في جهاد الصحابة
مجدى سالم
الحلقة السادسة خباب بن الأرت رضي الله عنه
أولا إنه الصحابي خباب بن الأرت ابن جندلة بن سعد بن خزيمة من تميم ويكنى بأبو يحيى التميمي من نجباء السابقين وله عدة أحاديث وقيل كنيته أبو عبد الله شهد بدرا والمشاهد ولد في قبيلة تميم وأُسر في مكة فاشترته أم أنمار بنت سباع وكان صانِعًا للسيوف يبيعها ويأكل من عمل يده فلما سمع عن الإسلام أسرع إلى النبي ليسمع منه عن هذا الدين الجديد فشرح الله صدره.. ثم أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين أراد الله له الهداية مبكرًا فدخل في الإسلام قبل دخول دار الأرقم بن أبي الأرقم فكان من المستضعفين الذين عذبوا بمكة لكي يرتد عن دينه
ثانيا.. وصل به العذاب بأن ألصق المشركون ظهره بالأرض على الحجارة المحماة حتى ذهب ماء ظهره بذلك وهي أم أنمار الخزاعية.. أخذت حديدة قد أحمتها فوضعتها على رأسه فشكا خبابًا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال اللهم انصر خبابًا فاشتكت مولاته رأسها.. فكانت تعوي مع الكلاب فقيل لها اكتوي فجاءت إلى خباب ليكويها.. فكان يأخذ الحديدة قد أحماها فيكوي بها رأسها.. وإن في ذلك لعبرة لمن أراد أن يعتبر.. ما أقرب فرج الله ونصره من عباده المؤمنين الصابرين.. فانظر كيف جاءت إليه بنفسها تطلب منه أن يكويها على رأسها..
ثالثا.. لما زاد ضغط المشركين على ضعفاء المسلمين ولقوا منهم شدة.. جاء خباب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة.. فقال له.. ألا تستنصر لنا.. يعني ألا تدعو الله لنا
فقعد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه.. وقال كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه.. فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه.. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه.. والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه.. ولكنكم تستعجلون
والعظة أنه لا يعلم الغيب إلا الله.. والتوقيت عنده.. والصبر على الإبتلاء واجب.. معان تحملها الآية.. “حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ من سورة يوسف..
ويلمس عليه الصلاة والسلام واقع أصحابه وملابسات أحوالهم مع العذاب الذي يلاقون.. ويدرك أن الهدف أن يفتنوا عن دينهم.. ثم يستعلي عليهم الكفرة.. وقد يموت منهم من يموت تحت التعذيب.. وقد لا يكون من الميسور أن يدرك المرء.. بمجرد قراءة النص.. حقيقة الحال التي كانوا عليها حين طلبوا منه عليه الصلاة والسلام الدعاء والاستنصار فورا.. ولا أن يعرف المشاعر التي كانت تثور في نفوسهم.. إلا أن يعيش حالاً قريبًا من حالهم ويعاني في سبيل الله بعض ما عانوا.. لقد كان صلى الله عليه وسلم يربيهم على..
أ- التأسي بالسابقين من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم.. في تحمل الأذى في سبيل الله ويضرب لهم الأمثلة.
ب- التصبر بما أعده الله في الجنة للمؤمنين الصابرين من النعيم.. وعدم الاغترار بما في أيدي الكافرين.
ج- التطلع للمستقبل الذي ينصر الله فيه الإسلام في هذه الحياة الدنيا.. ويذل فيه أهل الذل والعصيان.
وثمة أمر آخر كبير ألا وهو.. أنه صلى الله عليه وسلم – مع هذه الأشياء كلها – كان يخطط ويستفيد من الأسباب المادية المتعددة لرفع الأذى والظلم عن أتباعه.. وكف المشركين عن فتنتهم.. وتزيل الحواجز والعقبات التي تعترض طريق الدعوة إلى الله..
رابعا.. تحدث خباب بن الأرت عن بعض ما كانوا يلقون من المشركين من عنت.. وسوء معاملة ومساومة على الحقوق.. حتى يعودوا إلى الكفر.. قال.. (كنت قينًا.. وكان لي على العاص بن وائل دين.. فأتيته أتقاضاه.. فقال لي.. لا أقضيك حتى تكفر بمحمد.. فقلت.. لن أكفر حتى تموت ثم تبعث.. قال.. فإني إن مت ثم بعثت جئتني.. ولي ثَمَّ مالٌ وولد فأعطيتك.. ).. فأنزل الله.. أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴿٧٧﴾ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴿٧٨﴾ كَلَّا ۚ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴿٧٩﴾ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ﴿٨٠﴾ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ﴿٨١﴾ كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴿٨٢﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴿٨٣﴾ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴿٨٤﴾ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا ﴿٨٥﴾ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴿٨٦﴾ لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴿٨٧﴾ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا”.. من سورة مريم.. ألقاكم على خير إن شاء الله
التعليقات مغلقة.