في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم على هامش الحلقة / 621 “عبد الله بن عمر”
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم على هامش الحلقة / 621 “عبد الله بن عمر”
قدوة الصالحين في عصر الفتن … للكاتب / أحمد عبد الحميد عبد الحق.. نكمل..
في زهده في الدنيا ونعيمها..
كان مع زهده عزيزًا في نفسه؛ فقد روي أنه قال: لولا أن معاوية بالشام لسرني أن آتي بيت المقدس.. فأهل منه بعمرة.. ولكن أكره أن آتي الشام فلا آتيه.. فيجد (يحزن) علي.. أو آتيه فيراني (يظنني) تعرضت لما في يديه..
اجتهاده في العبادة:
وكما بزّ عبد الله – رضي الله عنه – أقرانه في الكرم والحرص على طاعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بزهم أيضا في العبادة والاجتهاد فيها؛ فكان يحيي الليل صلاةً.. فإذا جاء السحر استغفر إلى الصباح.
وقال ابن المبارك: أنبأنا عمر بن محمد بن زيد أن أباه أخبره أن عبد الله بن عمر كان له مهراس فيه ماء فيصلي ما قدر له ثم يصير إلى الفراش فيغفي إغفاء الطائر ثم يقوم فيتوضأ.. ثم يصلي فيرجع إلى فراشه فيغفي إغفاء الطائر ثم يثب فيتوضأ ثم يصلي يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسا. وجاء في كتاب الزهد لأحمد عن ابن سيرين أن: ابن عمر كان كلما استيقظ من الليل صلى.؟.
وقيل لنافع: “ما كان ابن عمر يصنع في منزله قال: الوضوء لكل صلاة.. والمصحف فيما بينهما”.. وهو بالطبع يقصد الأيام الأخيرة من حياته التي تفرغ فيها لعبادة الله – سبحانه وتعالى – بعد أن كبر أولاده وكثر ماله واستغنى عن العمل والسعي.. وصار له من يكفيه.. وروى الطبراني عن نافع أن ابن عمر كان يحيي الليل صلاة ثم يقول: يا نافع أسحرنا فإن قال لا عاود الصلاة فإذا قال نعم قعد يستغفر الله حتى يصبح..
وجاء في كتاب الزهد لابن المبارك أيضا أن ابن عمر كان يصلي ما قدر له.. ثم يأوي إلى فراشه فيغفي إغفاء الطائر.. ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ثم يرجع.. وقال نافع: كان ابن عمر لا يصوم في السفر.. ولا يكاد يفطر في الحضر.. وكان يحرص وقت العبادة على ألا ينشغل بشيء من أمور الدنيا.. يقول عروة: خطبت إلى ابن عمر ابنته.. ونحن في الطواف.. فسكت ولم يجبني بكلمة.. فقلت: لو رضي.. لأجابني.. والله لا أراجعه بكلمة.. فقدر له أنه صدر إلى المدينة قبلي.. ثم قدمت.. فدخلت مسجد الرسول – صلى الله عليه وسلم -.. فسلمت عليه.. وأديت إليه حقه.. فرحب بي.. وقال: كنت ذكرت لي سودة ونحن في الطواف.. نتخايل الله بين أعيننا.. وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن.
علمه الواسع:
قال مالك بن أنس: “أقام ابن عمر بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – ستين سنه يقدم عليه وفود الناس”.. وقال أيضا: “كان إمام الناس عندنا بعد عمر زيد بن ثابت.. وكان إمام الناس عندنا بعد زيد ابن عمر”.. وقال الزهري: “فلم يخف عليه شيء من أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا أصحابه”.. وقال ابن محيريز: “والله إن كنت لأعد بقاء ابن عمر أمانًا لأهل الأرض”.. ويكفي دلالة على سعة علمه قول مالك: “أفتى ابن عمر الناس في الإسلام ستين سنة”.. وكان يقول لهم: ولو علمت أني أبقى حتى تفتقروا إلي.. لتعلمت لكم”.. ومع هذا الفضل كان لا يرضى لأحد أن يمدحه.. فقد قال له رجل يوما: “لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم”؛ فغضب وقال: وما يدريك علامَ أغلق بابي.. ما أنا بخير الناس.. ولا ابن خير الناس.. ولكني عبد من عباد الله.. أرجو الله.. وأخافه.. والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه”.. أي بسبب المدح المبالغ فيه.
جهاده في سبيل الله:
ذُكر فيما سبق أن عبد الله بن عمر فاته الاشتراك في غزوتي “بدر” و”أحد” لصغر سنه ثم حرص بعد ذلك على الاشتراك في باقي غزوات النبي – صلى الله عليه وسلم -.. وبعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرج إلى العراق فشهد وقعة القادسية ويوم جلولاء وما بينهما من وقائع الفرس.. وغزا المدائن غير مرة.. وشهد وقعة اليرموك.. وشارك في فتح مصر وإفريقية.
حسن خلقه:
الدين حسن الخلق.. هكذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -.. وكان ابن عمر قد جمع إلى حسن عمله حسن خلقه.. وكان شعاره: “البر شيء هين: وجه طلق.. وكلام لين”.. يقول الزهري عن سالم ابنه: “ما لعن ابن عمر خادما قط إلا واحدا فأعتقه” وعن الزهري أن ابن عمر أراد أن يلعن خادما فقال: اللهم الع.. فلم يتمها.. وقال: إنها كلمة ما أحب أن أقولها.. وعن زيد بن أسلم قال: “جعل رجل يسب ابن عمر وابن عمر ساكت فلما بلغ باب داره التفت إليه فقال: إني وأخي عاصم لأنسب الناس”. أي أنه ما سكت عن الرد عليه لعجزه أو لعدم معرفته بمثالب هذا الرجل.. ولقيه رجل يوما فقال له: ما أحد شر لأمة محمد منك! قال ابن عمر: ولِمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم.. ولا فرقت جماعتهم.. ولا شققت عصاهم.. فقال الرجل: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان.. فقال ابن عمر: ما أحب أنها أتتني.. ورجل يقول: لا.. وآخر يقول: نعم.. .. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.