في جهاد الصحابة..الحلقة الواحدة بعد المائة.. فضل صلح الحديبية (2)
بقلم مجدي سالم
…. بعد كل المعارك_ بدر وأحد والأحزاب_ أراد الله فتح مكة…. وكان صلح الحديبية الطريق….
خامسا.. نكمل.. في الطريق إلى الحديبية- عند ثنيّة المرّار قرب الحديبية.. بركت ناقة رسول الله فزجروها فلم تقم.. فقالوا: خلأت حرنت- القصواء..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما خلأت القصواء.. وما هو بخلق لها.. ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة.. والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطّة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها”..
- ثم قال للناس: “انزلوا” فقالوا: ما بالوادي من ماء ينزل عليه.. فأخرج صلى الله عليه وسلم سهما من كنانته.. فأعطاه رجلا من الصحابه.. فنزل به في بئر فغرزه في جوفه.. فجاش بالماء حتى ضرب الناس بعطن.. فشربوا وسقوا دوابهم..
سادسا.. رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وقد رأى رسول الله حرصا على حرمة البيت.. وإيثارا للسلام على الحرب أن يرسل رسلا إلى قريش بمكة.. لاحتمال ألايكون عند رسل قريش من الشجاعة ما يحملهم على المصارحة بالحقيقة.. - فأرسل خراش بن أمية الخزاعي إلى قريش.. حمله على بعير له ليبلّغ أشرافهم ما جاء الرسول إليه.. لكنهم استبد بهم الحمق والغضب.. فعقروا به البعير.. وأرادوا قتله.. لولا أن منعتهم الأحابيش.. فخلّوا سبيله..
- سفارة عثمان بن عفان رضي الله عنه.. ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب ليكون رسولا إلى أهل مكة.. فقال: يا رسول الله.. إني أخاف قريشا على نفسي.. وليس بمكة من بني عدي من يمنعني.. وقد عرفت قريش عداوتي إياها.. وغلظتي عليها.. ولكني أدلك على رجل أعزّ بها مني: عثمان بن عفان.. فقبل الرسول منه الاعتذار.. واستحسن ما عرضه عليه.. فدعا عثمان فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش ليخبرهم بقصد رسول الله.. فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاصي.. فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله.. فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف..
- قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
سابعا.. في محاولة قريش مباغتة المسلمين.. فقد أرسلت قريش نحوا من خمسين رجلا منهم.. عليهم مكرز بن حفص ليطيفوا بعسكر المسلمين عسى أن ينالوا منهم غرّة.. فأسرهم حارس الجيش محمد بن مسلمة؛ وهرب رئيسهم.. وأتى بهم إلى رسول الله فعفا عنهم تشبثا منه صلى الله عليه وسلم بخطة السلم.. واحتراما للشهر الحرام أن يسفك فيه دم.. وقد بهتت قريش حين عرفوا ذلك.. وسقطت كل حجة لهم في أن النبي يريد حربا.. وأيقنوا أن أي اعتداء من جانبهم على المسلمين لن تنظر إليه العرب إلا على أنه غدر لئيم.. للمسلمين الحق كل الحق في أن يدفعوه- وما أقدرهم- بكل ما أوتوا من قوة.. وفي هذا نزل قول الله: “وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً”
ثامنا.. في رسل قريش.. بديل بن ورقاء.. - فأتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة.. نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها وكافرها.. لا يخفون عنه شيئا كان بمكة- فسألوه عما جاء به.. فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا.. وإنما جاء زائرا للبيت ومعظّما له.. فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش.. إنكم تعجلون على محمد.. وإنه لم يأت لقتال.. وإنما جاء زائرا للبيت.. فاتهموهم وقالوا: وإن جاء لا يريد قتالا فو الله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة!!.
- مكرز بن حفص.. ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص.. فلما راه رسول الله قال: “هذا رجل غادر”.. فلما انتهى إلى رسول الله قال له نحو ما قال لبديل.. فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال..
- حليس بن علقمة.. ثم بعثوا بحليس سيد الأحابيش.. فلما رآه رسول الله قال: “إنّ هذا من قوم يتألّهون.. فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه” فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده.. قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله.. رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله إعظاما لما رأى.. فأخبرهم بما رأى.. فقالوا له: اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك.. فغضب الحليس وقال: يا معشر قريش.. والله ما على هذا حالفناكم.. أيصدّ عن بيت الله من جاءه معظّما له!! والذي نفس الحليس بيده لتخلنّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرنّ بالأحابيش نفرة رجل واحد.. قالوا: مه.. كفّ عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به..
- عروة بن مسعود الثقفي.. ثم بعثوا إلى رسول الله حكما يطمئنون إليه.. وهو عروة بن مسعود الثقفي.. فخشي أن يناله من التعنيف وسوء المقالة ما نال من سبقه وهو من يعرفون.. فقالوا له: صدقت ما أنت عندنا بمتهم.. فخرج حتى أتى رسول الله.. فجلس بين يديه ثم قال: يا محمد أجمعت أو شاب الناس.. ثم جئت بهم إلى بيضتك- بلدك- لتفضها بهم؟ إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل.. قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا.. وايم الله.. لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا.. فلم يتمالك الصدّيق نفسه- وقد أحفظته هذه المقالة الكاذبة- أن ردّ على عروة ردا جارحا مؤلما.. فقال: من هذا يا محمد؟ (صلى الله عليه وسلم) قال: “هذا ابن أبي قحافة”.. فقال له: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها.. ولكن هذه بهذه..
إنها والله تفاصيل رأيناها مهمة.. لمعاناته صلى الله عليه وسلم وأصحابه…. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.