في جهاد الصحابة..الحلقة الثانية والستون.. عثمان بن مظعون.. رضي الله عنه
بقلم مجدي سالم
الصحابي عثمان بن مظعون
أولا.. مقدمة.. هو (أبو السائب) عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي.. وهو واحد من السابقين إلى الإسلام.. حيث أسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً هو وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد وأبو عبيدة بن الجراح في ساعة واحدة.. قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ليدعو فيها.. وهاجر الهجرتين..
- وعثمان بن مظعون هو أخو الصحابيين عبد الله وقدامة ابني مظعون.. والصحابية زينب بنت مظعون زوجة عمر بن الخطاب.. وأمه سخيلة بنت العنبس بن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح..
- شهد عثمان بن مظعون مع النبي محمد غزوة بدر..
- وهو أول المهاجرين وفاةً في المدينة.. وأول من دفن في بقيع الغرقد..
ثانيا.. في هجرته.. هاجر عثمان بن مظعون مع ابنه السائب الهجرتين.. وقد هاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة.. وحين رجعوا إلى مكة تخوَّفوا أن يدخلوا مكة بغير جِوار.. فمكثوا حتى دخل كل رجل منهم في جوار من بعض أهل مكة.. ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة.. - ثم لما رأى عثمانُ ما يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من الأذى.. وهو يغدو ويروح بأمان جوار الوليد بن المغيرة.. مضى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: “يا أبا عبد شمس.. وَفَتْ ذمَّتُك.. قد كنت في جوارك.. وقد أحببت أن أخرج منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلي به وأصحابه أسوة”.. فقال الوليد: “فلعلك يا ابن أخي أوذيت أو انتهكت؟” قال: “لا.. ولكني أرضى بجوار الله.. ولا أريد أن أستجير بغيره”.. فخرجا حتى أتيا المسجد.. فقال الوليد: “هذا عثمان بن مظعون قد جاء ليردَّ عليَّ جواري”..
- فقال عثمان: “صدق.. وقد وجدته وَفِيًّا كريمَ الجوار.. وقد أحببت أن لا أستجير بغير الله عز وجل.. وقد رددت عليه جوارَه..
- ثم هاجر عثمان إلى المدينة.. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وأبي الهيثم بن التيهان..
ثالثا.. من مآثره رضي الله عنه.. أنه كان قد حرَّم الخمر على نفسه في الجاهلية.. وقال: “لا أشرب شرابًا يذهب عقلي.. ويُضحك بي من هو أدنى مني.. ويحملني على أن أنكح كريمتي”.. فلما حُرِّمَت الخمر قال: “تبًّا لها.. قد كان بصري فيها ثاقبًا”..
رابعا.. حديث شهير حول محاولة تشدد بن مظعون ورفاقه.. وفيه رضي الله عنه نزل قوله تعالى.. ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ * لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”..
سورة المائدة (87 : 89).. ..
فقد جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومًا.. فذكَّرَ الناس ووصفَ القيامة ولم يزدهم على التخويف.. فَرَقَّ الناسُ وبكَوا.. - فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي.. وهم: أبو بكر الصديق.. وعلي بن أبي طالب.. وعبد الله بن مسعود.. وعبد الله بن عمرو.. وأبو ذر الغفاري.. وسالم مولى أبي حذيفة.. والمقداد بن الأسود.. وسلمان الفارسي.. ومعقل بن مقرن.. واتفقوا على أن يصوموا النهار.. ويقوموا الليل.. ولا يناموا على الفرش.. ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولا يقربوا النساء والطيب.. ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض ويترهَّبوا.. ويجبوا المذاكير.. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فجمعهم فقال: “ألم أُنَبَّأْ أنَّكم اتفقتم على كذا وكذا؟” فقالوا: “بلى يا رسول الله.. وما أردنا إلا الخير”..
- فقال لهم: “إني لم أومر بذلك.. إن لأنفسكم عليكم حقًّا.. فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا.. فإني أقوم وأنام.. وأصوم وأفطر.. وآكل اللحم والدسم.. ومن رغب عن سنَّتي فليس مني”..
- ثم خرج إلى الناس وخطبهم فقال: “ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا.. أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ولا رهبانًا.. فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع.. وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتها الجهاد.. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا.. وحجوا واعتمروا.. وأقيموا الصلاة.. وآتوا الزكاة.. وصوموا رمضان.. فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد.. شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم.. فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع”.. فأنزل الله تعالى هذه الآية.. فقالوا: “يا رسول الله كيف نصنع بأيْماننا التي حلفنا عليها”.. وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا.. فأنزل الله تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الآية…. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.