في جهاد الصحابة.. بقلم مجدي سـالم الحلقة 615..”عبد الله بن عمر بن الخطاب”.. “إمام حملة القرآن والشرع”..
في جهاد الصحابة.. بقلم مجدي سـالم الحلقة 615..”عبد الله بن عمر بن الخطاب”.. “إمام حملة القرآن والشرع”..
رابع عشر.. ما صحة ما جاء عن ابن عمر:
“مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا.. عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ.. وَكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الطَّيِّبَاتِ الْمُبَارَكَاتِ.. ثَلاثًا.. وَلا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ.. كُنَّ لَهُ فِي قَبْرِهِ نُورًا.. وَعَلَى الْجِسْرِ نُورًا.. وَعَلَى الصِّرَاطِ نُورًا حَتَّى يُدْخِلْنَهُ الْجَنَّةَ.. أَوْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ”؟
وفي الجواب.. يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.. هذا أثرٌ عظيمُ المعنى رواه ابن أبي شيبة.. عن يزيد بن هارون.. قال: أخبرنا مسعر.. عن محمد بن عبد الرَّحمن.. عن طيسلة.. عن ابن عمر.. موقوفًا عليه.. وصحَّح كثيرٌ مِن أهل الحديث إسناده…. وإذا صحَّ عن ابن عمر فله حكمُ الرَّفع؛ لأنَّه ليس مما يُقال بالرأي.. ولكن المشكل أنَّ المصنفين في الحديث مِن أهل السُّنن والمسانيد.. والمصنّفين في الأذكار لم يَروُوه -فيما رأينا- ولم يذكروه.. وبهذا يصير هذا الأثر مِن الغرائب.. وإعراضُ الأكثرين عنه يوجبُ التَّوقف في ثبوته.. وفي العمل به.. ومما يزيدُ الإشكال فيه غرابة متنه؛ لأنَّ فيه: “مَن قال دُبر كلّ صلاة”.. وهذا يعمّ الفرض والنَّفل.. ولم يأتِ -فيما أعلم- مثل هذا في أيِّ ذكرٍ مِن أذكار الصَّلاة.. وكذلك ضبط عدده بالشَّفع والوتر لا نظير له في الأذكار المعدودة.. ولِما ذكرتُ مِن إعراض أئمة الحديث عنه والمصنفين في الأذكار فإنّي لا أرى العمل به.. ثم إني وقفتُ بعد إملاء ما مضى على كلام الشَّيخ المحدِّث عبد الله بن عبد الرحمن السعد -وفقه الله- على هذا الأثر.. وخلاصة كلامه أنَّ الأثر ليس بالقوي.. قال الشَّيخ: “لا أقول: إنَّه ضعيف.. ولكنَّه غريب السند والمتن”.. ومِن جملة ما لحظه الشيخ عبد الله أنَّ أشهر الآخذين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- لم يرووا هذا الأثر عنه مع أهمية موضوعه.. كابنه سالم.. ونافع.. وهذا ملحظٌ مهم.. وأنا أقول: إنَّ فيما صحَّ عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- غنية عن الأثر المذكور..
خامس عشر.. شهادة الرسول – صلى الله عليه وسلم – له..
ذُكر عن مولاه نافع أنه قال: “رأيت في المنام كأنما بيدي قطعة إستبرق.. ولا أشير بها إلى موضع من الجنة إلا طارت بي إليه.. فقصصتها على حفصة – رضي الله عنها -.. فقصتها حفصة على النبي – صلى الله عليه وسلم -.. فقال لها: “إن أخاك رجل صالح.. أو: إن عبد الله رجل صالح” وفي حديث آخر “إن أخاك عبد الله رجل صالح.. لو كان يقوم من الليل”؛ يقول نافع: “فما ترك ابن عمر بعدها قيام الليل”….
سادس عشر.. مسالمته للناس جميعا.. رضي الله عنه..
كان ابن عمر – رضي الله عنه – حريصا على مسالمة المسلمين جميعا.. يراهم أمة واحدة وإن اختلفت مذاهبهم.. لا يعادي منهم أحدا وإن خالف رأيه.. يقول يونس بن عبيد عن نافع أنه (أي ابن عمر) كان يسلم على الخشيبة (يقصد الشيعة من أتباع المختار بن أبي عبيد) والخوارج وهم يقتتلون.. ويقول: من قال “حي على الصلاة” أجبته.. ومن قال “حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله” فلا؛ لذلك نال تقدير الجميع.. وما سمعنا عن أحد عاداه من أهل الفرق المختلفة..
سابع عشر.. في تعدد الأمثلة في كرمه وسخاءه..
يقول الأسناذ أحمد عبد الحميد عبد الحق:- كان عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – مضرب المثل في الكرم والسخاء.. وكان كثير الصدقة.. وربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا.. وإن سبقه آخرون فقد سبقوه في البذخ والإسراف وليس في الكرم.. ولا أدل على ذلك من قول نافع مولاه: إنه ما مات حتى أعتق ألف إنسان.. أو ما زاد.. ويحكي عنه ابنه حمزة أنه قال يوما: خطرت لي هذه الآية: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فذكرت ما أعطاني الله – عز وجل – فما وجدت شيئا أحب إلي من جاريتي رمينة.. فقلت: هي حرة لوجه الله.. فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها.. فأنكحها نافعا مولاه.. فهي أم ولده.. وكان – رضي الله عنه – إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه إلى ربه – عز وجل -.
وقال نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية.. وراح ابن عمر على نجيب (جمل حسن) له.. فسيره وأناخه بمكان ثم نزل عنه.. فقال: يا نافع.. انزعوا عنه زمامه ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه في البدن.
وقال نافع: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة.. ومعه أصحاب له.. فلما وضعوا له سفرة الطعام مر بهم راعي غنم.. فسلم.. فقال ابن عمر: هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة.. فقال له: إني صائم.. فقال ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه.. وأنت في هذا الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال الأعرابي: والله إني أبادر أيامي هذه الخالية.. فقال له ابن عمر -وهو يريد أن يختبر ورعه-: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها.. ونعطيك من لحمها ما تفطر عليه؟ فقال الأعرابي: إنها ليست لي بغنم.. إنها غنم سيدي.. فقال له ابن عمر: فما يفعل سيدك إذا فقدها؟ فولى الراعي عنه.. وهو رافعٌ أصبعه إلى السماء.. وهو يقول: فأين الله؟ فجعل ابن عمرو يردد قول الراعي.. يقول: ” قال الراعي: فأين الله”؟ فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه.. فاشترى منه الغنم والراعي.. فأعتق الراعي ووهب له الغنم.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.