في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم على هامش الحلقة 550 عمرو بن العاص السهمي القرشي داهية العرب 27
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
على هامش الحلقة\ 550.. عمرو بن العاص السهمي القرشي “.. ” داهية العرب ” –27
سابع وعشرون.. عمرو بن العاص في أحداث الفتنة.. نكمل في التحكيم.. منقول..
- قدم أهل الشام إلى دومة الجندل في رمضان من سنة 37 هجرية للقاء أبي موسى وجماعة العراق.. فلم يجدوا أحدا فأرسل معاوية إلى علي يذكره بوعده.. وكان علي عندئذ يحارب الحرورية (الخوارج.. وسموا كذلك لأنهم تمركزوا في حروراء وفيها وقعت بينهم وبين علي معركة كبيرة).. فانقطع عن ذلك واهتم بالتحكيم فتم تنظيم اجتماع ثان بأذرج قرب البتراء (بالأردن حاليا).. ووقع اجتماع الحكمين.. ودام الأمر بضعة أيام أو أسبوعا. وجرت إجراءات علنية حضرها رجالات مهمون كالمغيرة بن شعبة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وغيرهم من القرشيين.. وتغيب سعد بن أبي وقاص. ويروي بعض المؤرخين أن معاوية تنقل شخصيا إلى مكان المؤتمر خلافا لعلي الذي رفض ذلك.
وبرهن أبو موسى على حياده بأن اقترح تنحية المتخاصمين وتولية خليفة جديد اقترح أن يكون عبد الله بن عمر بن الخطاب.. لكن عمروا اقترح عليه ابنه عبد الله (بن عمرو).. فرفض أبو موسى.. - وفي عين أهل القضاء.. كان تحكيم صفين درسا هاما: درس في الحياد واحترام أخلاقيات التحكيم ومبادئه الأساسية.. كحسن النية والإبتعاد عن التحيز وتجنب تأثيرات الخصوم من جهة.. ودرس في عكس كل ذلك من الناحية المقابلة. كما تميز هذا التحكيم بالعلانية.. خلافا لما أصبح مستقرا اليوم في التحكيم (في ما عدا تحكيم المركز الدولي لتسوية نزاعات الإستثمار).
ثامن وعشرون.. في تبرئة أبي موسى الأشعري من تهمة الخبالة..
- كان عمرو قد عوّد أبا موسى على أن يقدمه في الكلام.. متعللا بقوله: “أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأسنّ مني.. فتكلّم وأتكلّم”.. وتعوّد أبو موسى ذلك. وبعد التداول حول أوجه إزالة الفتنة.. أوحى عمرو لأبي موسى بفكرة تنحية من تسبّبا في النزاع والخلاف.. أي عليّا ومعاوية.. وترك الأمر للمسلمين لاختيار خليفة جديد.. وقال: “ما رأيك أن نخلع هذين الرجلين.. ونجعل الأمر شورى.. فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبّوا”.. فقال عمرو: “الرأي ما رأيت”. فأقبلا على الناس للإعلان عن رأيهما.. فقال عمرو لأبي موسى أن “تقدم يا أبا موسى فتكلّم”.. فتقدم الأشعري وقال: “أيّها الناس.. إنّا قد نظرنا في حال هذه الأمة.. فلم نر أصلح لأمرها.. ولا ألمّ لشعثها من أمر قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه.. وهو أن نخلع عليّا ومعاوية.. ويولّي الناس أمرهم من أحبوا.. وإني قد خلعت عليا ومعاوية.. فاستقبلوا أمركم.. وولّوا عليكم من رأيتموه”. ثم تنحّى.. وأقبل عمرو فقال: “إن هذا قد قال ما سمعتموه وخلع صاحبه.. وأنا أخلع صاحبه كما خلعه.. وأثبت صاحبي معاوية.. فإنه وليّ عثمان بن عفّان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه”.
- ولما تفطّن أبو موسى إلى خديعة عمرو.. قال له: “لا وفّقك الله.. غدرت وفجرت. إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث.. أو تتركه يلهث”.. فرد عليه عمرو: “إنك مثل الحمار يحمل أسفارا”. كما تعالت الشتائم على المحكمين وخصوا عمروا.. لكن الناس بدؤوا في الحين في تهنئة معاوية بالخلافة.. وافترق الجمعان..
- فاستعرت الحرب بينهما من جديد.. وخرجت طائفة من الشيعة على عليّ.. وسمّوا “الخوارج”.. وعوضا عن محاربة معاوية وحده.. وجد عليّ نفسه يحارب على جبهتين: جبهة الخوارج في العراق.. وجبهة معاوية في الشام.. وظلّ على ذلك إلى أن وافاه الأجل بأن قتله عبد الرحمان بن ملجم الخارجي بعد زمن غير طويل. وسمّيت هذه الأزمة بالفتنة الكبرى([15]).. وقد عصفت بوحدة المسلمين منذ ذلك العهد إلى الآن.. فلم يجتمعوا تحت راية واحدة أبدا.. والراجح أن ذلك سبب غياب التحكيم من الفكر الاسلامي في القرون الموالية..
- ولذلك نقل السيوطي في كتابه “تاريخ الخلفاء” عن الحسن البصري مقولة خالدة.. في الأميرين اللذين أفسدا أمر الناس:
- أولهما..
- فما فعله عمرو بن العاص.. من رفعه المصاحفَ.. وقوله ما قال حتى حكمت الخوارج.. فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة.. وقد كان عليٌّ رضي الله عنه فهم ما أراده عمرو.. وقال: كلمة حق أريد بها باطل..
- .. نكمل غدا إن شاء الله ..
..
التعليقات مغلقة.