في جهاد الصحابة..
مجدى سالم
الحلقة الخامسة والعشرون.. علي بن أبي طالب.. رضي الله عنه – 6
حادي عشر.. في حقيقة استخلاف علي..
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك واستخلفه على المدينة.. قال له: ” يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان.؟ فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي”.. وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرا وحاكما على اليمن.. ومعه خالد بن الوليد.. ثم وافى رسول الله عام صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.. إلى مكة.. وساق معه هديا.. وأهل كأهلال النبي.. فأشركه في هديه.. واستمر على إحرامه.. ونحرا هديهما بعد فراغ نسكهما كما تقدم..
إلى بعض النقاط الهامة..
1-11 لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له العباس: سل رسول الله فيمن الأمر بعده.؟ فقال: والله لا أسأله.. فإنه إن منعناها لا يعطيناها الناس بعده أبدا..
2-11 ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي من جملة من غسله وكفنه وولي دفنه..
و أخرج ابن عساكر عن الحسن قال : لما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكواء.. و قيس بن عبادة.. فقالا له : ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه.. تتولى على الأمة تضرب بعضهم ببعض ؟ أعهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم عهده إليك ؟ فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت..
فقال : أما أن يكون عندي عهد من النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك فلا.. و الله لئن كنت أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه.. و لو كان عندي من النبي صلى الله عليه و سلم عهد في ذلك ما تركت أخا بني بن مرة و عمر بن الخطاب يقومان على منبره.. و لقاتلتهما بيدي.. و لو لم أجد إلا بردي هذا.. و لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يقتل قتلاً.. و لم يمت فجأة.. مكث في مرضه أياماً و ليالي.. يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة.. فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس.. و هو يرى مكاني ..
3-11 وعليه فالأحاديث الصحيحة الصريحة دالة على أن رسول الله لم يوص إليه ولا إلى غيره بالخلافة.. بل لوح بذكر الصديق.. وأشار إشارة مفهمة ظاهرة جدا إليه.. حين قال: “مروا أبا بكر فليصل بالناس”..
4-11 كان علي بين يدي الصديق كغيره من أمراء الصحابة يرى طاعته فرضا عليه.. وأحب الأشياء إليه.. ولما توفيت فاطمة – بعد ستة أشهر – وكانت قد تغضبت بعض الشيء على أبي بكر بسبب الميراث الذي فاتها من أبيها عليه السلام.. ولم تكن اطلعت على النص المختص بالأنبياء وأنهم لا يورثون.. فلما بلغها سألت أبا بكر أن يكون زوجها ناظرا على هذه الصدقة.. فأبى ذلك عليها.. فبقي في نفسها شيء كما قدمنا.. واحتاج علي أن يداريها بعض المداراة.. فلما توفيت جدد البيعة مع الصديق رضي الله عنهما..
5-11 فلما توفي أبو بكر وقام عمر في الخلافة بوصية أبي بكر إليه بذلك.. كان علي من جملة من بايعه.. وكان معه يشاوره في الأمور.. ويقال: إنه استقضاه في أيام خلافته.. وقدم معه من جملة سادات أمراء الصحابة إلى الشام.. وشهد خطبته بالجابية.. فلما طعن عمر وجعل الأمر شورى في ستة أحدهم علي.. ثم خلص منهم بعثمان وعلي كما قدمنا.. فقدم عثمان على علي.. فسمع وأطاع.. فلما قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمسة وثلاثين على المشهور.
6-11 عدل الناس إلى علي فبايعوه.. قبل أن يدفن عثمان.. وقيل بعد دفنه كما تقدم.. وقد امتنع علي من إجابتهم إلى قبول الإمارة حتى تكرر قولهم له وفر منهم إلى حائط بني عمرو بن مبذول.. وأغلق بابه فجاء الناس فطرقوا الباب وولجوا عليه.. وجاؤوا معهم بطلحة والزبير.. فقالوا له: إن هذا الأمر لا يمكن بقاؤه بلا أمير.. ولم يزالوا يلحون عليه حتى أجاب..
7-11 كان تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة.. بعد فاجعة مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه سنة 35هـ.. وقد كان لمقتل الخليفة الثالث وقع كبير على مسيرة عهد خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ حيث لم يمضِ وقتٌ قليلٌ على مبايعته رضي الله عنه بالخلافة من قِبَلِ أهلِ المدينةِ المنوَّرَةِ حتى رفض عددٌ من الصحابة مبايعته.. حتى يتم القبض على قتلة عثمان رضي الله عنه للقصاص منهم.. لكن الإمام علي بن أبي طالب كان يرى أنَّ ذلك لا يكون إلا بعد استقرار الأمور؛ ليحدث تحقيق قضائي يُمَكِّن من معرفة الجناة.. وبالتالي فالتسرع في مثل ذلك لا يؤدي للوصول للحقيقة بل قد يزيدها.. وكأن الإمام علي بن أبي طالب كان يرى تقديم الحقِّ العامِّ -وهو استقرار الدولة واستتباب الأمن-.. على الحقِّ الخاص -وهو القصاص لسيدنا عثمان رضي الله عنه.. أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. المحمل واستقبال كسوة الكعبة
التعليقات مغلقة.