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. شفقة على حميم الأمس.. فقال له : ” يا نبيّ الله ان صفوان بن أميّة سيّد قومه.. وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فأمّنه صلى الله عليك..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم.. “هو آمن.. فعاد عمير بصفوان فأسلم.. كما تقدم.. ونعم الصديق عمير..
خامسا.. في جهاد عمير بن وهب..
أسلم بعد بدر.. ويروى أنه شهد أُحُدًا.. وعاش إلى صَدْر خلافة عثمان رضي الله عنه.. وهو والد وهب بن عمير.. وإسلامُه كان قبله بيسير.. الاستيعاب في معرفة الأصحاب.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.