في جهاد الصحابة..
مجدى سالم
الحلقة الثامنة والعشرون.. أبو عبيدة الجراح.. رضي الله عنه – 1
أولًا.. مقدمة.. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة.. قال النبي: “أبو بكر في الجنة.. وعمر في الجنة وعليّ في الجنة .. وعثمان في الجنة.. وطلحة في الجنة.. والزبير في الجنة.. وعبد الرحمن بن عوف في الجنة.. وسعد بن أبي وقاص في الجنة.. وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة.. وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة”..
1-1 يقال أنه ثاني من أسلم من الرجال.. بعد أبي بكر الصديق.. رضي الله عنهما.. فعانى في مكة ما عانى بقية السابقين إلى الإسلام..
2-1 ” إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنًا.. وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ”.. وهذه شهادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته من خلقة.. لأبي عبيدة..
3-1 ومنذ أسلم نجده رضي الله عنه يتحمل من المصاعب.. ويظهر من الجلد والشجاعة ما يجعله جديرًا بلقب أمين الأُمَّة.. لحمله الأمانة على خير وجه.. فنجده يترك وطنه مكَّة مع المهاجرين للحبشة.. صيانة لدينه من إيذاء كفَّار قريش.. ثم يعود.. ثم يهاجر للمرَّة الثَّانية إلى المدينة.. امتثالًا لأمرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وفي المدينة يشارك أبو عبيدة في الدفاع عن العقيدة وعن الدولة الوليدة.. فيشهد غزوة بدرٍ فيبلي البلاء الحسن.. ثم يشهد غزوة أُحد.. وحين يرى أبو عبيدة رضي الله عنه المشركين يحيطون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحاولون قتْلَه.. لا يتأخر في أن يسرع للدِّفاع عن حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم..
4-1 ثم يستعين به خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. ففي خلافةِ سيدنا أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه يرسله على رأس جيوش المسلمين التي تواجه الرومان في بلاد الشام.. واستطاع أن يدير المعارك بكفاءَةٍ مما مهَّد لفتح بلاد الشَّام بلدا تلو الأخرى..
وقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه: “عليكم بالهيِّن الليِّن الذي إذا ظُلم لم يَظْلِم.. وإذا أُسيء إليه غفر.. وإذا قُطِعَ وَصَل.. رحيم بالمؤمنين.. شديد على الكافرين: عامر بن الجراح”..
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: “غيّرتنا الدنيا كلنا.. غيرك يا أبا عبيدة”. وقال: “إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حيّ استخلفته”..
5-1 وفي عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفتح بيت المقدس.. وكان ذلك إيذانًا بزوال ملك الروم عن سائر بلاد الشام.. ونظرًا لجهود أبي عبيدة بن الجراح رَضي الله عنه في فتوح الشام يجعله الفاروق عمر أميرًا على الشام.. فسار بين الناس بالعدل وكان زاهدًا متواضعًا حتى أن سيدنا عمر رضي الله عنه زاره في يوم من الأيام فقال لأبي عبيدة: “اذهب بنا إلى منزلك”.. قال: “وما تصنعُ عندي؟ ما تريد إلا أن تبكي عليّ!”.. فدخل عمر بيته فلم يرَ شيئاً غير الزهد..
ثانيا.. في التعريف به.. هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي رضي الله عنه.. وهو مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جدة.. وأمه أميمة بنت غنم.. وتذكر كتب التاريخ والسير أن زوجَ أبي عبيدة وأمَّ أولاده هي هند بنت جابر بن وهب.. ولكنَّها لم تُذكر في الصحابيات أو التابعيات.. ولا يُعرف تاريخ ميلادها أو وفاتها.. وذُكر له ولدان: يزيد وعُمير
1-2 كان وَضِيءَ الوجْهِ.. بَهِيَّ الطَّلْعةِ.. نَحِيلَ الجِسْم.. معروق الوجه.. خفيف اللحية.. طَويل اَلْقَامَةِ.. أثرم الثنيتين.. يخضّب بالحناء والكتم.. وكان له عقيصتان.. تَرْتاحُ العينُ لمرآه.. وَتَأنَسُ النَّفْسُ لِلُقْيَاهُ.. ويطمئِنُّ إِليه الفؤادُ.. وكان -إِلى ذلك- رقيقَ الحاشِيَةِ.. جَمَّ التَّوَاضُع.. شديدَ الحياءِ.. لكنَّه كان إِذا حَزَبَ الأمْرُ.. وَجَدَّ الجِدُّ.. يَغْدُو كَأنهُ الَّليْثُ (منقول)..
2-2 والمصادر التاريخية لم تذكر شيئًا كثيرًا عن حياة أبي عبيدة قبل الإسلام أو عن أسرته.. رغم كونه قرشيا.. وكأن حياته رضي الله عنه قد بدأت مع إسلامه..
ثالثا.. في إسلامه.. كان إسلامه على يدي أبي بكر الصديق نفسه في بداية الدعوة أي عام 13قبل الهجرة.. فمضى به أبو بكر وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بن أبي الأرقم إلى النبي.. فأعلنوا بين يديه
إسلامهم وشهادة الحق.. فكانوا القواعد الأولى التي أقيم عليها صرح الإسلام العظيم..
رابعا.. في حياة أبي عبيدة في مكة قبل الهجرة.. فهو قد صاحبُ النبي من أول الدعوة.. وحفظ القرآن منذ تباشير فجره الأولى.. وأوذي في سبيل الله فصبر.. ونقل الرواة أنه هاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية.. وقال بعضهم أنه هاجَرَ إلى الحبشة لكنه لم يُطل بها المقام.. حيث عاد ثم هاجر إلى المدينة المنورة..
أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. المسجد الحرام – 1910 مجموعة واطسون
التعليقات مغلقة.