في جهاد النبي و الصحابة..
بقلم مجدى سالم
الحلقة الرابعة.. سعد بن أبي وقاص.. رضي الله عنه..
أولا.. هو الصحابي الجليل سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي.. و كنيته أبو اسحق..
ثانيا.. أسلم سعد رضي الله عنه وهو ابن سبع عشرة سنة.. وكان من اوائل الذين دخلوا في الإسلام.. ولقد دخل الإسلام عن طريق أبي بكر الصديق رضي الله عنه.. إذ كان يتمتع بخلق حسن وعشرة طيبة للناس.. وكان مألوفاً و موثوقاً فيه.. وقد لقي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عنتاً شديداً من المشركين بسبب إسلامه.. فقوطع هو ومن آمن معه.. فقد قرر المشركون ذلك.. فلم يبيعوهم ولم يبتاعوا منهم ولم ينكحوهم أو ينكحوا منهم.. وأصاب المسلمين حينها حوع شديد وكانت تمر على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وعلى المؤمنين بعد الهجرة ظروف قاسية.. لا يجدون ما يأكلون إلا الأعشاب والحشائش وورق الشجر.. وبخاصة في الغزو.. فقد روى الإمام البخاري رحمه الله عن سعد قال.. كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وما لنا من طعام إلا ورق الشجر..
ثالثا.. هاجر سعد إلى المدينة المنورة.. وقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ سيد الأوس.. رابعا.. هو احد العشرة المبشرين بالجنة.. وأحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب لتكون إمارة المسلمين فيهم.. خامسا.. تعرض سعد بن أبي وقاص.. رضي الله عنه.. للفتنة من قبل والدته الكافرة.. فامتنعت عن الطعام والشراب.. حتى يعود إلى دينها.. يقول ابن كثير.. قال الطبراني في كتاب العشرة أن سعدًا قال.. أنزلت فيّ هذه الآية.. ” وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا” سورة العنكبوت الآية 8.. يروي سعد بن أبي وقاص.. قال.. ” كنت رجلاً برًا بأمي فلما أسلمتُ قالت.. يا سعد.. ما هذا الدين الذين أراك قد أحدثت.. لتدعنَّ دينك هذا.. أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي.. فيقال لك.. يا قاتل أمه”.. فقلت.. لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني لشيء.. فَمَكَثت يومًا وليلة لم تأكل.. فأصبحت قد جهدت.. فمكثت يومًأ آخر وليلة أخرى لم تأكل.. فأصبحت قد جهدت.. فمكثت يومًا وليلة أخرى لا تأكل.. فأصبحت قد اشتد جهدها.. فلما رأيت ذلك قلت.. يا أُمَّه تعلمين.. والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا.. ما تركت ديني هذا لشيء.. فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي”.. فأكلت.. . ويروى مسلم.. أن أم سعد حلفت ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه.. ولا تأكل ولا تشرب.. قالت.. زعمتَ أن الله وصاك بوالديك.. وأنا أمك وأنا آمرك بهذا.. قال.. مكثت ثلاثًا حتى غَشي عليها من الجهد.. فقام ابن لها يقال له” عُمارة “.. فسقاها فجعلت تدعو على سعد.. فأنزل الله عز وجل في القرآن الكريم هذه الآية.. ” وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٨﴾”.. من سورة العنكبوت.. على الهامش.. نذكر هنا من سورة لقمان.. اقرأ.. ” وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴿١٤﴾ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿١٥﴾”.. قال.. فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاهها بعصا ثم أوجروها.. (أي أجبروها على الأكل)..
سادسا.. فمحنة سعد محنة عظيمة.. وموقفه موقف فذ يدل على مدى تغلغل الإيمان في قلبه.. وأنه لا يقبل فيه مساومة مهما كانت النتيجة.. ومن خلال تتبعنا للقرآن المكي.. نجد أنه رغم قطع الولاء سواء في الحب أو النصرة بين المسلمين وأقاربهم الكفار.. فإن القرآن أمر بعدم قطع صلتهم وبرهم.. والإحسان إليهم.. ومع ذلك فلا ولاء بينهم.. لأن الولاء لله ورسوله ودينه والمؤمنين..
**سابعا.. كان سعد بن أبي وقاص أحد الفرسان.. وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله.. وهو أحد الستة أصحاب الشورى.. ألقاكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. في الرواق البهي.. في المسجد النبوي
التعليقات مغلقة.