في جهاد والصحابة.. الحلقة الواحدة والأربعون.. الحصار الإقتصادي في شعب أبي طالب
في جهاد والصحابة..
الحلقة الواحدة والأربعون.. الحصار الإقتصادي في شعب أبي طالب
بقلم المهندس مجدي سالم
البند الأول.. في الحصار.. لقد أيقنت قريش.. بعد المرحلة التي مرّت بها الدعوة الإسلامية الأولى.. أن جميع محاولاتها لضرب هذه الدعوة ودفنها في مهدها باءت بالفشل. فلا المفاوضات تمكنت من تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد ولا سياسة الإغراء بالمال والجاه ولا سياسة الإرهاب والتعذيب ولا سلاح الدعاية ونشر الشائعات والإفتراءات.. كل هذا لم يحل بين الناس والدخول في الإسلام. فالمسلمون كانوا يزدادون يوماً بعد يوم.. حتى أصبحوا قوة لا يستهان بها ولا يمكن مكافحتها بسهولة.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يزداد ثباتا وإصراراً وقدما في تبليغ الرسالة الإسلامية.. من هنا قرر المشركون أن يقوموا بمحاولة جديدة لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته وهي المقاطعة لجميع بني هاشم وفرض حصار اجتماعي واقتصادي على المسلمين.
وقدّروا أن هذا الحصار سوف يؤدي إلى ثلاثة أمور:
- إما قيام بني هاشم بتسليمهم محمداً لقريش ليقتلوه..
- وإما أن يتراجع الرسول نفسه عن الدعوة..
- وإما القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم والجميع من معه من الهاشميين جوعاً وعطشاً تحت وطأة الحصار.
وهكذا اجتمعوا في دار الندوة وكتبوا وثيقة جاء فيها على الإلتزام بالأمور الأتية :
أولا : ألا يزوجوا أحدا من نسائهم لبني هاشم.. وألا يتزوجوا منهم.
ثانيا: ألا يشتروا منهم شيئا ولا يبيعونهم شيئا.. مهما كان نوعه.
ثالثا : ألا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور.
رابعا : أن يكونوا يدا واحدة ضد (محمد صلى الله عليه وسلم) وأتباعه.
وقّع على هذه الصحيفة الظالمة أربعون رجلا من زعماء قريش والشخصيات البارزة فيها.. وعلقوها في الكعبة.. وكان ذلك في أول شهر محرم من السنة السابعة للبعثة النبوية الشريفة.. ولمّا علم أبو طالب بذلك جمع بني هاشم وبني عبد المطلب وحمّلهم مسوؤلية الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمايته والحفاظ على حياته.. وأمرهم بالخروج من مكة والدخول في شعب يقع بين جبال مكة كان يعرف بـ”شعب أبي طالب”.
وكان في هذا الشعب بعض البيوت العادية والمساكن البسيطة فدخل بنو هاشم الشعب بكاملهم.. المسلمون منهم والكافرون ما عدا أبا لهب.. وكانوا أكثر من أربعين رجلا عدا نسائهم وأطفالهم.. وبقوا محاصرين في هذا الشعب سنتين أو ثلاث سنين.. أي من السنة السابعة حتى السنة العاشرة.. ومن أجل إحكام الحصار عليهم اتخذ المشركون عدة إجراءات.. وكانت:
أولا : نشر الجواسيس والمخبرين على الهاشمين حتى لا يأتيهم أحد بالطعام..
ثانيا : حذروا كل قادم إلى مكة المكرمة من التعامل مع المسلمين.. وكانوا يهددون كل من يحاول بيع المسلمين شيئا بنهب أمواله.
ثالثا : لم يتركوا طعاما إلا واشتروه خوفا من وصوله إلى المسلمين المحاصرين.
البند الثاني.. في أبي طالب الحارس الأمني ففي المقابل.. ومن أجل حماية النبي صلى الله عليه وسلم.. قام أبو طالب بعد فرض الحصار عليهم ودخولهم الشعب بالإجراءات والتدابير الأتية:
أولا: تحصين الشعب وحراسته في الليل والنهار.. فكان أبو طالب يتولى حراسته هو وحمزة وغيرهما من بني هاشم على مدار الساعة.. خوفا من تسلل أحد من المشركين ووصوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليغتاله على حين غفلة..
ثانيا : نقل النبي صلى الله عليه وسلم من مكانه الذي ينام فيه إلى مكان أخر كإجراء أمني للحفاظ على سلامته.. فقد كان أبو طالب يأمر الرسول أمام الناس بأن ينام في مكان معين.. حتى إذا الجميع علم مكان مبيت الرسول.. كان أبو طالب يعود عند نيام الجميع ويوقظ النبي صلى الله عليه وسلم من مكانه ويأمر أحد أبنائه.. مثل علي بن أبي طالب.. بالنوم مكان الرسول.. ومن ثم يأخذ الرسول إلى مكان أخر لينام فيه.. وهذا الإجراء كان لو قدر لأحد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم يصيب أحد أولاد أبي طالب فيسلم النبي.. وكم قال المؤرخون عن الأوضاع التي عاشها المسلمون خلال مدة الحصار.. ..
ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.