في جهاد الصحابة..جعفر بن أبي طالب “٣”..مجدي سالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة التاسعة والخمسون.. جعفر بن أبي طالب.. الطيار أبو المساكين (3)
بقلم مجدي سالم
ثالثا.. بقية.. نستكمل رواية السيدة أم سلمة بنت أبي أمية لقصة رسولَي قريش إلى أرض الحبشة:
- فقال له النجاشي .. “هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟”.. فقال له جعفر بن أبي طالب: “نعم”.. فقال له النجاشي: ” فاقرأه علي”..
- فقرأ عليه صدر سورة مريم.. ” كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) “.. (قصدنا نشر كامل الآيات)..
- قالت: فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته.. وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم.. ثم قال النجاشي: “إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة.. انطلقا.. فلا والله لا أسلمهم إليكما.. ولا يكادون”.
- فلما خرج رسولا قريش من عنده.. قال عمرو بن العاص.. (والله لآتينه غداً عنهم بما أستأصل به خضراءهم).. فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: (لا نفعل.. فإن لهم أرحاماً.. وإن كانوا قد خالفونا).. قال: )والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد(.. ثم غدا عليه من الغد فقال له: ( أيها الملك.. إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً.. فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه(..
- فأرسل إليهم ليسألهم عنه.. فاجتمع المسلمون ثم قال بعضهم لبعض: “ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟”.. قالوا: “نقول والله ما قال الله.. وما جاءنا به نبينا.. كائنا في ذلك ما هو كائن”.. فلما دخلوا عليه قال لهم: “ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟”..
- فقال جعفر بن أبي طالب: ” نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم.. هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول”..
20- فضرب النجاشي بيده إلى الأرض.. فأخذ منها عوداً.. ثم قال: “والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود” (أي أن قولك لم يعد عيسى بن مريم بمقدار هذا العود).. فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال..
فقال: “وإن نخرتم والله.. اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي (أي آمنون).. من سبكم غرم”.. ثم قال: “من سبكم غرم”.. ثم قال: “من سبكم غرم.. ما أحب أن لي دبراً (أي جبلاً) من ذهب.. وأني آذيت رجلاً منكم.. ردوا عليهما هداياهما.. فلا حاجة لي بها.. فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي.. فآخذ الرشوة فيه.. وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه”.. قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به.. وأقمنا عنده بخير دار.. مع خير جار.. - واجتمع أهل الحبشة يوماً فقالوا للنجاشي : (إنك قد فارقت ديننا).. وخرجوا عليه..
- فأرسل إلى جعفر وأصحابه.. فهيأ لهم سفناً.. وقال: “اركبوا فيها وكونوا كما أنتم.. فإن هُزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم.. وإن ظفرت فاثبتوا”.. ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه: “هو يشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمداً عبده ورسوله.. ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه.. وكلمته ألقاها إلى مريم”.. ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن.. وخرج إلى الحبشة.. وصفوا له.. فقال: “يا معشر الحبشة.. ألست أحق الناس بكم؟”.. قالوا: “بلى”.. قال: “فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟”.. قالوا: “خير سيرة”.. قال: “فما بالكم؟”.. قالوا: “فارقت ديننا.. وزعمت أن عيسى عبد”.. قال: “فما تقولون أنتم في عيسى؟”.. قالوا: “نقول هو ابن الله”.. فقال النجاشي.. ووضع يده على صدره على قبائه: “هو يشهد أن عيسى بن مريم”.. لم يزد على هذا شيئاً.. وإنما يعني ما كتب.. فرضوا وانصرفوا عنه. فبلغ ذلك النبيَ صلى الله عليه وسلم.. فلما مات النجاشي صلى عليه.. واستغفر له.. ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.